
“سنات”: إسراف في تأجير المعدات والسيارات ومقاولة من الباطن وعدم التقيّد بالأسعار
12 أكتوبر, 2025
وتضمّن تقرير محكمة الحسابات التأكيد على أن الشركة التي أنشئت 2009، برأس مالي يبلغ 5.9 مليار أوقية قديمة، وصل عدد عمالها إلى 272 عاملا (91 عاملا رسميا، و181 غير رسميين).
وأكد التقرير أن الشركة تلجأ لكراء معدات ثقيلة وسيارات بأعداد كبيرة بعضها طيلة السنة بشكل مستمر تقريبا، وهو ما يمكن أن يعتبر استخداما غير رشيد للموارد المالية للشركة، حيث تتجاوز مثلا كلفة كراء سيارة سنويا نصف ثمن شراء سيارة جديدة، مردفا أن الشيء نفسه يمكن أن ينطبق على المعدات الثقيلة، مما يثقل كاهل الشركة بالأعباء التي تجعلها في حالة خسارة متكررة يمكن أن تثير مخاطر جوهرية تتعلق باستمرار النشاط.
وأردف التقرير أن وضعية معدات الشركة تُظهر أن ضعف الصيانة أدى إلى اندثار كبير فيها، إذ إن ما يقارب الثلثين منها إما مندثر كليا أو يعاني من أعطال جسيمة حسب سجلات الصيانة.
وأوضح التقرير أن جدول عمليات كراء السيارات خلال سنتي 2022 و2023 يُظهر أن مجموع السيارات التي أجّرتها الشركة خلال السنتين بلغ 191 (112 في العام 2022، 79 في العام 2023)، فيما بلغ مجموع الساعات: 14.445 ساعة، بمعدل 77 يوما لكل سيارة، وتكلفة 327 مليون أوقية قديمة.
كما لاحظ التقرير أن بعض السيارات يتواصل كراؤها لفترات تغطي جل السنة المالية، موردة أمثلة لذلك بسيارات تتبع لوكالات الأمل، وسفريات صبري، وسفريات إنيمش، ووكالة محفوظ، و AITS –SARL، و SPPS.
وأشار التقرير إلى أن أسطول الشركة العامل في 2022 و2023 من المعدات الثقيلة، ومن السيارات لا يغطي إلا جزءا يسيرا من حاجتها، إذ تقدّر نسبة تغطية الأسطول العامل لحاجة الشركة بالنسبة لسنة 2022 بـ6% فقط، وارتفعت النسبة في 2023 إلى 7%.
وكشف جدول أورده التقرير أن أسطول الشركة يضم 25 سيارة أو آلية في الخدمة، و83 سيارة أو آلية معطلة.
المدير العام للشركة اعترف بأن الشركة تواجه مشكلة كبيرة في نقص المعدات الثقيلة والسيارات، لأن غالبية أسطول الشركة قد وصل مرحلة الاندثار ولا يمكن تجديده إلا عبر دعم من الدولة أو تمويل خارجي، لافتا إلى أن الشركة تمكنت هذا العام وعلى ميزانيتها من اقتناء 22 آلية ثقيلة.
ووثّق التقرير الرسمي تجاوز الحد الأقصى لتجديد عقود الكراء، وعدم تحديد حد أقصى لبعض التجديدات، حيث إن الشركة أبرمت عقودا لكراء آليات ثقيلة تضمنت بندا ينص على التجديد ضمنيا أو بملحق حده الأقصى مدة مماثلة للمدة الأصلية، إلا أنه تبين أن بعض التجديدات والملاحق تخالف هذا البند بتجاوز المدة القصوى المحددة.
وأورد التقرير جدولا يتضمن سبع آليات ما بين جرّافة وقلابة وحفارة ودماكة، ووصل مبلغ التجاوز لها مجتمعة إلى أكثر من 168 مليون أوقية قديمة.
تجزئة ومقاولة من الباطن
التقرير وثّق قيام الشركة بصفقات المقاولة من الباطن، وأورد نماذج منها، كأربع صفقات تم منحها لمورد يسمى “لولاف”، أولاهما صفقة أشغال تسوية سد”هيكل”، ومنحت له على جزأين، أولهما يوم 29 مايو 2023، وبمبلغ 21 مليون أوقية قديمة، ويوم 31 مايو 2023 بمبلغ 38 مليون أوقية قديمة.
كما منحت له صفقة إنشاء قناة تصريف مدمجة سد “اكريكر”، على جزأين أيضا، يوم 06 يونيو 2023، وبمبلغ 28 مليون أوقية قديمة للجزء الأول، و38 مليون أوقية للجزء الثاني.
