خواطر : هيئة التراث الوليدة في عالم الثقافة تضم صفوة من رجالات الفكر والسياسة ../ خديجة ابراهيم
يجب أن يكون واضحا أن التطور والإبداع هما من صميم الفكر والمعرفة ، وأن المبدع وصانع المحتوى هو من اكتملت لديه أداة المعرفة والتحكم ، وجمع إلى جانب هاذين المصطلحين ألوانا من الثقافة الاجتماعية والسياسية والفكرية تساعده على تحقيق الغاية والأهداف من العمل.
فالمهني البصير بتقنية العمل يعرف ابجدياته وتقنياته حق المعرفة بل يحفظها عن ظهر قلب ، فتتوالى أفكاره غالباً في استخراج كل ما تقتضيه المسألة أيا كانت ماهيتها ، فيتخذ من تجربته سياسات إستراتيجية متعددة ، تدفع به دائما إلى الإستمرار و مواصلة الجهود دون كلل.
بعيداً عن مظاهر الضعف في النفوس ،وماتبعثه من اشمئزاز وسخرية ضد أصحابها وتلك طبيعة بعيدة كل البعد عن مايسمى في عالم المسرح “بالملهاة ” ، واصل الإعلامي المخضرم السيد محمد الشيخ ولد سيدي محمد المدير العام لقناة (قمم) تكملة أهدافه وعمله الميداني بعد تقاعده مباشرةً بعزم وروية لم يحسب لها مناهضوه حسابا قبل هذا ، فاعتمد تجربة عهود له سلفت وحاضرا قويا قائماً بذاته ، استعاد به فجر نهضة مباركة استطاعت أن تجاري ركب التطور والإبداع والانجاز ، بفضل جده ومثابرته وسعيه الدائب إلى آفاق النجاح وإثبات الذات بلا حدود ، مؤكداً لناقديه أنه لم يتبع يوما سبيل المفسدين.
مر الرجل بتجارب عديدة ومتباينة انعكست بإيجابية فائقة على إنتاجه الفكري وظهرت بصماته واضحة وجلية في إختياراته المتنوعه ،التي لم تأتي ابدا من رجل عديم الذكاء ، فكان مبدأ مواصلة الجهود عنده وتجاهل المجهول والتغاضي عن ماهية غاياته ،يقتضي حمل معان ودلالات حاذقة لايحتذيها إلا المشهود لهم بالإجادة والتفوق في الحياة ، لهذا كان دوره ثابت وقضي له بالنجاح فيها ، وسلم له الحكم في ذالك .
هناك من وجدوا لإدارة دفة
الإبداع، فخلقوا لها نظما ومنهجا ، موقنون بإيمانهم وعقيدتهم فلا صعب أمام ثقتهم بالنفس على الإطلاق، يخطون خطوات ثابتة ،ولم يبرحوا جادين في شق طريقهم لتحقيق أهداف رائعة ، تجسدت في عدة مشاريع مذهلة، انصهرت وامتزجت فيها كل المعارف، وانكشفت على ضوئها طريق رحلة الإبداع والتميز ،قوية بما تحمله من زاد وأهداف وطنية واضحة في أبعادها وجوهريتها النبيلة، وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها مطلقاً ولا المنازعة فيها إلا إذا كان هناك نظير في الخبرة وطول الدراية والممارسة؟؟؟؟؟…….
و حتى لايذهب البعض بعيداً بتفكيره ، يدور الحديث هنا عن استحداث ” هيئة التراث ” وهي جديد الساحة الثقافية الوطنية تنضاف إلى سابقاتها من الإنجازات الفكرية والمشاريع الثقافة التنموية ،جاءت بعد تأسيس القناة الإعلامية ( قمم) لتعطي دلالة جديدة بأن مسيرة الرجل لن تنهار على أسوار الفكر الرجعي ابدا ولن تساوم على أهداف ومبادئ المهنية مهما كانت النتيجة ، وستروي الظماء ، وتطفئ لظى حر طاعمها ، مزدانة بقوة أصحابها وأهدافهم الساطعة التي لاتخفيها الظلال ولاتغشى على بريقها أشعة الشمس.
“هيئة التراث” الوليدة الجديدة في عالم الثقافة والتنمية تضم صفوة رجالات الفكر والسياسة والثقافة والعلم من أبناء هذا الوطن ، وستعمل على حماية التراث بأشكاله المختلفة ،وصيانة الآثار والمخطوطات العلمية النادرة ،والمعالم التاريخية ،والخرائط والعمران ،والمؤلفات الشنقيطية ،والمكتبات الأهلية ،والارشيف المرئي والمسموع ،وتطوير المدن التراثية وإبراز قيمتها الحضارية والتاريخية ،والعناية بتسويقها وتوثيقها والترويج لها في المؤتمرات الدولية الخاصة بالمجال ،وتنظيم المعارض ،وربط الجاليات الموريتانية في الخارج بتراثهم والتعريف به، وإنشاء صندوق تمويل المشاريع الخاصة بالتراث ، بمعية وشراكة دولييين ،و انتاج مشاريع تراثية تحمل عنواناً بارزاً بسم “طريق الحج ” وتنظيم مسابقات قرآنية ،ودعم الإبتكار والبحث والاستكشاف ،والتوعية والتعليم ضمن حملات ثقافية وعلمية متعددة.
من الطبيعي أن تستثير قضية التراث اهتمام الرجل لما له من أهمية بالغة في تطوير وحفظ العطاء الثقافي للبلد الذي ظل يزخر بالعقول المبدعة وتتسع رقعة تواجدهم في بيئاتهم المختلفة ، ولا شك أن ندرة التجربة وأهميتها عاملان أساسيان في النهوض بالجانب الحضاري والثقافي على حد السواء ،وستحظى باهتمام كبير ، وستكون لها قوة ودعاية كبيرة ، ليجد فيها المبدعون مكانتهم ويرى فيه الآخرون تعبيرا عن جوانب حياتهم ، فالتراث هو الثروة الوطنية الحافلة بثمرات العمل الفكري للموريتانيين الذين ترعرع على أيديهم فن الغوص في أعماق الإبداع وازدهر بفضل وعيهم الإجتماعي الواسع متجاوزا حدود الوطن ليستقر في أنحاء العالم دون مكابرة.
خديجة إبراهيم