محمد الراظي يقول ل” الهدهد” : تجكجه مدينة بإرادة سكانها صامدة في وجه عاتيات الزمن …

 

تجكجه 25  يونيو 2020 ( الهدهد .م .ص)

تعتبر مدينة تجكجه  بتاريخها الحافل بالتضحيات من اجل ترسيخ دعائم الدولة الموريتانية الحديثة المجسد  في  الدور الذي لعبه الرعيل الأول من أطر المدينة مما جعلهم  نبراسا ينير الطريق في تنمية البلد على جميع الصعد .
وقد تعزز دور الولاية عندما حصل البلد على استقلاله عن المستعر سنة 1960 حيث شغل أطر المدينة مناصب هامة سياسية وإدارية واقتصادية  وكانت جهودهم منصبة على تنمية البلد ونشر العلم والمعرفة ..
وظلت مدينة تجكجه بواحات نخيلها وأراضيها الصالحة للزراعة والتنمية الحيوانية قلعة خصبة من قلاع التنمية المستدامة في البلد.
ولتسليط الضوء أكثر حول هذه المدينة أجرى موقع “الهدهد الإخباري” مقابلة مع إطار من أبناء المدينة الساعين إلى تنميتها ونفض غبار النسيان عن تراثها الغني هو الدكتور محمد الراظي ولد صدفن الأستاذ بجامعة نواكشوط العصرية.
وهذا نص المقابلة في سؤال وجواب :

سؤال : تعيش مدينة تجكجه كباقي مدن  الوطن هذه الأيام أجواء تأثيرات جائحة كفيد 19
على حياة السكان فما هي أنجع السبل للتأقلم مع هذه المرحلة؟

جواب : أود في البداية أن أتقدم بجزيل الشكر إلى القائمين علي موقع “الهدهد الاخباري” علي الأهمية الكبيرة التي يمنحونها لقضايا التنمية بصفة عامة, وتنمية مقاطعة تجكجه علي وجه الخصوص والتي تحظي بتغطية إعلامية معتبرة ضمن المساحة الإخبارية اليومية للموقع.
وللإجابة علي السؤالكم  فمن نافلة القول ان تاثيرات جائحة “كوفيد ١٩ ” هي تاثيرات عالمية ولم تسلم منها أية دولة في العالم وقد أضرت إلى حد كبير بالأقتصاد العالمي .
وأثبتت التجارب اليوم أن أفضل وسيلة للتأقلم مع هذه الجائحة تتمثل في الألتزام بالتباعد الأجتماعي وارتداء الكمامات والألتزام بقواعد الحجر المنزلي وتحاشي ما أمكن الاكتظاظ والتجمهر .
سؤال يعاني سكان الولاية من شحاحة في الماء الذي هو عصب الحياة فمن وجهة نظركم كيف تتم معالجة حل هذا المشكل؟

جواب : بادئ ذي بدء لا بد من التطرق إلى أن مشكل المياه ليس جديدا ويلعب فيه العديد من العوامل الجيمورفولوجية والمناخية والديموغرافية والاقتصادية وغيرها.
إلا أنه اصبح اليوم يطرح معادلة صعبة و شا ئكة لابد من العمل الجاد من أجل إيجاد الحلول المناسبة لها .
وعليه فإنه لايمكن تصور مدينة بدون سكان, كما لايمكن لأي استقرار بشري أن يقع دون الحصول على المصادر المائية الضرورية للبقاء والتنمية .
وحسب رأيي المتواضع فإن هذا المشكل تفاقم في السنوات الأخيرة بفعل استمرار الجفاف في المنطقة وتتايع السنين عليها والتي حرمت المدينة من تجديد بحيرتها المائية السطحية وبروز ظاهرة حفر الآبار المعمقة وسط واحات النخيل وهو ما زاد للأسف من حدة وتفاقم المشكل .
وأعتقد أنه في إطار الحلول النهائية لابد أن تترك البحيرة المائية السطحية وبقية الموارد المائة الاخري الجوفية كموارد عامة مخصصة لسقاية المدينة، في حين يبدء البحث عن موارد أخرى خارجة عن محيط المدينة وجلبها عبر شبكات التوصيل لاستخدامها في تنمية النخيل، وهنا لا بد من ان نعول على جهود الحكومة بالدرجة الأولى ومساندة القطاع الخاص في الدرجة الثانية.
سؤال : من أهم مصادر توفير العيش للمواطنين في مدينة تجكجه واحات النخيل التي عانت في السنوات الماضية من جائحتين كادتا أن تقضي على هذه الوحات” الدودة الحمراء” وندرة المياه الناجمة عن قلة التساقطات المطرية فهل من سبيل لصيانة ما تبقى من هذه الواحات ؟
جواب : فيما يتعلق بتنمية وصيانة ما تبقي من النخيل بعد الٱفات التي تعرض لها خلال السنوات الآخيرة وندرة المياه، فإنه لابد من التذكير بأن الإجابة على هذا السؤال هي مرتبطة بالسؤال الذي قبله المتعلق بوضعية المياه وفي هذا المنحى لا بدّ من الإشارة إلى أن الٱباء الذين

أسسوا المدينة في آواخر القرن السابع عشر ميلادي ربطوها من الناحية الاقتصادية بواحات النخيل المغروسة على جنبات الوادي و هذا مايفسر أهمية الاقتصاد الواحاتي في التاريخ الأقتصادي والأجتماعي والثقافي للمدينة وهو اليوم لايزال يشكل العمود الفقري للأقتصاد المحلي الذي يعتمد عليه جل سكان المدينة ويتوقف مستقبلهم علي تنميته.

