
*إنصاف الأطر الوطنية… قضية مبدأ لا أشخاص.*…/ الشريف بونا
منذ استقلال بلادنا، احتفظت الذاكرة الوطنية بأسماء عديدة من الأطر والمثقفين الذين خدموا الوطن بإخلاص، وتركوا بصماتهم في مختلف مجالات العمل العام. هؤلاء الرجال والنساء أثبتوا، من خلال كفاءتهم ومبادراتهم الجادة، أن خدمة الوطن لا تتحقق بالشعارات، بل بالإنجاز الملموس والنتائج الواقعية التي تعود بالنفع على المواطنين.
وفي هذا السياق، برز خلال السنوات الأخيرة *اسم الدكتور محمد الراظي بن صدفن* كأحد أبرز النماذج الوطنية التي جمعت بين الفكر والمسؤولية، وبين المبادرة والنتيجة. فمنذ أن قاد سنة 2019 مبادرة نوعية من الوسط الجامعي لدعم ترشيح *فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني،* أثبت *الدكتور الراظي* حضوره في المشهدين الأكاديمي والإعلامي، مدافعًا بموضوعية وعمق عن تعهدات الرئيس وبرنامجه المجتمعي الذي يهدف إلى تحقيق الانسجام والوحدة والتنمية الشاملة.
عرف الرجل بثقافته الواسعة وجرأته الفكرية، *فكتب عشرات المقالات* التي سعت إلى إنارة الرأي العام حول مضامين برنامج الرئيس، مركزًا على *القيم الوطنية الكبرى: الوحدة، العدالة، المساواة، ومحاربة الفساد.* ولم يكن حضوره مقتصرًا على التنظير، بل تجسد على أرض الواقع من خلال مسيرة إدارية حافلة بالإنجاز.
فعندما تولى *عمادة كلية الآداب والعلوم الإنسانية عام 2020،* عمل على إصلاح شامل للمقررات البيداغوجية، تمت المصادقة عليها لاحقًا من المجلس الوطني للتعليم العالي، كما أطلق دينامية جديدة في البحث العلمي عبر تفعيل مدرسة الدكتوراه ودعم المجلات المحكمة وتنظيم المؤتمرات العلمية، بالإضافة إلى استحداث شعب مهنية جديدة ربطت الجامعة بسوق العمل في إطار سياسة التمهين.
وحين *أسندت إليه الحكومة إدارة المركز الوطني للخدمات الجامعية في عام 2022،* واجه أحد أكثر الملفات حساسية، فباشر تشخيصًا دقيقًا لحالة التسيير ووضع خطة عملية للإصلاح، تمثلت في:
• اعتماد نظام البطاقات الرقمية لتسهيل الولوج إلى خدمات السكن والمطعم والمنحة والنقل.
• تأمين تحويلات المنح عبر مقاربة “بريد كاش” التي أنهت سنوات من الفوضى ونالت رضا الطلاب واتحاداتهم.
• إنشاء خمس تطبيقات معلوماتية لتسيير المنح والسكن والمطاعم والمحاسبة والموارد البشرية.
• اعتماد سياسة انفتاح حقيقية على الطلاب ونقاباتهم والعمال والشركاء.
هذه الإجراءات لم تبق حبرًا على ورق، بل أنتجت نتائج ملموسة خلال عامي 2023 و2024، من أبرزها:
• ارتفاع عدد المقيمين في الأحياء الجامعية من 1500 إلى 4000 طالب، من ضمنهم 1440 طالبة.
• تضاعف عدد الممنوحين من 6300 إلى 11.600 طالب.
• زيادة القدرة الاستيعابية للمطعم الجامعي من 900 إلى 9000 مقعد.
• تعميم الضمان الصحي لصالح جميع طلاب التعليم العالي (نحو 50 ألف طالب).
• فتح خطوط نقل جامعي جديدة.
• المساهمة في دعم ميزانية الدولة بتحصيلات بلغت أكثر من 29 مليون أوقية جديدة خلال سنتين فقط.
كل هذه الأرقام لا تعكس مجرد جهد إداري، بل رؤية إصلاحية متكاملة نجحت في تحويل مؤسسة جامعية كانت مثقلة بالتحديات إلى نموذج يحتذى في التسيير الرشيد والفعالية.
ومع ذلك، فإن مثل هذه المسيرات المشرفة قد تتعرض أحيانًا لمحاولات تهميش أو صراعات داخلية لا تمتّ إلى مبدأ التقييم الموضوعي بصلة. لذلك، فإن الدفاع عن الدكتور محمد الراظي بن صدفن ليس دفاعًا عن شخص، بل عن قيمة الكفاءة الوطنية وحق الإطار المخلص في التقدير والإنصاف.
*إن موريتانيا التي نسعى جميعًا إلى بنائها تحتاج إلى رجال من طراز الدكتور الراظي: منفتحين، نزيهين، وفاعلين، يضعون المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار. والاعتراف بجهودهم لا ينبغي أن يكون منّةً، بل واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا.*



