رسالة الهدهد هد …/ هل يسجن الانبياء…/ الشريف بونا
عندما بعث لي احد رواد الموقع بقصيدة تتناول مستوى تدني قيمة العلم والمعلم في مجتمعنا الذي بنى مجده وحضارته في الصحاري القاحلة بتشبثه بالعلم واحترامه وتقديره للعلم والعلماء .
ذكرتني هذه القصيدة بقصة نقيضة لها وقعت في العراق ايام القائد الشهم الشهيد صدام حسين .
تمثلت في طرحه لسؤال على حراس أحد القصور الرئاسية تقول القصة :
للتاريخ صدام حسين يسأل حرس أحد القصور الرئاسيّة بغضب شديد سؤال وجيه وتأريخي:
كيف يُسجن الأنبياء ويهانون ؟
هذه القصة بدأت فصولها في الساعة الحادية عشرة من أحدى ليالي شهر تموز عام ١٩٩٧ ، عندما ارتطمت سيارة نوع ( كرونا ) موديل ١٩٨١ بالسياج الخاص بقصر الزهور الرئاسي بكرخ بغداد، فهرعت الحمايات الخاصة بالقصر واعتقلت صاحب السيارة، وهو رجل في الخمسين من عمره.
فَتَمَّ ضربه واهانته وتعنيفه، فيما تم أيضاً سحب السيارة منه، وإيداع سائقها في سجن (كرادة مريم) بكرخ بغداد، بدعوى أن صاحب السيارة كان مخموراً، وينوي اقتحام القصر الرئاسي.
مدير المركز والقيادات الأمنية استنفرت جهودها لمتابعة تلك الحادثة، وبعد التحقيق اتضّحَ أنَّ (راس الروط) في السيارة قد انخلعَ من مكانهِ، وأنَّ السائقَ لم يكون مخموراً، فقط (كَسِرُ الروط) أفقدَ السائقَ سيطرتَه على سيارتهِ فاصطدمت بجدار القصر، وعند إرسال الأوراق التحقيقية إلى جهاتٍ عديدة، من ضمنها ديوان رئاسة الجمهورية، كونها الجهة المتضرِّرة من الحادث ولها الحق في إقامة الدعوى القضائية والمطالبة بالتعويضات عن الأضرار التي ألحقها سائقُ السيارة بجدار القصر الرئاسي .
فوجىءَ القاضي المختص بمهنة السائق، فعرفَ من هويتهِ، أنه (مدرس) وأنَّ الحادثَ كان عرضيّاً ليس فيه نوايا ذات طابع أمني أو سياسي، فرفع القضية وأوراقها إلى ديوان الرئاسة، ما أثار الأمر حفيظة رئيس الديوان فكتبَ إلى مكتب السيد الرئيس صدام حسين للبت بتلك القضية وإعلام سيادته بمهنة سائق السيارة، فوراً قرّر الرئيس صدام حسين التالي :
– إطلاق سراح السائق فوراً.
– تعويضه بسيارة حديثة من نوع ( اولدزموبيل ).
– صرف مكافأة مالية سخيّة له.
– تقديم اعتذار خطي ورسمي له من ديوان الرئاسة.
– معاقبة ضبّاط ومنتسبي حرس القصر الرئاسي .
ثم كتب السيد الرئيس صدام حسين بغضب هامشاً موجّهاً لضباط القصر الرئاسي وحرسه، وهو يسألهم: كيف يُسجن الأنبياء ويهانون؟
هكذا كان ينظر الرئيس صدام إلى المعلمين والمدرسين والأساتذة عموماً، وهكذا كانت قيمة الأسر التعليمية في العراق.
إهداء للمدرسين فقط من أجمل ما قرأت.
تحية لكل معلم، وألف رحمة عليك يا صدام