
برنامج “دعم التنمية”: عقد تواطؤ وتعويضات غير مستحقة وتحايل على الصفقات
10 أكتوبر, 2025
ويهدف المشروع الذي يبلغ تمويله 14.725 مليون يورو (نحو 5.8 مليار أوقية قديمة) إلى تحسين الظروف المعيشية لسكان خمس ولايات هي كوركل، والعصابة، وكيدي ماغا، والحوضين الشرقي والغربي، من خلال منع النزاعات المتعلقة بمديرية الموارد الطبيعية ودعم جميع بلديات هذه الولايات في تقديم خدمات محسنة وتنمية مستدامة وتطوير الأراضي، فيما يتعلق بالصلاحيات المنقولة في إطار اللامركزية.
وأكد التقرير وجود تحايل على الصفقات في هذا المشروع، ودفع تعويضات غير مستحقة، وإنفاذ عقد تواطؤ، إضافات لاختلالات تتعلق بنقص في نظام الرقابة الداخلية، وفي محاسبة المشروع، وفي التعامل مع مكاتب وموردين لا يتوفرون على رقم ضريبي.
عقد تواطؤ
التقرير وثّق توقيع المشروع لـ”عقد تواطؤ”، من خلال عقد مساعدة محاسبية مع مكتب “CERTIF” بمبلغ 9.5 مليون أوقية قديمة، لتقديم خدمات محاسبية تدخل ضمن المهام الأساسية للمسؤولين الموجودين فعليًا في المديرية، وأولهم مساعد المسؤول الإداري والمالي للمشروع المكلف بالمحاسبة، والذي اكتتب قبل تاريخ هذا العقد بـ15 شهرا.
وتم توقيع هذا العقد بتاريخ: 09 – 12 – 2021، مع أن المديرية الإدارية والمالية للمشروع يوجد ثلاثة موظفين، هم المسؤول الإداري والمالي، واكتتب بتاريخ: 14 فبراير 2020، ومساعدة المسؤول الإداري والمالي، واكتتبت بتاريخ: 20 مارس 2020، ونائب المسؤول الإداري والمالي المكلف بالمحاسبة، واكتتب بتاريخ: 20 أغسطس 2020، ورغم وجودهم تم التعاقد مع خبير خارجي.
وسجّل التقرير أن منسق المشروع لم يردّ على هذه الملاحظة بعد موافاته بالتقرير.
تعويضات غير مستحقة
كما وثّق التقرير الرسمي دفع تعويضات غير مستحقة للمنسق الوطني للمشروع، ومسؤوله الإداري والمالي، ومساعده، بلغ مجموعها 27 مليون أوقية قديمة.
وأكد التقرير أن الجزء الثاني من المشروع، والمتعلق بالحوضين دفع في سنة 2022 “علاوة المسؤولية المالية” لفائدة المنسق الوطني، والمسؤول الإداري والمالي ومساعدته، بناء على قرار من لجنة القيادة في 28 يوليو 2022، والذي أذن بصرف العلاوة المذكورة للأطر المذكورين أعلاه اعتبارا من هذا التاريخ وتعويضها بأثر رجعي إلى غاية فبراير 2020.
ووثّق التقرير أن المشروع سدد المدفوعات عبر شيكات من الخزينة العامة، حيث سدد للمنسق الوطني للمشروع 12.4 مليون أوقية قديمة، وللمسؤول الإداري والمالي 11.8 مليون أوقية قديمة، ولمساعد المسؤول الإداري والمالي 2.7 مليون أوقية قديمة،
وشدد التقرير أن منح علاوة المسؤول الإداري ومساعده ليس من اختصاص اللجنة القيادية، إذ تنحصر اختصاصاتها في هذا المجال وفق المادة: 5 من المقرر رقم: 133 في منح العلاوة لرئيسها والمنسق وبدلات حضور الأعضاء، منبها إلى أن سريان قرارات لجنة القيادة اعتبارا من تاريخ الموافقة عليها.
ونقل التقرير عن منسق المشروع قوله إن قرار لجنة القيادة المؤرخ بـ17 مارس 2020 حدد فقط علاوات المنسق لمشروع DECLIC قبل بدء مشروع DECLIC 2 Hodh الذي لم يبدأ إلا في سبتمبر 2020، مردفا أن لجنة القيادة قامت بعد ذلك بمنح تعويض للمنسق عن المشروع الثاني طالما أن مقرر الإنشاء لكلا المشروعين واحد.
