محاكمة آلهة ” شيتيان” الصينية/. بقلم مريم بنت اصوينع

نواكشوط  5 دجمبر  2022  ( الهد هد .م .ص)

《 إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم》 الرعد 11

“قناعتك هي التي تقودك”، اخترنا هذا الموضوع من أجل العمل لإبراز أمور غَيبت عقولنا في دولة نريدها متطورة و مدنية.

كان الشعب الصيني في الأرياف في عهد الثورة يقدس تمثال الإلهة القوي المسمى ب “شيتيان” و يقدرونه ويحرقون له أطنان من البخور للتبرك والشفاء، لكن عند معارك صراع الرجعية في الأرياف آنذاك التي قام بها الحزب بزعامة ماو تسي تونغ والتي شملت كثيرا من ميادين الحياة ومن بينها هذا الفعل الذي أُعتبر ضربا من الجهل والتخلف و سببا في هدر أموال طائلة. فوجهت لهذه الآلهة اتهامات  و أُمر بمحاكمتها محاكمة شعبية و علنية، وبعد صراع حكم بهدمها ووقف تبذير الأموال عليها وتحطمت بهذه المحاكمة سلطة “شيتيان”٠ كان يوم شؤم عند الصينيين آنذاك وانتشرت خرافات وشائعات منها أن كل من كان ضد “شيتيان” سيصاب بالاسهال وسيموت.

إن مسألة التردد عند الحجاب بهدف البحث عن  شهوة خفية هي ظاهرة منتشرة لدينا ولها اماكن يزورها ويعتقد بها المتعلم والجاهل والغني والفقير إلا من رحم ربي.
هذا التردد يكون لأمور اغلبها الخوف من فقدان شيء أو البحث عنه أو عدم تقبل فكرة ما وكأن هذا الشيخ الحجاب أسهل لقاء لتسهيل الهدف من الخالق سبحانه وتعالي.
والأسباب كثيرة لانتشار هذه الظواهر في مجتمعنا. فعندما يحبط الإنسان و يتراخى عقله لأي سبب كان يتجه عقله إلى الأشياء التي في مخيلته ظنًا منه أنها حلًا لمشكلات صعبة المنال عن طريق العمل و الواقع الملموس. اتعرفون ما السبب يا أصدقائي، لأنه يهرب مما يسمي الكدح العقلي و يجد راحة آنية كاذبة في مخيلته لذلك يكون الملاذ  بيوت لحجاب ضد السحر والمس والاستخارة والعين والأمراض المستعصية، او الى مراكز الرقيا الشرعية التي أصبحت أكثر من دكاكين “السقط” و لأن بعض قنواتنا الفضائية يروج لها صارت وجهة الكثيرين واصبحت لباس ديني يسلب نقود المواطن العاجز عن التفكير.  علما أن الشيخ ربما يقرأ آيات من الذكر الحكيم وهي متوفرة لدى كل واحد منا لكن ربما يُعتبر الدفع المادي عند البعض يضفي نتيجة على القراءة حسب ظني.
فعند تواجدنا في هذه الأماكن للعلاج يحاول عقلنا الباطني خلق توازن ويرسله إلى الجسم  عن طريق مشاعر  إيجابية ، ولهذا نظن أن علاج الشيخ هو الذي شفانا.
فما ظنكم بمرض عجز العلم
التجريبي عن شفائه يمكن أن يشفيه شخص لا يسكن في مختبر علمي ولا ينزل عليه الوحي ؟.
والغريب في الأمر أننا في عصر انفجار العلم والابتكار و السبب في نظري انهيار الفكر و عدم حصولنا على العلم والوعي الفكري المحصن لنا من جهة، و من جهة أخرى فشلنا أيضا في ممارسة واستيعاب تلك الحياة الحديثة و في تقديم إنجاز واحد للبشرية في عصر العلم، بالتالي تراكمات هذا الفشل أدت إلى ردود أفعال، أولها تجعلنا ننغلق على أنفسنا ولا نفصح عن الأسباب حتى مع ذواتنا ، مما جعلنا نفكر في هذه الظواهر كحل.. والثاني رفضنا لهذا العصر العلمي الناهض ومن هم في اتجاهه.
مثل هذا النوع من العماء الفكري السائد بيننا اليوم لا يستطيع تغييره إلا العلم الذي يقبله  العقل، لكي نكشف الحقائق وذلك يبدأ بثورة تنويرية أو من الأم والأب والمدرسة. لأن البيت هو أساس ترسيخ هذه المشاعر و الأفكار ترسيخا بمنهجية جلبته من أساطير وخرافات الماضي، لذلك يلزمنا  القيام الآن بتجديد عقيدتنا وفكرنا و بأنه لا يجوز تقديس البشر او أنهم حلول لمشاكل الحياة وذلك يكون بجرأة فولاذية وعقل شجاع لا يخاف.
لماذا لا نأخذ شعارا  يكون فيه “المجد للعقل والتحقير بالخرافة، عندها  سيتيح لنا العقل فرصة لتحقيق التقدم الفكري و نخرج من دائرة القناعات الخاطئة و تتسع عقولنا للإنتاج و تطوير بلدنا.

فلا يجب أن ندرك الأمور إلا بيقين العقل والدليل الظاهر، فزمن الخرافات يجب أن ينتهي  والإيمان بأمور مضت  تناقلتها العامة لدينا بعيدا عن قناعة العقل والميول إلى العلاقة العاطفية ليس إلا ضربا من تعطيل الفكر عن التطور والتقدم وهو ما جعل الفرد منا غير مقتنع بالقيام بالعمران الوطني من جانبه، وعلينا أن نفهم أسرار العقل ولعبة الحياة بطريقة صحيحة لا تدخلنا في دائرة الشك.

مقالات ذات صلة