التعيين وشبكات التواصل الأجتماعي ..!!/ بقلم : شيخنا حجبو

نواكشوط  08   مايو 2022. ( الهدهد . م.ص)

كلما مر علينا يوم الأربعاء واتُخذ إجراء خصوصي ما ،تداعت وسائل التواصل الاجتماعي لتحليله ، فتغربل وتنبش كل العوامل والأسباب التي من الممكن ، أن تكون وراء ذلك الإجراء الخصوصي ،فترده تارة لعلاقة قرابية أو نسبية لصحاب الإجراء بالمشرف على القطاع ،وأن لم تجد لتلك العلاقة من خيط يربطه به ،عمدت إلى رده لتأثير ضابط
سامى له به صلة ما، وأن لم تجد لذلك أثرا، ردته إلى عوامل قبلية أو شرائحية أو جهوية ….إلخ ،ولكن سببا واحدا ،لا ترجحه كعامل رئيسي لذلك الإجراء وهو ” الكفائة العلمية
والإدارية أو الخبرة والتجربة والاستقامة ..” ترى من السبب
في ذلك !؟
اهو السيبة وتحول الدولة إلى بقرة حلوب ،يُسخرها كل من جلس على كرسي متحرك لقراباته وجهات وعلاقاته النسبية وفئاته العرقية ..إلخ!؟
ام هو درس مُستخلص من الواقع المعاش ،جعل هذه الوسائل لا تبحث عن عوامل إيجابية في اعتماد الإجرائات الخصوصية !؟
ام هو نتيجة للصلاحيات الواسعة الممنوحة للمسؤولين وعدم مواكبة بعض هؤلاء لصاحب الفخامة في التفكير والتصرف وقوة الإطار الأخلاقي لديه ،جعلهم لا يتصرفون
وفق الرؤية التي بها يسوس أمور الدولة والمجتمع ،فيعمدون إلى اتباع معايير مخالفة لتلك الرؤية،عند تقديم مقترحاتهم للاجرائات الخصوصية ،فينهكون الدولة بأفواج من التعيينات ، لا تستند لأي معيار
مقبول ،فتملئ مرافقها بالموظفين، عديمي التكوين والخبرة والتجربة والاستقامة، لتظل الكفائة والخبرة العلمية والإدارية مطرودة إلى ما شاء الله!؟
ام هو نتيجة لكل هذه الأمور مجتمعة ؟
مهما كان من عوامل ترجحها وسائل التواصل الاجتماعي ،فإن شيئا واحدا يجب أن يظل ماثلا أمام هذه الوسائل،هو أن الإجرائات الخصوصية لن يستفيد منها إلا الموريتانيون ، و الموريتانيون لا يتجاوزون بضع ملايين ، والمتعلمون منهم قلة ومجتمعهم، مجتمع متداخل العلاقات النسبية والقرابية والجهاتية والعشائرية، ومن الصعب أن يتخذ اي اجراء خصوصي، لا يجر بطرفه على ذلك التداخل ،ومعنى ذلك ، ان العيب ليس في ذلك اي في وجود خيط يربط هذا الإجراء باي معيار من تلك المعايير التي ترجحها وسائل التواصل ،إنما العيب ،كل العيب ،ان يستفيد من تلك الإجرائات الخصوصية ،من ليس له علم ولاخبرة ولا تجربة، في الوقت الذي يوحد فيه صاحب الخبرة والمعرفة يتسكع على الشلارع ،حاملا صكه العامر بالشهادات ، يبحث عن من يعرض عليه معرفته وخبرته وتجربته، بينما تنهك كل المرافق العمومية بوظفينَ عدمي الخبرة والتجربة والاستقامة نتيجة لتغيبِ المعايير الموضوعية والشفافية والاستقامة عند تقديم مقترحات للإجرائات الخصوصية من طرف بعض المشرفين على مرافق الدولة ،وهذا لعمري ،هو أخطر شيئ على الدولة والمجتمع ،لأنه ببساطة يقود لعاملين متساويين في الخطورة
وفي التدمير :
الأول؛
يدفع مثل هذا التصرف إلى هجرة الخبرة العلمية والإدارية ( الأدمغة ) إلى الخارج ؛
الثاني؛
يرفع هذا التصرف لوحة انذار لأصحاب المعرفة والخبرة في الخارج الذين يفكرون ، أو قد يفكرون يوما ما إلى دخول وطنهم وتقديم معرفتهم ليستفيد منها .
وفي الحالتين ،يكون هذا التصرف من أكبر عامل الفساد وافقار البلد من مهاراته وقدراته ، وبالتالي منعه من النهوض والتقدم لانه يفتقر للشرط الأول وهو المصادر البشرية عالية التكوين والخبرة.
ومن أمثلة البحث عن معايير التعيين، والإصرار إلى ردها إلى تلك العوامل الإنف ذكرها ،تعيين الوزير السابق والأكاديمي البكاي ولد عبد المالك على رأس الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب ،فقد غصت وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف الترجيحات في تعيينه ،فرده البعض إلى سمرته واعتبر تعينه إرضاء لشريحة مغبونة ،وبعضهم رده إلى عوامل جهوية ،بينما رده أخر إلى عوامل قبلية…إلخ، ولكن عاملا واحد غاب عند الجميع وهو كونه رجل دولة خبر مؤسستها التنفيذية ومؤسساتها التعليمية وله معرفة وخبرة واسعة تكفيه عن اي رافعة أخرى،لتعيينه .
ومع ذلك لم أجد ، ولا واحدة من تلك الوسائل ردت تعيينه إلى هذا العامل ،رغم أن هذا العامل مُقحم ويتحدث عن نفسه ،وما يحيرني في الأمر، هو تغاضى هذه الوسائل عن الايجابي بحثا عن كل ماه سلبي ؟
أهي تتعمد ذلك لخلق المشاكل باللعب على العواطف وتأجيج الصراع بين المكونت والجهات والقبائل ،من خلال النبش والبحث عن عوامل غير إيجابية كسبب في التعيينات ،لتثير غيظ البعض على الدولة، والمجموعات ،والمجموعات بعضها سماع لمثل تلك الدعاية بل يستثمر فيها، كلما وجد لذلك من سبيل ؟
ام انها تتماها مع المناوئين للنظام الذي نجح في بناء خيمة للجميع، فتسعى من خلال تلك الدعاية إلى تهديم اوتاد تلك الخيمة غيرة وحسدا ؟
الصحيح، ان وسائل التواصل الاجتماعي، في تعاملها مع ملفات الإجرائات الخصوصية، لا يمكن حمله على الطاهرة، ولا يمكن قبول أي دلالة تعطيها هذه الوسائل، طالما هي تُحيد في نبشها عن أسباب التعيين العوامل الإيجابية، وأن كان بعض ما تذهب إليه ، يصادف في بعض الأحيان مثالا من تلك التعيينات، ولكنه ليس بالقاعدة.
وخلاصته ان الدولة معنية عند اعتماد التعيينات ، ان تكون حريصة على قدر كبير من الشفافية واعتماد
المعايير المقنعة، لان الإصلاح المشرع فيه من قبل صاحب الفخامة يتطلب ذلك لأنه إصلاح مُقاوم لكثير من الوعجاجات والأورام الخبيثة والتراكم السلبي المُعشعش هنا وهناك في المجتمع والدولة على حد السواء.
شيخنا حجبو.

مقالات ذات صلة