وأضاف المنسق أنه بالنسبة لمديري المشروعين (المسؤول الإداري المالي ومساعدته)، رأى المنسق أن تعويضهما سيكون تعاقديا بعد إجراء مفاوضات مع الأطراف المعنية وموافقة لجنة قيادة المشروع في إطار الميزانية السنوية. وعليه، يضيف المنسق، فإن هذا يمثل تداركًا لحقوق المعنيين المرتبطة بمسؤوليتهم المالية عن البرنامج المخطط له أصلا في عقودهم.
المحكمة، أكدت أن منح علاوة للمسؤول الإداري والمالي ومساعدته قرار باطل، حيث لا يدخل في صلاحيات لجنة القيادة، كما أن منح علاوة المسؤولية المالية للمنسق الوطني للمشروع يبدأ من تاريخ إصدار قرار لجنة القيادة، وقرارات اللجنة لا تسري بأثر رجعي.
كما سجّل التقرير دفع المشروع بانتظام لراتب الشهر الثالث عشر لموظفي المشروع دون أن يتم النص على ذلك في عقود العمل المبرمة، مؤكدا أن المبالغ المدفوعة للشهر الثالث عشر عن الفترة محل الرقابة بلغت نحو 10 ملايين أوقية، 8.5 منها من الجزء الأول من المشروع، و1.4 من الجزء الثاني.
التقرير توقّف مع فاتورة بمبلغ 3.8 مليون أوقية قديمة تم دفعها يوم 02 أغسطس 2020، من مشروع DECLIC 2 Hodhs لـ”خبير المحاسبة”، لإعداد القوائم المالية للبرنامجين للسنة المالية 2020، مؤكدا أنه” لا يوجد ما يبرر استخدام هذه المساعدة مع وجود موظفي المديرية المالية المكتتبين منذ عام 2020″، كما أن إعداد القوائم المالية يعتبر مهمة تقع على عاتق المسؤول الإداري والمالي”.
ونبّهت المحكمة إلى أن هذه النفقة لم تخضع للمنافسة التي ينص عليها دليل الإجراءات، ناقلة عن المنسق أن إبرام العقد مع خبير محاسبة يبرره القلق بشأن مراقبة الجودة نظرًا لحساسية التمويل من المانحين، ورغبة منسقية المشروع في أن تخضع جميع البيانات المالية للمعايير المحاسبية الموريتانية.
تلاعب بالصفقات
التقرير رصد تلاعب المشروع بالصفقات، من خلال تجزئتها، ومنحها لمكاتب وموردين لا يتوفرون على رقم تعريف ضريبي، إضافات لملاحظات على عقود الخدمات الفكرية، وصفقات التوريدات.
وأكد التقرير أن المشروع لجأ في إطار تنظيم ملتقيات تكوينية لفائدة السلطات الإدارية لبعض الولايات، إلى أسلوب تجزئة النفقات على مكتبي BETEX وCERTIF خلافا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة: 15 من القانون رقم: 044 – 2010 المتعلق بمدونة الصفقات العمومية، والتي تنص على أنه “يحظر أي تجزئة للطلبيات سواء كانت مترتبة على مخالفة للخطة التوقيعية لإبرام الصفقات العمومية أم لا”.
وقدّم التقرير جدولا لخمس ملتقيات تكوينية للسلطات الإدارية في نواكشوط، والمناطق 1 – 2 – 3 – 4، بلغ مجموع تكلفتها 56 مليون أوقية قديمة، ونظّم مكتب BETEX ثلاثة منها، ومكتب CERTIF اثنين منها.
منسق المشروع حمّل الأمين العام للوزارة وهو رئيس لجنة قيادة المشروع المسؤولية، حيث قال إن رسالة تحمل الرقم: 987 بتاريخ: 12 أكتوبر 2020، تضمنت طلبا من الوزير بتحمل المنسقية أعباء تكوين مختلف السلطات الإدارية للبلد، كما طلب منها تقليل الوقت لمواءمة الجدول الزمني للسلطات الإدارية التي تمت تعبئتها بشكل استثنائي بسبب الشروط التي فرضتها ظروف جائحةكورونا.
المحكمة وثّقت في تقريرها أن أعتاب الحساب رقم: 633، في العام 2021، سجل أن أتعاب الاستشارات بلغت 123.856.980 أوقية قديمة، من بينها مكتب خبرة فرنسي بقيمة 269.120 يورو، إضافة لعقود مع خبراء موريتانيين من بينها عقد تفاهم مباشر مع خبير بمبلغ قدره 3.840.000 أوقية لتنظيم دورة تكوينية في برنامج (أكسل Excel) لفائدة أعضاء الخلية الوطنية للتنسيق، وعقد تفاهم مباشر مع خبير معلوماتي بمبلغ قدره 8.380.100 أوقية للإشراف على متابعة الاستثمارات البلدية، وعقد مع خبير محاسبة لإعداد القوائم المالية للمشروع للسنة المالية 2020، بمبلغ قدره 3.875.000 أوقية قديمة.