وضمن صفقات المقاولة من الباطن أورد التقرير صفقة أشغال تسوية سد”تَبيته”، والتي منحت للمورد “TEL Sarl”، وبمبلغ 33 مليون أوقية قديمة، وصفقة أشغال هندسة مدنية سد “اركينة”، الممنوحة للمورد آكريسيل، وبمبلغ 13 مليون أوقية قديمة.
وفي صفقات الخدمات، أورد التقرير أنموذجين أسندتها الشركة لمورّدين خلال 2023 أيضا تطبيقا للتجزئة، كصفقة دراسة لإنشاء 10 مسارات ربط، والتي منحت للمورد ماصمبا عثمان كي، ودراسة لإنشاء 3 مسارات ربط، الممنوحة للمورد موسى اتراورى.
ونقلت المحكمة عن المسير اعترافه بهذه الملاحظات، مؤكدا أن الشركة لا تستفيد من ميزانية الدولة، وهي مؤسسة وطنية ذات طابع تجاري وصناعي ونظامها الداخلي يلزم مسيرها بالبحث عن الربح وتعتمد في أنشطتها على ما توقعه من عقود مع قطاعات الدولة، وبذلك يصعب على المسير تجميع الطلبات لوضعها في صفقات مفتوحة.
فيما رأت المحكمة أن إكراهات التسيير ينبغي أن تعالج في إطار القانون، مشددة على أن تجزئة الطلبيات تعتبر مخالفة للمادة 4 من المرسوم المتضمن تطبيق مدونة الصفقات العمومية.
المحكمة أوردت في تقريرها مثالا على تجزئة الشركة لبعض الطلبيات التي تتعلق بمشتريات من نفس الصنف، في نفس الفترة، ومن عند نفس المورد وأحيانا في نفس اليوم.
وأوردت من أمثلة ذلك صفقة اقتناء قنوات معدنية، والتي قسّمت إلى جزأين، ومنحا معا للمورد “COGEREP”، وفي نفس اليوم أي 23 مايو 2023، وبنفس المبلغ، أي 15 مليون أوقية قديمة لكل واحد منهما.
كما أوردت المحكمة مثالا آخر يتعلق بصفقة “أدوات هندسة مدنية”، والتي قسّمت إلى جزأين، ومنح جزأها الأول للمورد “ETS MMH”، يوم 27 – 10 – 2023، وبمبلغ 15.2 مليون أوقية قديمة، فيما منح جزؤها الثاني للمورد “STCTPS” في نفس اليوم، وبمبلغ 12.1 مليون أوقية قديمة.
من خارج القائمة
تقرير محكمة الحسابات وثّق منح الشركة صفقات لموردين خارج اللائحة المعتمدة من ” CIAIS”، حيث اختارت اللجنة الداخلية للمشتريات – تحت العتبة – مجموعة من الموردين من أجل كراء معدات ثقيلة محددة لكل مورّد، بينما تتعاقد الشركة مع آخرين لكراء آليات من نفس الأنواع وفي نفس الفترة موضوع العقود المنبثقة عن محاضر اللجنة المذكورة.
وأكدت المحكمة أنه في يومي 08 أكتوبر 2021 و10 يونيو 2022 اختارت اللجنة لائحة لموردين من أجل كراء الأنواع مختلفة من المعدات كالجرافات، والصهاريج، والدماكات، والحفارات، والممهّدات.
وفيما برر المدير العام للشركة الأمر بالقول إن سوق العمل المتعلق بالآليات محدود جدا، والعرض لا يتناسب مع الطلب، وظروف العمل تفرض اللجوء لما هو متاح، رأت المحكمة أن إكراهات العمل ينبغي أن تعالج في إطار القانون، مشددة على أن إسناد صفقات لموردين خارج اللائحة المعتمدة من اللجنة الداخلية للمشتريات تحت العتبة، مخالف لمقتضيات الفصل الثالث من دليل إجراءات النفقات دون عتبة الصفقات العمومية.
تأخر وإعفاء من الغرامات
محكمة الحسابات وثّقت تأخر إنجاز صفقات منحتها الشركة بالمقاولة من الباطن لشركات أخرى، وإعفاء الشركات الممنوحة لها من غرامات التأخير، وأوردت مثالين على ذلك، أولهما صفقة لإنجاز 4 سدود، منحت لمؤسسة “HAWA TP” بتاريخ: 13 – 12 – 2022، وكان مفترضا أن تكتمل خلال فترة لا تتجاوز 6 أشهر، وفي يوم 31 – 12 – 2023، أي تضاعف أجل الأشغال، كانت أشغال أحد السدود قد بلغت 70%، في حين نسبة الآخر 0، حيث إن أشغاله لم تبدأ أصلا، وذلك على الرغم من حصول الشركة على سلفة 39 مليون أوقية قديمة.
