ما هذا العالم…. ! ؟ بقلم مريم اصوينع
جميع أحرار العالم غاضبون ثائرون لما يشاهدونه من قتل في أرض فلسطين لكن هذا الغضب لا يصل إلى الإدارة الأمريكية، بل ليست الإدارة فقط إنما الإمبراطورية الامبريالية الأمريكية ، هي دولة تدعي الديمقراطية وحقوق الشعوب، وتسن لها القوانين، …وفي نفس الوقت تقدم 14 مليار دولار تجهيزات عسكرية للكَيان الإسرائيلي بهدف إبادة الشعب الفلسطيني، ما هذا التناقض ! و كيف يمكن أن نفهم هذا التبني الأعمى لهذا الكَيان الإسرائيلي المغتصب لأرض فلسطين ؟!
ببساطة شديدة إن إسرائيل تمثل قيمة إستراتيجية عالية لهذه الإمبراطورية، فقد غُرست في تلك المنطقة كَكيان وظيفي لأنها تقدم خدمات مهمة للمستعمر الغربي منذ الانتداب البريطاني إلى اليوم،
حيث اُستمر الغرب في تثبيتها واستمرت هي في توطين نفسها إلى أن وصلت إلى المربع الأمريكي فتبناها بقلب رحب لأنه يحافظ على مصالحهه في المنطقة العربية.
عندما نعود تاريخيا للوراء لا ننسى أن أمريكا خرجت أكبر منتصر على النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية، واستطاعت بذلك أن تصمم النظام الدولي سياسيا واقتصاديا لكي تديره بلا منازع، فقد كانت تعمل وفق مبدأ الرئيس مونرو،
و هو عدم السماح لأي دولة غيرها بإقامة حلف عسكري، ومن اجل ان تبقى دائما في هذه المكانة هناك ثلاث أماكن استراتيجية تعطيها أكبر اهتمام منذ الحرب العالمية الثانية إلى يومنا هذا.
عندما اضعفت الولايات المتحدة الامريكية المكسيك و أنشأت الهيمنة على القارة الأمريكية، خرجت إلى الجزء الشرقي من العالم فقامت ببناء قوة بحرية متينة، حيث استعمرت الفلبين وعددا من الجزر لكي تبني مواقع عسكرية إستراتيجية، وأنشأت حلف الناتو بهدف التضييق على روسيا، إضافة إلى وجود مكان حيوي لبعض مواقع الدول العربية و منطقة الشرق الأوسط، من بينها دول صغيرة وضعيفة، يمكن السيطرة عليها مقابل الحماية الأمنية، لذا أتت أهمية إسرائيل في الذهنية الأمريكية لأنها هدف استراتيجي وعامل مهم نظرا لطموحات أمريكا في المنطقة.
فإسرائيل هي بؤرة لصراع دائم مع ضمان حمايتها إضافة إلى بقاء الدول العربية مجزأة لا يمكن أن تتحد على رأي، و تتم اعاقتها تنمويا وعلميا لتظل ارضية صالحة لصراعات داخلية كثيرة سياسية و اجتماعية و ثقافية و دينية.
اما في حالة وجود حكم يمثل الشعب، عندئذ من وجهة نظري الخاصة تصبح تلك دول دولا ديمقراطية متطورة ومتحدة، وهو أمر يؤدي إلى وجود مشروع نهضوي يتجه بهم إلى نموذج حضاري يبهر العالم، حينها تخسر الولايات المتحدة الأمريكية هيمنتها و تتضرر مصالحها في المنطقة العربية التي تعتبرها فضاءً رحبا لقواعدها العسكرية الأمريكية، إضافة إلى انها سوق مربح لبيع السلاح الأمريكي، و اعتقد ان العرب منذ فترة كانت تشتري بلايين الدولارات من الأسلحة دون معرفة الهدف من شراءها وضد من ستستخدم ! ؟
أضف إلى ذلك هيمنة الولايات المتحدة علي الطرق الاستراتيجية للتجارة مثل مضيق هرمز و ملكة و قناة السويس و باب المندب وهي تعتبر مناطق مؤثرة في الاقتصاد العالمي، ومن يتحكم فيها يتحكم في العالم، و إذا أرادت أمريكا أن تؤذي العملاق الصيني الذي صعد اقتصاديا توتر مروره لأن 80% من تجارته تعبر عن طريق هذه الممرات.
فصعود الصين جعل أمريكا تخشى من خطره جيو سياسي الاستراتيجي، والواقع أن قوة الاقتصاد يمكن أن تتحول إلى قوة عسكرية، بالتالي تبقى الصين حاليا هي شغل امريكا الشاغل.
هي صراعات معقدة هدفها المصالح والهيمنة والبقاء، ومن لا يدرك ذلك فهو غافل او متغافل. و من المهم أن يدرك العرب الديناميكية الصحيحة لتحقيق قيمة أفضل لأوضاعهم السياسية والثقافية والاقتصادية في العالم، داخل صراعات دولية قوية، فلا التضحية بشعب فلسطين هي الوسيلة للبقاء،
“فسنة الله في كونه من ظن أن يعين العدو على القريب سلطه الله عليه”، هي إذا صيغة استخلصتها مما اشاهده من السكوت والصمت التام في أوضاع لا أنكر انها صعبة و معقدة، لأن الولايات المتحدة الامريكية قزمت قدرة العرب على رد الفعل عامة وخاصة أمام إبادة شعب بأكمله، فالسلبية تجاه الوضع الراهن تجعلنا “أمة لا نستحق الحياة”.