وأكّدت المحكمة منح المشروع عقودا لمقدمي الخدمات دون إخضاعهم لإجراءات المنافسة المحددة في دليل الإجراءات، والذي ينص على أنه يجب على السلطة المتعاقدة أن تطلب من موردين تقديم عروض فيما يتجاوز عتبة الوحدة 2 مليون أوقية ويقل عن عتبة 15 مليون أوقية حسب الفقرة “أ” صفقات الأشغال والتوريدات والخدمات من دليل الإجراءات الإدارية والمالية.
وسجّل التقرير حيال هذا العقد المبرم مع المكتب الفرنسي، أنه “لم يتم التقيد بإجراءات منح الصفقات في هذا العقد، ولم يتم احترام أي من المبادئ الإرشادية التي تم سنها بموجب القانون رقم: 044 – 2010الصادر بتاريخ 22 يوليو 2010 وهو ما يخالف أحكام المادة 27 من مدونة الصفقات العمومية.
وحددت المحكمة الحالات التي يمكن للسلطة المتعاقدة إبرام عقود خدمات فكرية دون اللجوء لأسلوب المنافسة، وهي الأنشطة التي تشكل امتدادا طبيعيا للمهام التي يقوم بها الاستشاري المعني، أو الظروف الاستثنائية، أو عندما يكون الاستشاري هو الشخص الوحيد الذي يمتلك المؤهلات المطلوبة أو عندما يكون لديه خبرة في الاهتمام الاستثنائي للمهمة المعنية.
كما سجّل التقرير ملاحظات على صفقات التوريد، وخصوصا الصفقة رقم: 256 لعام 2022، والمتعلقة باقتناء معدات معلوماتية وأدوات مكتبية لفائدة المندوبيات الجهوية والخلية الوطنية للتنسيق بمبلغ 26.133.640 أوقية قديمة، ومدة تنفيذ لا تتجاوز 30 يوما.
ووثق التقرير عدم تطبيق غرامة التأخير، منبها إلى أن تاريخ الإبلاغ عن الصفقة كان يوم 04 – 07 – 2022، وتاريخ محضر التسليم هو 18 – 08 – 2022، أي تأخير لمدة 14 يوما، وكان مفترضا أن يصل مبلغ غرامة التأخير إلى 1.829.350 أوقية قديمة.
ونفس الشيء، حسب التقرير، بالنسبة للصفقة رقم: 257 – 2022، والمتعلقة باقتناء معدات معلوماتية وأدوات مكتبية لفائدة المندوبيات الجهوية و”AMOC” بمبلغ قدره 65 مليون أوقية قديمة، ومدة تنفيذ من 30 يوما، حيث عرفت تأخيرا لمدة 32 يوما، وكان مفترضا أن يتم تطبيق غرامة تأخير بمبلغ 4.555.040 أوقية قديمة، وهو ما لم يتم.
وأبرز تقرير المحكمة تجزئة هاتين الصفقتين (رقم: 256 – 257 – للعام 2022)، مع أنهما من نفس الطبيعة (اقتناء معدات أدوات معلوماتية، ولوازم مكتبية للمندوبيات الجهوية) وتم منحهما وتوقيعهما في نفس الفترة (يوليو2022 )، لفائدة نفس المؤسسة وهو ما يثير شكوكا حول مدى شفافية وسلامة إجراءات إبرام العقدين.
كما سجّلت المحكمة أن منسق المشروع لم يردّ على هذه الملاحظة.
وأورد التقرير ضمن الاختلالات في مجال الصفقات العمومية توقيع محضر استلام مؤقت لإحدى الصفقات بحضور عضوين فقط من بين أربعة أعضاء، وفي غياب المورّد أو من يمثله، وذكرت المحكمة بأن المادة: 74 من المرسوم رقم: 126 – 2017 تنص على أن يُشعر صاحب الصفقة السلطةَ المتعاقدة بواسطة رسالة مضمونة باكتمال تنفيذ الصفقة، عندئذ يقام بإجراءات الاستلام المؤقت وهو محضر يلاحظ فيه بحضور الطرفين أن الأشغال والتوريدات مقبولة لأن توضع موضع الاختبار لمدة معينة تسمى أجل الضمانة.
كما توقف التقرير مع أداء المشروع، منبها إلى أنه اعتمد خطة تنموية للبلديات وفق الآليات التالية الثلث الأول في عام 2021 (مرحلة الانطلاق)، والثلث الثاني في 2022(مرحلة التوطيد)، والثلث الثالث والأخير في عام 2023(مرحلة النضج).
وأضاف التقرير أنه من خلال رصد المبالغ التي تم تخصيصها في إطار صندوق الاستثمار البلدي لسنة 2021( مرحلة الانطلاق) تبين أنه تم تمويل مشاريع صغيرة لفائدة 4 بلديات من أصل 73 بلدية بمبلغ قدره 195.024.550 أوقية قديمة.
وأكد التقرير أنه من بين 73 بلدية، فإن 69 منها لم تحصل على المبالغ المالية المخصصة لسنة 2021 (مرحلة الانطلاق) والمقدرة بمبلغ 1.080.497.550 أوقية قديمة، أي أن نسبة التنفيذ الخاصة بهذه المرحلة من الاتفاقية بلغت 1.77%، وهو ما يبين مدى ضعف مواكبة المشروع للبلديات بتمكينها من استغلال التمويلات المتاحة خلال مرحلة الانطلاق، منبها إلى أن النسبة بلغ 64.02% في المرحلة من بداية 2022 إلى أكتوبر من نفس العام، غير أن النشاطات المنفذة انحصرت في المكونة الأولى فقط متمثلة في الشق المتعلق بإعادة تأهيل أقسام مدرسية في بعض البلديات، دون بقية مكونات المشروع الأربعة.
التقرير الرسمي توقع نواقص تتعلق بنظام الرقابة الداخلية، فالمشروع لا يتوفر على آلية للتدقيق الداخلي تمكنه من ضمان مشروعية التسيير وحماية أصوله المالية، ونواقص في المحاسبة، فمحاسبة المشروع ممسوكة عبر ملف “Excel”، مما يجعلها عرضة للتلاعب والتعديل، مردفة أن تحليل الملف المحاسبي للمشروع كشف عدم التطابق بين ميزان المراجعة ودفتر الأستاذ العام، كما أظهر أخطاء في الأرصدة المتراكمة الواردة في ملف حسابات المشروع، وعدم الفصل بين محاسبة المشروعين، حيث تظهر أرصدة حسابات بنكية تتعلق بمشروع في مشروع آخر.
وسجّل التقرير أنه في أغلب الحالات يتم إصدار مأموريات سفر غير محددة المدة، مما قد يفتح الباب أمام المكلفين بتمديد فترة مهامهم بالانشغال في أمور غير ضرورية خلافا للمادة: 3 من المرسوم رقم: 141 – 2021 المتعلق بطرق وتكاليف تحمل المهام في الداخل لمسؤولي ووكلاء الدولة، موردا عدة مهام كأنموذج على ذلك، وكانت إلى مدن في الحوضين ونواكشوط، حيث يتم تحديد تاريخ بداية المهمة دون تحديد تاريخ نهايتها.
ووثّق التقرير تعامل المشروع مع موردين ومكاتب غير محددي الهوية الضريبية، فأغلبهم لا يملك رقم تعريف ضريبي ولا سجّلا تجاريا، معتبرا أن ذلك قد يؤدي إلى الإعفاء من الاقتطاعات الضريبية، وقدم أسماء هذه المكاتب وأرقام فواتيرهم، وهم CERTIF، وMaurigraphe، وETS-ECS، وBTEX، ومكتب خبرة، ومكتب قانوني مترجم، ومكتب خبير اللامركزية، ومكتب خبرة.
وأوصت المحكمة بتعزيز عمليات التدقيق الداخلي للمشروع، وإعداد التقارير المنصوص عليها في اتفاقية المشروع، ومعالجة أوجه القصور الحاصلة في النظام المحاسبي واحترام المبادئ المحاسبية المعمول بها.
كما أكدت ضرورة الحرص على التطبيق السليم للمدونة العامة للضرائب وتسديد المبالغ المقتطعة للخزينة العامة، والكف عن تمويل نشاطات خارج مجال تدخل المشروع واحترام بنود اتفاقية البرنامج، والتوقف عن أسلوب تجزئة النفقات وإبرام عقود التفاهم المباشر غير المبررة وضرورة التقيد بمبادئ ونصوص الصفقات العمومية.
ودعت المحكمة لمواكبة البلديات في برمجة وتنفيذ الاتفاقيات واستغلال التمويلات المتاحة، والعمل على تعزيز عمليات الإشراف والمتابعة وتقييم المشاريع الممولة، وإصدار ومسك جميع الوثائق التبريرية للصرف واحترام دليل إجراءات البرنامج، واحترام وتطبيق مدونة الضرائب، واحترام المبادئ المحاسبية المعمول بها.
