شنقيط قبلة الإبداع …وتثمين وصيانة التراث…!!

نواكشوط 11 اكتوبر 2019 ( الهدهد .م .ص)

بدأ العد التنازلي لإحتضان مدينة شنقيط لفعاليات النسخة التاسعة من مهرجان المدن القديمة في بدية شهر نوفبر القادم .
لاشك أن احتضان أم القرى الموريتانية وجوهرة الصحصراء وحاضنة الثقافة في هذا القطر الذي اشتهر بإسمها زمنا طويلا مدينة شنقيط لهذه النسخة يكتسي اهمية بالغة في ظرفه الزماني…
فمرة اخرى يتكرر اللقاء ويتجدد العطاء وينتقل الإبداع الفني والثقافي من كل فج من هذا الوطن ومن دول الجوار لينيخ رحله بهذه المدينة التي ظلت في الأزمان الغابرة قبلة كل قاصد لنيل العلم والمعرفة ومركز إشعاع بين رمال هذه الصحراء.
شنقيط الحبر والقلم .. شنقيط التمر و الماء الزلال ..شنقيط معبر القوافل العائدة من بلاد التكرور الى مشارق الارض ومغاربها محملة بالزرع والفستق لتعود طريقها حاملة تارة الزرابي وانواع المنتجات الاخرى، وطورا تحمل اغلى سلعة في تلك العصور الملح المستخرج من مقالعه في تيرس زمور.
لقد أعطى سكان مدينة شنقيط كما  هو الحال لأخواتها الثلاث ظهرهم لها وهجروها في بداية ميلاد الدولة الحديثة بحثا عن حياة أكثر ملاءمة وأقل عناء من الحياة في تلك المدن التي لم تجد نصيبها من أهتمام الحكومة   بها في الحاضر ولا بدورها التاريخي الذي كان جواز  سفر لحامله مختوما عليه بتأشرة دخول إلى كل بقاع العالم.
وفي بداية سبعينيات القرن الماضي وبعد تقارير من باحثين أجانب زاروا  هذه المدن واطلعوا على ما تزخربه مكتباتها من المخوطات النفيسة وما ترك الفاتحون فيها من تراث معماري جدير بالصيانة والمحافظة عليه من الاندثار ، قررت “اليونسكو “وبتعاون مع الحكومة الموريتانية ان تسجل مدينة شنقيط سنة 1996 على قائمة التراث الانساني العالمي…
وتم التوقيع بين الطرفين على دفتر شروط والتزامات يلتزم كل طرف بتطبيقه على الوجه الذي تم الاتفاق عليه، لكن الجانب الموريتاني مرة اخرى،  تخلى عن متابعة تطبيق التزاماته في المحافظة عل احترام وضعية المدن القديمة وعدم إدخال المواد الحديثة في حيزها الجغرافي .
وبعد زيارات متتالية من بعثات اليونسكو لهذه المدن وتحذير السكان من تغيير النمط الحضري للمدن القديمة، وعدم استجابة السكان ومواصلة اضافة بعض المواد الحديثة الى البنايات القديمة وتشييد بعضها بنمط معماري جديد كادت اليونسكو ان تأخذ قرارها بالشطب عليها من قائمة التراث الإنساني العالمي .
لكن الحكومة الموريتانية تداركت الامر بإصدار مشروع مرسوم في بيان مجلس الوزراء تقرر بموجبه تنظيم مهرجان سنوي بالتناوب بين المدن الاربعة ، يهدف إلى اعادة الاعتبار لها ونفض غبار النسيان عنها من خلال تثمين ما قدمته من عطاء متميز في شتى مناحي الحياة لهذا الوطن العزيز..
واذا كانت النسخ الماضية من هذا المهرجان تركت اثرا ايجابيا في اعادة الاعتبار لهذه المدن ،فإنها لم تصل بعد الى ما كان ينتظره السكان من خلق فرص لإنجاز مشاريع يتجدد عطاؤها كل يوم ليغير من حياة السكان المعيشية ويشجع عودة المهاجرين الى منازلهم، لئلا يظل المهرجان موسما عابرا ينتهي ذكره عند اسدال الستار على آخر نشاط من  فعالياته.
إن تنظيم النسخة التاسعة من هذا المهرجان بمدينة شنقيط التي انطلقت نسخته الأول منها تتزامن هذه السنة مع مستهل بداية مشوار مأمورية رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ، مما يتطلب من القائمين على تنظيم  المهرجان تنفيذ تعهداته لسكان شنقيط في أول زيارة لهم بداية حملة الانتخابات ، حيث تعهد لهم بمواصلة تنظيم المهرجانات ، لكن بنمط جديد يضيف لها مشاركة عالمية تعزز دورها وتضاعف عطاءها، مما يعود له صدى ايجابي مادي ومعنوي على سكان المدن القديمة .
وحسب معلومات حصل عليها موقع “الهدهد” فإن اللجنة الفنية المكلفة بتحضير المهرجان تحت إشراف وزير الثقافة والصناغة التقليدية والعلاقات مع البرلمان الدكتور سيدي محمد ولد الغابر، تعمل كخلية نحل في هذه الأيام لوضع اللمسات الأخيرة بغية  ضمان نجاح فعاليات هذه النسخة التي ستشهد مشاركة العديد من الضيوف بمافيهم المملكة المغربية الشقيقة  كضيف شرف على المهرجان.

الشريف بونا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً