
خواطر : تزييف الحقائق خطر يجب أن يواجه بصرامة ..!! / خديجة ابراهيم
من المفيد أن نستأنس بالواقعية والحقيقة حتى لو كانت مرة، فالتوعية والتحسيس بوعي الواقع والحقيقة ، لم يكونا أبدا في أي مرحلة من مراحل الحياة دليلا على مفاهيم عكسية إلا إذا جردا من معناهما الحقيقي.
فالتوعية والتحسيس بواقعية الخطر وحقيقته هو ضرب من التوازن الشخصي ، بل هو التوازن بعينه ، فتحريف الأهداف عن مدلولاتها الحقيقية هي مسألة سلبية خطييرة قد ترادف في المخيلة مفاهيم أخرى محتملة غالبا ماتفضي إلى ضدها.
جميل ان يستظل هؤلاء المغرر بهم معنا تحت مظلة فكرية واحدة ، فأنتهاج الخطاب التحريضي والتعمق في ابجدياته ومعانيه السلبية ، وبشتى الطرق والوسائل المتاحة واستدراج تلك الغير متاحة، واعطاءها بعدا أيديولوجيا خطييرا ، وبعيدا كل البعد عن المصداقية والشفافية والنزاهة ، هو نوع من التشويه والتدمير ،الذي يستدل بخطورته في كونه تخديرا عقليا مبرمجا سيستمر تأثيره أبدا، وبلا وعي ولا شعور .
وواضح بهذه الطريقة حين نعطيها بعدا فكريا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا أن مواصلة الطريق في هذا المنحى الخطير سيضعنا يوماً ما ، أمام طريق مستقبلي مسدود ملؤه الحقد والكراهية اللامتناهية.
فالمعيار الوحيد الذي يمكن إتخاذ القرار الصحيح من خلاله ، هو ان نفكر مليا قبل أن تنتهج اسلوب التحريض والتمويه المدبلج تحت غطاء الإنسانية والتظلم الإجتماعي ،من شاء فاليؤمن ومن شاء فاليكفر فليس لي من الحق في شىء غير الكتابة والتنبيه، وللمشككين حق حرية التأويل.
والحقيقة التي نحن بصدد النقد فيها هي ” خطورة الخطاب التحريضي والتطرف الشرائحي ” والخوض فيها مزعج للغاية وخاصة لمن لا يفهمونها أو لا يريدون فهمها أوالسعي في استيعابها بسبب
سيكولوجية فكرية متعمدة ، وإنتهاجه بالطريقة التي نشاهدها اليوم ، هو نوع من فتح الباب على مصراعيه أمام جدل لا حدود له ولا سقفا زمنياً محددا ، بل هو بداية لمحاولة صناعة الصراع وخلقه ، وتفكيك النسيج الاجتماعي وتقويض مبادئ الوحدة الوطنية والسلم الأهلي والتجاوز على قوانين الاستقرار والأمن العام.
فإن كان في قاموس هؤلاء ، “كهنة الكواليس المظلمة” بتراتيلهم المبهمة ، وأوهامهم الضعيفة، أن التطرف الفكري والشرائحي والعرقي لدواعي مكشوفة سيحرك سكونا ذهنياً لأهداف أخرى غير التي رسموا عليها من ضعفاء النفوس ، فهذا ضرب من الخيال الجزافي ، اشبه بنفخ الروح في تماثيل حجرية تجاوزها الزمن لاستعصاءها منذ عصور.
تضعني هذه التفاصيل الفكرية المؤلمة أمام مقولة خالدة للفيلسوف والناقد الاجتماعي شكسبير حين يفسر سلوكيات بعض البشر بإبداع ووعي لامتناهي حقا حين
يقول ” ستواجه صنفا لايفكر إلا بنفسه وآخر يخذلك في منتصف الطريق ، وآخر ينكر لك معروفا وكأنه لم يعرفك يوماً ” وربما في هذه الحالة والمرحلة يجدر بنا إسقاط هذه المقولة بعمقها الخالد ، على مايحدث الآن بين الإنسان والأرض والوطن الذي احتضنه دائما وسيظل رغم كل المعطيات المنبوذة.
لا أنكر أحقية كل انسان في تحقيق ذاته وأهدافه في هذه الحياة لضمان الاستمرار والعيش الكريم ، لكن عندما تكون تلك الأهداف والطموحات نبيلة ونزيهة ، غير أنني ارفضها رفضا قطعياً ، عندما تكون مغايرة تماماً لما تمليه الحقيقة والواقع والأمان والاستقرار.
فاخطر التبريرات تلك التي يستعين بها المتطرفون في فكرهم حين تخوض بلادنا كل تجربة أو أزمة تمر بها ، عندما تجدهم يتسارعون ويتهافتون بلا هوادة أو تردد لإشعال فتيلها قبل ان تخمد ، وحين تنكر عليهم فعلهم يردون مبررين بلا استحياء ماكان يحدث في الماضي لن يحدث مرة أخرى ، وكأنهم وجدوا ضالتهم المنشودة ، ليعمقوا الجرح حتى لو كان سطحيا لا لشيء إلا أن المد حان وقته وولى وقت الجزر ولا مجال للتردد أو التفكير.
استبدلوا التفكير بخرق العادة وكأنهم لم يسمعوا يوماً بهذا البيت بلادي وان جارت علي عزيزة …..
وهكذا يمكنك اخي القارئ أن تعرف الحق الذي لا مناص منه ،هو أن نقد الشئ والعتاب عليه ليس أمراً مستحدثا لاستمالة عقول وإثارة أخرى وانما جاء من عمق الحكمة واليقين بأن لا غالب ولا مغلوب حين تبدأ شرارة الصراعات المميتة ومحاولات الفرار من الموت عندها فقط سيعي ويفهم القلة فقط ،ما كنت أقوله واشير اليه وألمح وافصل باشد العبارات والتفاصيل.
قد لايكترث من صعب عليه الفهم الصحيح بفظاعة ونتائج التطرف الفكري غالباً
لكنه عندما يعود للقراءة والتمعن في حيثيات الصراعات السياسية والاجتماعية والأثنية لتاريخ من سبقونا للتجربة
سيضع أوزار اندفاعه مجبر لا مخير لكن يكون عندها قد سبق السيف العذل …….. وقد قيلا قديما ، ما هكذا يا سعد تورد الإبل……
خديجة إبراهيم
