صدور كتب جديد بعنوان “هزيمة غربية” ح 3
الإنكار الحقيقي
وهل التقليل من شأن إبادة غزة والتسامح معها يساويه إنكار لواقع 7 أكتوبر/تشرين الأول؟ سؤال يرد عليه الكاتب بالقول إن طوفان الأقصى كان بمثابة صدمة كبيرة للإسرائيليين ولجزء كبير من اليهود في الشتات حول العالم، وذلك بسبب انتهاء الإيمان بالقدرة العسكرية المطلقة للجيش الإسرائيلي، والكشف عن عدم كفاءة حكومة إسرائيل.
وأدى ذلك إلى ظهور مظاهرات التأييد لإسرائيل في جميع أنحاء العالم، وخاصة في الدول الغربية، التي سارع قادتها إلى التوجه إلى إسرائيل لطمأنة حكومتها على دعمهم غير المشروط، وانشغلت وسائل الإعلام الرئيسية طيلة الحرب بمناقشة الحياة اليومية للمجتمع الإسرائيلي في أعقاب هذا اليوم المأساوي، وتجاهلت خلال 12 شهرا ما يحدث في قطاع غزة من الوحشية غير المسبوقة التي يمارسها الجيش الإسرائيلي.
وسائل الإعلام والعالم الأكاديمي
أما بالنسبة لوسائل الإعلام الرئيسية، فقد قامت -في كلا البلدين في كثير من الأحيان- بتطوير معلومات مؤيدة للمنظور الإسرائيلي، مع اختلاف مهم وهو أن قنوات التلفزيون والإذاعة العامة في فرنسا عانت من ضغوط السلطة السياسية، في حين أن الولايات المتحدة لا يوجد عمليا فيها سوى منافذ صحفية خاصة.
أما العالم الأكاديمي الذي يفترض أن يكون مساحة للمناقشة التأملية، فقد تأثر بقوة -كما يقول الأستاذ- وأصبحت المناقشة صعبة، لأنه بدلا من تبادل الحجج العلمية، كثيرا ما نرى هجمات تتم من خلال محاولة تشويه سمعة المعارضين، وخاصة من خلال إدانة كل أشكال التفكير النقدي باعتبارها مشاركة في معاداة السامية.
ومع ذلك، يقول فاسين، في المحاضرات التي ألقيتها وفي المناقشات العامة التي شاركت فيها كثيرا ما أذهلني الاهتمام بتحليل الوضع وبالدفاع عن القانون والعدالة، وشعرت أن لدى الطلاب والأكاديميين كما لدى المواطنين، رغبة في التحرر من قيود شرطة اللغة والفكر، وطلبا للتأمل فيما حدث خلال العام الماضي، وهو ما يبدو ضروريا بالنسبة لي.
وقال: إذا كان هناك تهديد وجودي، فهو يتعلق فقط بالفلسطينيين الذين تستمر أراضيهم في التقلص تحت تأثير الاستيطان والتدمير، وكما كتب عالم اجتماع إسرائيلي، إذا حاول الفلسطينيون التفاوض يتم تجاهلهم، وإذا تمردوا يتم سحقهم، وفي الكارثة الحالية، نتمسك بنموذج جنوب أفريقيا باعتباره النموذج الوحيد الذي يسمح لنا بتصور وسيلة للخروج من الكراهية العميقة الجذور بين شعب أصلي وشعب محتل”.