لقد ظهرت خلال السنوات الأخيرة رابطة تنموية تعنى بالمحافظة على تنمية غرس النخيل بالمدينة وهي اليوم تعتبر من هيئات المجتمع المدني الناشطة في المطالبة بتشجيع المنتجين في هذا المجال وتثمين الاقتصاد الواحاتي وتبقي أهم التحديات التي تواجه الواحات وأكثرها حدة في الوقت الحاضر هي عدم توفير الموارد المائية الكافية الضرورية لتنميتها.
ولا أجافي الصواب اذا قلت لكم  أن ٱمال المواطنين في تكانت بشكل عام وفي مدينة تجكجه على وجه الخصوص معلقة على تنفيذ برنامج” تعهداتي” لرئيس الجمهورية السيد ، محمد ولد الشيخ الغزواني الذي من أولوياته البحث عن حل جذري ونهائي لمشكل الماء في هذه الولاية وبالتحديد في مقاطعة تجكجه.
سؤال : منذ بداية هذه الجائحة تسهر السلطات الإدارية والصحية والأمنية على إبعاد شبحها عن الولاية فماذا عن دور المجتمع المدني ومثقفي وأطر الولاية في دعم هذا المجهود؟
.
جواب : لا يسعني في هذ المقام إلا أن أشيد بالدور المتميز الذي لعبته السلطات الإدارية والصحية والأمنية في الولاية والجهود الكبيرة التي بذلت مع الاستراتيجية المحكمة التي تم تبنيها للتصدي لجائحة كورونا والتي أعطت النتائج الإيجابية المتحصل عليها اليوم .

لكن هذه النتائج ما كانت لتتم لولا الدور الايجابي والبناء الذي لعبته منظمات المجتمع المدني من جمعيات و منظمات غير حكومية وهيئات خيرية عبر نشاطات التحسيس الواسعة بخطورة الوباء والدعم المادي عبر توزيعات معتبرة لأدوات التعقيم والمواد الغذائية, كما تم اتخاذ مبادرات أخرى من طرف أطر المدينة وفاعليها السياسين استهدفت هي الأخرى الحد من الآثار السلبية الناجمة عن انتشار الجائحة ووجهت أساسا للفئات الهشة من ساكنة المدينة.

سؤال : أثبتت التجارب أن العمل الجماعي وسيلة أساسية لتنمية وتطوير المجتمعات وعاملا مساعدا لجهود الحكومات أين شباب وأطر تجكجه من إنشاء صناديق تنموية للمساهمة في تنمية المدينة؟
جواب : إن انشاء صندوق لتنمية المقاطعة يكتسي أهمية كبيرة ويتطلب مشاركة الجميع فيه.
وسبق ان أشرت إلى ذلك في المقال الذي نشرته مؤخرا حول التنمية المحلية بالمدينة.
ففي اعتقادي أنه يستحيل قيام تنمية محلية بدون إنشاء صندوق تنصهر فيه جميع الجهود من فاعلين اقتصاديين و سياسيين وهيئات مجتمع مدني وأطر إلى جانب جهد الدولة الذي يجب أن يكون محوريًا وحاسمًا.
وأعتقد ايضا أنه في هذه الحالة لا بد أن يقام بوضع نظام لتسيير الصندوق يراعي النظم القانونية المعمول بها في هذا المجال مع وضع مسطرة اجرائية صارمة وشفافة وتحديد الأولويات التنموية.
وقد اتخذت مؤخرا مبادرات تحسيسية من طرف بعض الفاعلين تدعوا إلى الأنخراط في هذا التوجه.
سؤال : مدينة تجكجه صنفت على قائمة التراث العالمي فهل هناك جهود تبذل للتعريف بها في المنظمات الدولية حيث تكون سندا لمساعي الحكومة لتسجيلها على قائمة التراث الٱنساني ؟
جواب : أود في البداية التذكير بالجهد الكبير الذي لعبته جمعيةحماية القديمة ( اكصر تجكجة القديم) والتي تأسست سنة 2017م ، وهي تقوم بحملات تحسيسية هامة حول إبراز أهمية ذلك على تراث المدينة وتثمينه وقد نفذت بعض الأنشطة الأخرى المتعلقة بترميم بعض الدور والشوارع وإعادة تأهيل بعض المرافق القديمة بالمدينة.
وقد أفضى هذا الجهد إلى تصنيف المدينة العتيقة ضمن التراث العالمي .
ونرى أن هذه الوضعية قد تؤهلها ٱلى أن تكون وجهة سياحية بامتياز، وبالتالي يمكنها أن توفر مداخيل مهمة تعود بالنفع علي الساكنة وهذا يتطلب مزيدا من الوعي للحفاظ على وضعيتها الحالية والمضي قدما في المطالبة باعتبار المدينة برمتها واحدة من المدن التاريخية التي يجب إضافتها إلى لائحة المدن المصنفة تراثا للإنسانية.
ويبقي على كل القوى الحية الفكرية والسياسية والأقتصادية والأجتماعية والشبابية أن تعمل بجد وإخلاص من أجل المساهمة في كل الجهود الرامية الى تنمية هذه المدينة العريقة والمحروسة بإذن الله والتحسين من أوضاع أهلها..انطلاقا من المثل الذي يقول ” عيب الدار على من بقى فيها”.

ادار الحوار : الشريف ولد بونا

مقالات ذات صلة