شركة حراسة تحوم حولها الشبهات في عمليات السطو الأخيرة

أثارت عمليات السرقة والتلصص، التى تتعرض لها المؤسسات العمومية المحروسة من طرف شركة الحراسة الخصوصية،التابعة لرئيس البرلمان الشيخ ولد بايّه وخاصة عمليتا الميزانية والمحكمة العليا، أثارت الكثير من التساؤل حول جدوائية هذه الشركة التى أعدت فى ظروف غامضة من طرف النظام السابق .

الشركة الوطنية للحراسة بنيت على أنقاض 180 شركة حراسة خصوصية كانت تعمل في جو ليبرالي، وتتنافس على حراسة المؤسسات الخصوصية والمنازل وغيرها وتؤدى خدماتها بأسعار معقولة، وفي متناول الزبناء ، وقد حصلت على رخصة بذلك وظلت تزاول نشاطها وسط تنافس على الحصول على العقود. وعندما تنبه الرئيس السابق لأهميتها التجارية بادر بإنشاء الشركة الجديدة مع أحد خلصائه، هو الشيخ ولد بايّه وتقرر فى البداية أن تندمج كل عشر شركات فى شركة واحدة، وتنتدب ممثلا عنها إلى مجلس إدارة الشركة الجديدة الذي تم اختزاله في شخص ولد بايّه وولد عبد العزيز وإدارة تنفيذية يتولاها العقيد المتقاعد سيدي ولد الريحة دون أن يجتمع هذا المجلس لتُكوًن الشركة ليتم إختزاله أي مجلس الإدارة في ذلك الثالوث .

وبعد استكمال الخطوة الأولى المتمثلة فى إبتلاع شركات الحراسة، قامت وزارة الداخلية وسحبت جميع الرخص منها من أجل توطيد سيطرة الشركة الجديدة على السوق واحتكار خدمة الحراسة لهذه الشركة وحدها، وبعد ذلك تخلت لها الدولة عن حراسة كل مؤسساتها بما في ذلك مؤسسات دستورية وأخرى مالية لصالح هذه الشركة لتكون واقعيا هى المسؤولة عن الحراسة في الدولة ،وحصلت بموجب ذلك على مئات عقود الإذعان مع مؤسسات الدولة. ولأجل معالجة وضعية الخسارة للشركات السابقة وإسكات ضجيجها تعهدت الشركة الجديدة بأن تعوض للشركات بعض خسائرها المرتبة على الذوبان في الشركة الجديدة ،وقدمت حينها بعض التعويضات، التي تم الإتفاق عليها ،ولتتوقف عن تسديد الباقي ،لكنها حافظت على منح مبالغ سنوية تترواح بين 90 ألف قديمة و100 ألف وتارة أكثر لرؤساء تلك الشركات المحلولة عن أسهمهم النظرية في الشركة وكعضوية في جمعية عامة لم تجتمع أبدا .

وللتخلص من بعض الأعباء قامت بفصل 120 شخصا على خلفية تقدمهم فى السن على نحو غير شفاف،وبدون تعويض الأمر الذي دفع بهم لرفع دعوى قضائية ضد القرار الجائر وحصلوا على حكم لصالحهم ، فاستأنفته الشركة الجديدة ليبقى حبيس دهاليز المحكمة العليا فى نهاية المطاف.كما قامت على نحو مخالف لإختصاصها بشراء سيارات أجرة، عارضها الكثير من أعضاء الجمعية العامة دون جدوى وهي سيارات تاكسي البيضاء التي تسلك خط المطار .

بعد انفراد هذه الشركة بالسوق عامة قام ولد عبد العزيز بتأكيد تعيين العقيد المتقاعد الشيخ ولد بايه، رئيس البرلمان الحالى، رئيسا لمجلس إدارتها، كما تم تأكيد تعيين عقيد الدرك المتقاعد سيدى ولد الريحه على إدارتها، وسط استياء عارم من طرف ضباط المناطق الأخرى، معتبرين أن تعيين رجلين من مدينة واحدة على رأس هذه الشركة يشكل حيفا وظلما لزملائهم من المناطق الأخرى.

وبعد تعيين هذا الطاقم قام الرئيس عزيز باتخاذ قرار بإعفاء الحرس الوطني من حراسة جميع المؤسسات العمومية بما فيها المؤسسات التى يفترض أن تحرسها قوة عمومية مزودة بكل ما تحتاجه من عتاد وصلاحيات مثل البنك المركزي والوزارات والمحكمة العليا وغيرها من مؤسسات السيادة.
وتم فرض عقود مجحفة وباهظة التكاليف على جميع المؤسسات لصالح شركة الرئيس الخاصة.

غير أن ولد عبد العزيز لم يطلب فى المقابل من الشركة تحسين خدماتها ولا تحمل المسؤولية القانونية عما قد تتعرض له تلك المؤسسات من مخاطر فى ظل حراسة الشركة كما حاصل الآن مع المحكمة العليا وإدارة الميزانية.

الشركة ليست لديها قوة للتدخل السريع فى حال تعرض إحدى المؤسسات التابعة لها لعملية سطو أو تخريب، ولم تقم بأي تكوين أو تأهيل لعمالها، ينضاف إلى ذلك أن غالبية عمالها من الجنود ووكلاء الشرطة الطاعنين فى السن، والذين لم يعد بإمكانهم القيام بأعمال الحراسة والتصدى لعصابات اللصوص، زد على ذلك أن الشركة لم تزودهم بالسلاح، ولم يُسمح لهم باستخدامه.

هذه الشركة تكلف ميزانية الدولة أموالا طائلة مقابل خدمات ردئية، وتم إنشاؤها فى ظروف غامضة ولا أحد يعرف شيئا عن حجم أعمالها، ولا إلى أين تذهب أموالها وعائداتها الطائلة.

والكل يتساءل اليوم لماذا لم يتم حل هذه الشركة، ولماذا لم ترجع الحراسة إلى القوة العمومية، حفاظا على ممتلكات الدولة وصونا لهيبتها ومصداقيتها ؟

ولماذا التغاضى عن مثل هذا النوع من التلاعب بمقدرات هذا الشعب الضعيف؟

ألا يعتبر تجريد قطاع الحرس الوطني من مهماته التى ينص عليها القانون المنشئ له بشكل صريح، والتى تقول إن من مهام الحرس القيام بحراسة المؤسسات العمومية وضبط الأمن، وإسنادها لمؤسسة ربحية عاجزة… ألا يعتبر هذا تلاعبا بالمال العام، وتفريطا فى أمن مؤسسات الدولة وإضعافا لهيبتها وسمعتها أمام الرأي العام الوطني والدولي؟
وإلى متى تظل الدولة تفرض مؤسساتها على دفع أموال طائلة لهذه الشراكة الغامضة بين ولد بأيه وعزيز ؟؟؟!

عن تقدم  نت

مقالات ذات صلة