آلاف السنين في الصحراء تاريخ موريتانيا من البواكير حتى القرن العشرين …/ ابو العباس ابراهيم

 

قسم أبو العباس إبراهيم الكتاب إلى سبعة أقسام، وهي مرتبة تاريخيًا من القدم إلى الحداثة، يبدأ القسم الأول من أعماق التاريخ، 600 ألف عام قبل الميلاد، يصف أحوال الصحراء ومن عاشوا عليها، وينتقل بشيء من السلاسة بين الروايات التاريخية التي سبرت أغوار تلك الحقب الزمنية السحيقة. تبدو دراسة الحقب الزمنية السحيقة بديلًا عمليًا وعلميًا لتاريخ الأنساب، وهو (علم) اشتهر به سكان الصحاري والبادية، غير الحضريين.

ويلفت الكاتب النظر في القسم الثاني إلى مفارقة مهمة، حيث تشابه البيئة الصحراوية الموريتانية مع تلك التي احتضنت مهد الإسلام، حيث الصحراء الواسعة، والقبائل المرتحلة، ويحكي الكاتب الطريق التي عبر بها الإسلام غربًا من شبه جزيرة العرب إلى المنطقة المغاربية، وكيف أن هذا الصعود تزامن وارتبط بوضوح مع استعادة البربر لمكانتهم وعودتهم الفعلية للسيطرة على المغرب العربي.

والقصة كما يحكيها الكاتب أن الاهتمام الإسلامي بالمجال الصحراوي جزء لا يتجزأ من اهتمامه بشمال أفريقيا، وهو الاهتمام الذي لم يُترجم عمليًا إلا بعد موجة الفتوحات في الحقبة العمرية، ذك أن عددًا من البربر (عرفوا أنفسهم بالأمازيغ) ذهبوا للخليفة الثاني، عمر بن الخطاب، معبّرين عن رغبتهم الدخول في الإسلام، لكن عمر كان قد حرّم على جنوده الإبعاد عن طرابلس (الليبية)، وبالتالي لم يكن الجند ليبرحوا أرضهم غربًا إلا بعد مقتل الخليفة الثاني، عمر.

ويحكي الكتاب في قسمه الثالث عن دولة المرابطين، وأهم رموزها، يوسف بن تاشفين، وفي القسمين التاليين، تطرق الكتاب إلى عرب بني هلال وبني حسان، الذين غيروا وجه المغرب العربي إلى الأبد، والهلاليون هؤلاء هم عربٌ من اليمن، انحدروا من قبائل مذحج القحطانية، وإن كان سيتم تحريف نسبهم مستقبلًا ضمن عملية صناعة الأنساب التي شاعت في تلك الفترة، وقد خرجوا في أعدادٍ كبيرة بإغواء من الفاطميين، وكما يقول ابن خلدون بحق الأعراب أنهم «كالجراد المنتشر، لا يمرون على شيء إلا أتوا عليه» فإنهم سطروا ملاحم قاسية على طول رحلتهم غربًا، وخربوا مدنًا كثيرة لدى دخولهم إياها.

في القسمين السادس والسابع، يأخذ الكاتب على عاتقه مهمة رسم الصورة التي عليها تكونت بوادر الدولة المعروفة حاليًا في موريتانيا، والتي على بساطتها (تخلفها) تمثل تتويجًا لمراحل متتابعة من التدافع والتصارع.

ومن أهم ما يميز هذه الدراسة، وهي ميزة أصيلة للدولة الموريتانية قبل أن تكون للبحث، أن التاريخ الموريتاني غني بالتفاصيل التي ترسم ملامح عامة ومفصلة للتاريخ المغاربي أجمع، فالصحراء الموريتانية لا تنفك تشبه الجزائرية والمغربية، وكثيرًا ما وحد المصير هذه الدول المتجاورة.

* الثمن 75دولار  يصلكم عبر البريد أو موزع خاص والدفع عند الاستلام داخل تونس
• عنوان المكتبة حي التحرير العلوي أمام محطة المترو 5 العمران الأعلى وقبالة مركز التصوير الطبي مباشرة.

مقالات ذات صلة