الأطفال مرآة المجتمع…./ بقلم : مريم اصوينع

 

سأحكي لكم قصة عن طفل موريتاني في الخامسة من عمره وأبيه، كانا يشاهدان مباراة (جيدو) بين رجلين، أحدهما أسود البشرة والآخر أبيض، وكان الأسود يرتدي زيا أزرق بينما الأبيض يرتدي زيا أبيض. سأل الأب ابنه “من تظن أنه سيفوز؟” فأجاب الابن دون تردد – “الرجل صاحب الزي الأزرق!”- إذ لم ينتبه الطفل إلى لون البشرة أبدًا.
أما فيما يخص الموقف في الفيديو الذي انتشر على منصات التواصل الاجتماعي، فيظهر كيف يمكن للأطفال أن يتبنوا سلوكيات أو أفكارا متعصبة وعنصرية يتعلمونها من محيطهم ، سواء من الأسرة أو المدرسة أو الإعلام أو المجتمع ككل. الطفلة في الفيديو سمعت تعليقات عنصرية من البالغين حولها، مثل استخدام مصطلحات تحمل دلالات دونية، أو السخرية من لون البشرة أو الحالة الاقتصادية أو المظهر الخارجي، وغير ذلك.
الأسباب في رأيي البيئة الاجتماعية والمدرسية قد لا تشجع على الاحترام المتبادل، أو تتجاهل الحديث عن التنوع والمساواة بين الأطفال، مما قد يعزز لديهم أفكارا متحيزة ويُرسخ الصور النمطية.

في مرحلة النمو النفسي للأطفال بين (3-7 سنوات)، يبدأون بملاحظة الفروقات الجسدية مثل لون البشرة، لكن تفسيرهم لهذه الفروقات يعتمد على ما يسمعونه من حولهم. وبدون توجيه، قد يحولون هذه الملاحظات إلى أحكام سلبية تزيد من الفجوات بينهم. لذلك كيف نتعامل مع مثل هذا الموقف بين الطفلة والأخرى في الفيديو؟
– التدخل الفوري بتوجيه الطفلة التي أخطأت بلطف ولكن بوضوح، وشرح لماذا كان كلامها مؤذيًا.
وعلى المدارس أيضا أن تتدخل من خلال أنشطة تعزز الاندماج بدل العزل، وتنظم حوارات حول احترام الاختلاف.

خلاصة القول, الأطفال ليسوا عنصريين بالفطرة، لكنهم مرايا تعكس ما نعلمهم إياه سواء كان سلبيا أو إيجابيا. هذا الموقف فرصة لتعليمهم التعاطف، الاحترام، وتقدير التنوع كأساس للتعامل الإنساني في موريتانيا. العنصرية والنظرة الدونية و التفاخر بالأنساب امراض اجتماعية، والوقاية منها يبدأ بتربية جيل يرى في الاختلاف ثراءً لا عيبًا..

مقالات ذات صلة