الآن حصص الحق…./ أحمد ولد أمبارك

الثلاثاء 09 نفمبر 2021( الهدهد. ظ.ص)

ما أكثر ما يقول الناس (أفضل الأمور أوسطها) وقد اختلف في أصل الكلمة فمن قائل إنها حديث شريف معترفا بمآخذ أهل الفن على سنده ومن قائل إنها من الحكم الخالدة في التراث العربي ، لكن انعقد الاجماع على صدقية المدلول ووجاهة الاستحضار، ووسط الشيء في اللغة منتصفه كما أن الوسط يطلقه اللغويون على العدل وقد فسر القرطبي قوله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} بأنها دون الأنبياء وفوق الأمم بينما ذكر أن أوسط القوم في قوله سبحانه {قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون} هو أمثلهم وأعدلهم وأعقلهم ، وإذا كان من مدلولات الوسطية العدل أو الاعتدال كما رأينا فلا مندوحة عن السؤال أين عالم السياسة والسياسيين من كل ما تحيل إليه الكلمة من معنى إذ اهتماماتهم كما هو معلوم أو على مستوى بلادنا على الأقل تدور حول الوسطية إما ادعاء أو مطالبة وهي التي طارت بها عنقاء مغرب، فلا تكاد تجد من يذكر منافسيه بخير أو يعترف لهم بالحق في أي شيء حتى وإن كان مبدأ المنافسة نفسه، أما الأنظمة المتعاقبة على الحكم فقد عودتنا هي وأشياعها على تزكية نهجها وطرق تسييرها حد التدثر بأثواب الكمال، فمن منا لا يذكر تلك الصورة النمطية التي نسجها كل نظام حول إنجازاته التنموية التي شكلت حسب زعمه اللبنة الأولى لبناء الدولة واصفا سابقيه بأبشع الأوصاف، لكن يوم 02 يونيو 2019 كان انطلاقة حقيقية للاستثناء المؤكد للقاعدة، أجل إنه لكذلك، يومئذ خاطب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الشعب الموريتاني معلنا ترشحه لرئاسة الجمهورية فسلط الضوء على برنامج انتخابي طموح تعرض لمناح عديدة لم يألف الموريتانيون طرقها في ما عرفوه من تجارب سابقة، ومن مفاجآت الخطاب في ذلك اليوم تنويه فخامة الرئيس بإنجازات أسلافه من الرؤساء بل وتثمينها أيضا متعهدا بإضافة ما أمكنه بالشراكة مع جميع المواطنين، وتلك إشارة أخرى جديدة على الساحة السياسية أيضا تجسدت فعليا مع بداية المأمورية عبر اللقاءات المتكررة بمختلف ألوان الطيف السياسي أحزابا ومستقلين حيث ذاب الجليد وحل التفاهم والانسجام بين قادة الرأي محل التوتر والانسداد الذين طبعا المشهد الوطني سنين عديدة ، هذا وما كان للتحضير الحالي لتشاور وطني شامل أن يتأتى لولا الإرادة الصادقة والتوجه الجلي لإشراك الجميع كل من موقعه في هذا الحدث الوطني الهام تجذيرا للتصالح مع الذات وتجسيدا لحقيقة (الوطن للجميع) .
وحتى لا نذهب بعيدا عن الوسطية ومدلولها العدلي لنا أن نقف حيارى أمام مشاهد جديدة لم تعودنا عليها الادارة من ذي قبل في تعاطيها مع الشأن العام لكنها تكررت خلال السنتين الأخيرتين، يطالعك أعضاء من الحكومة في خرجات إعلامية ويعترفوا بنواقص يتحملون المسؤولية عنها كليا أو جزئيا كتأخر إنجاز منشأة عن أجله المحدد أو ارتفاع أسعار مواد استهلاكية مقدمين مقترحات يرونها أصلح وأكثر جدوائية؟، ولنعرج إلى مظاهر أخرى من مظاهر البون الشاسع بين تسيير فخامة رئيس الجمهورية ومن سبقوه، ألم تر إلى هذا العدد الكبير من مرضى الشخصيات الوطنية المعروفة والمواطنين العاديين كيف تحملت الدولة نفقات علاجه في الخارج بتعليمات مباشرة من فخامة الرئيس، لكم أن تقول إن أولئك مواطنون ولا منة عليهم في المال العمومي الذي هو مللك للجميع فهذا صحيح، لكن لنا بالمقابل التذكير بأن الحديث عن الفوارق في نمط التسيير ونحن حديثوا عهد باعتبار مصلحة المواطن في قلب اهتمام القائمين على الشأن العام .
من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مومن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون.
صدق الله العظيم

أحمدَ ولد امبارك

مقالات ذات صلة