كما وثّقت المحكمة قيام الشركة بتسديد مبالغ 4 صفقات دون اقتطاع غرامات التأخير الحاصل في هذه الصفقات، وهو ما يعتبر مخالفة لمقتضيات المادة: 108 من المرسوم رقم: 024 – 2022، ومن بينها صفقة إعادة تأهيل أربعة سدود، وتم منحها لمؤسسة التوفيق، وقد وصل التأخر إلى 107 أيام، وكان مفترضا أن تصل غرامات التأخير فيها إلى قرابة 40 مليون أوقية قديمة، غير أن الشركة تخلت عنها.
كما أن منها صفقة اقتناء حفارتين، واقتناء جرافة، وقد منحت الصفقات للمورد “IVIC”، ووصلت فترة التأخير فيها إلى 146 يوما، وكان مفترضا أن تصل غرامة التأخير إلى أكثر من 15 مليون أوقية قديمة، غير أن الشركة لم تفرضها على المورّد.
كما لاحظت المحكمة أن الشركة لم تطالب بالفوائد الناجمة عن بعض حالات تأخر السداد المتعلقة بالأشغال المنجزة في إطار البرنامج التعاقدي مع الدولة، عملا بالمادة: 18 من البرنامج التعاقدي التي تنص على أن “دفع المبالغ المستحقة للشركة فيما يتعلق بكل فاتورة، أي الأمر بصرف المبالغ المستحقة، يجب أن يتم في غضون فترة لا تتجاوز 45 يوما. وإذا تم تجاوز هذا الأجل النهائي، يحق للشركة المطالبة بدفع الفوائد.
ووثّق التقرير حالات تأخير سداد عديدة، تراوحت بين 26 يوما، و429 يوما.
كما وثّق التقرير نواقص في توثيق بعض عمليات الاستلام، فبعض عمليات استلام المواد الأساسية (كالإسمنت والحصى والحديد) تقوم فقط على أساس توقيع وذكر عبارة “استلم” على وثيقة التسليم التابعة للمورد دون أن تحمل ختم الشركة أو اسم أو رقم هوية الموظف المشرف على هذه العملية، وهو ما قد ينتج عنه مخاطر مختلفة.
وأورد التقرير ضمن الاختلالات تسجيل ضعف في تأطير إجراءات خدمة الكراء، كعدم تسجيل ساعات التأجير لمعداتها الثقيلة (حفارات، جرافات، شاحنات قلابة، إلخ)، وغياب طلب كراء من طرف الزبون في أغلب العمليات، وغياب إصدار فاتورة للزبون، وعدم تحديد هوّية المستفيد من الخدمة كالرقم الوطني بالنسبة للأشخاص الطبيعيين والسجل التجاري والتعريف الضريبي للأشخاص المعنويين وهو ما ينتج عنه عدم إمكانية تأكيد حقيقة ودقة رقم الأعمال المتأتي من هذه العمليات.
وسجّلت المحكمة عدم التقيد بأسعار كراء المعدات المحددة في البرنامج التعاقدي الذي يربط الشركة بالدولة، والذي يخول للشركة تقديم خدمات للغير بموجب المادة: 12 منه المتعلقة بالأشغال، والتي تنص على “أن الشركة مخولة بتقديم خدمات لصالح الغير في مجالات اختصاصها، بشروط منها أن تكون على أساس عقود مبرمة وفقا للقوانين المعمول بها، وعدم الجمع في نفس العملية بين وظيفتي رب العمل والمشرف على العمل، وتحديد الأتعاب وفقا لأحكام المادة 10 من البرنامج التعاقدي المتعلقة بتسعير الخدمات.
كما اتهم التقرير الشركة بمخالفة بعض أحكام المدونة العامة للضرائب في علميات الكراء التي تقوم بها الشركة لآلياتها، كعدم تطبيق الضريبة على القيمة المضافة على عملية كراء المعدات، وهو ما يخالف أحكام القانون، وكذا عدم إصدار فواتير طبقا لأحكام المادة 21 من المدونة العامة للضرائب، والمتعلقة بواجبات الفوترة.
وسجّل التقرير تعاقد الشركة التعاقد مع مورّدين بدون معرفات ضريبية، وأوردت أسماء عشرة موردين يمثّلون أنموذجا لذلك، كما لاحظت المحكمة أن إحدى الصفقات وكلّ عقود الكراء المبرمة خلال سنة 2022، لم تخضع للتسجيل القانوني لدى المديرية العامة للعقارات وأملاك الدولة
