عن أي “أبارتيد” يتحدث هؤلاء..؟ !!!!

 

يردد البعض كثيرا أن نظام الحكم في موريتانيا نظام فصل عنصري (أبارتبد) , من بين هؤلاء نواب في الجمعية الوطنية ومنهم من ترشح للرئاسة مرات عديدة فاختلطت الأمور على الناس واحتاروا هل الذي يتحدث عنه القوم هو ذاته النظام الذي جثم على جنوب أفريقيا عقودا ولا يسمح لغير البيض أن يترشح ولا يسمح لغيرهم أن يَنْتخب أم أنهم يقصدون نظام “أبارتيد” تخيلوه ليعود عليهم الدفع به بمنفعة بغض النظر عما قد يلحقه ذلك من أذى كبير للبلد وشعبه …. فتوجب التذكير بقواعد هذا النظام وحقيقته وإزالة اللبس عن ماهيته ليحكم كل بنفسه إن كان في موريتانيا وجه شبه واحد مع هذا النظام البغيض…
“الأبارتيد” في اللغة “الأفريكانية” تعني الفصل والتمييز و”الأفريكانير” مجموعة مستوطنين هولنديين استوطنوا المنطقة منذ القرن السابع عشر وانضم إليهم مستوطنون آخرون أقل عددا غالبيتهم من أصول فرنسية وألمانية فنشأت لغة هجينة من لغات القوم الثلاثة سميت اللغة “الأفريكانية”…..
أسس هؤلاء نظام “الأبارتيد” وهو نظام تمييز عنصري مؤسسي يستند على تشريعات وقوانين تم اعتماده من قبل الحزب الوطني الحاكم في جنوب أفريقيا عام 1948 ويقوم على ثوابت معروفة لا تغيير فيها ولا تبديل ناطقة بذاتها لا يستحي أصحابها من الجهر بها ولا تقبل في نصها أي تأويل:
-أولها تحريم مَواطِن البيض على السود الذين يمثلون ثمانين بالمائة من السكان فلا يجتمع الطرفان في حي ولا في قرية وللأسود “دفتر مرور” يحدد له الأماكن التي يجوز له أن يستقر بها وتلك التي يمكنه أن يمر بها….فهل يحرم على أسود من أي ثقافة كان أن يسكن بجوار أبيض في أحياء وقرى ومدن موريتانيا !!!!! واقع حال هذي الأرض وشعبها أن الجميع يعيش جنبا إلى جنب تتداخل مساكننا “عربا” و”فُلَّانا” و”سوانكَ” وَ”وُلفا” تجمعنا المآذن والمحاظر وحِلق الذكر والوِرد الصوفي كل له من الآخر مشيخة وله في موطن شيخه محجة يأوي إليها تذكارا لأوراد استغفار وتسبيح وحمد تُنقي القلوب وتذكر بيوم الدين وتدعو للألفة والخير ويجتمع أبناؤنا في المدارس وتجمعهم الجامعات والباصات والطرقات والملاعب والمقاهي……
-أما الثاني من ثوابت هذا النظام أن لا يجوز الزواج المختلط بين السكان البيض وغيرهم ومن تجاوز هذه القيود يكون أتى جرما يعاقب عليه القانون……!!!!! فهل توجد فقرة من قانون موريتاني قديم أو حديث تمنع على الأسود أن يتزوج من ذات بشرة بيضاء أو تمنع الأبيض أن يتزوج من سمراء اللون !!!!
الزواج في بلادنا قرار فردي شرطه الوحيد أن يتفق طرفاه عليه وأن يكون وفق شرع الله وحين تُستكمل شروط صحته لا يكون لسلطة دخل فيه ولا لقانون….
-الثابت الثالث أن يستنكف السود في أحياء خاصة بهم “البانتوستان” لا يخرجون منها ولا يقربون أحياء البيض ومن يفعل منهم ذلك يكون قد أتى إثما كبيرا يطاله سوط قانون لا يرحم من يخالف قوانين سمو وتميز الرجل الأبيض…..!!!!! فهل يذكر أحد وجودا لمثل هذه الأحياء المحرم التواصل بينها في موريتانيا وأين هذه الأحياء الخاصة بجماعة عن أخرى في طول بلادنا وعرضها !!!!!
-أما رابع هذه الثوابت أن حقوق البيض تختلف عن حقوق غيرهم من السود والملونين في المدرسة والمشفى والتأمين الصحي والخدمة العمومية………!!!!! فهل توجد في موريتانيا مدرسة خاصة بالبيض وهل يوجد فيها مشفى خاص بهم أو باصات لا يستغلها غيرهم الخ …….!!!!!
-وآخر ثوابت نظام “الأبارتيد” البغيض أن لا يُسمح لغير البيض بالتصويت ولا يُسمح لهم أن يترشحوا لأي منصب ، فغير البيض “أشياء” وليسوا بشرا يعقلون…..فهل يمنع مواطن موريتاني أن يدلي بصوته في أي استحقاق وهل يمنع في موريتانيا أي مواطن من أن يترشح لأي منصب…..
العمل السياسي عرض لمشروع مجتمعي يُستفتى الناخب عليه وجَودةُ أي معروض عنصر أساس من أسباب قبوله عند الناس ومثل هكذا مشروع لا يستغني عن أمرين أولهما أن يكون مقنعا وثانيهما أن يكون صحيحا وصادقا صاحبه وهذه الضوابط وحدها هي التي تحدد صدقية الفاعل السياسي ومصير مشروعه….
فمن حق السياسي أن يعارض ومن حقه أن يوالي ولكن من حق المواطن عليه أن يصدقه وأن لا يتحدث إليه إلا ببرهان وأن لا يستغبيه وقمة الاستغباء أن يتحدث مرشح رئاسي أو نائب برلماني عن وجود نظام فصل عنصري في موريتانيا…..

عارضوا كما تشاؤون ولكن حافظوا على قدر ولو يسير من المصداقية ولا تنسوا أن من يقول إنه يشكو الظلم عليه أن يكون أحرص الناس على احترام قوانين الجمهورية وأحرص الناس على سمعة بلده وشعبه…..

مقالات ذات صلة