قصيدة الرائ…/للشاعر المختار السالم
قديما قيل “الشعر ديوان العرب ” هذه القصيدة جديرة بأن تذكر في هذا المقام لما تتضمنه من جمال الصور وسلاسة في العبارة ورسانة في اللغة.
ألكَ الحُلمُ غائِماً بالنُّضُوْبِ
والرَّغيْفِ المُخْضَرِّ غِبَّ الشُّحُوْبِ
أمْ تَرى مَوْطِأ الرّحى في الثُّـقُوبِ
و”الظَّلِيْمَ” الوضَّاءَ بَعْدَ الغُرُوبِ
أم تَـلوْتَ الأنْفاسَ تُوْشِكُ أنْ
تَـقْـدَحَ ظلَّ الحَبيْبِ بالمَحْبُوبِ
أمْ تَرى الرَّمْلَ بعْدَ طيْنٍ تماهى
في القَدِيْدِ “المَسْفُوْرِ” مَحْضَ الذُّنُوبِ
كَانَ جُرْحاً للمَاءِ دوْنَ ضِفَافٍ
فلماذا وَطِـئْـتَ سَيْفَ الهُرُوْبِ!..
أتُـزيحُ انحِدَارهُ بيْنَ ودْيَانٍ
لها الرَّفْعُ في مَرَايا النُّـدُوْبِ؟!”
إنَّ منْ يَسْألُ الحَيارى بهذا الوَادِ
تمْتَصُّهُ شِــــــــفَاهُ النُّضُوْبِ…
ولقدْ نَحْبِسُ الخُطى ثَمِلاتِ
الصَّحْوِ حَتَّى نُعِـزَّ رُقْيا الدُّرُوبِ
كلُّ مَنْ صَوْمعَ الخُصُوْرَ زَمَاناً
سَوْفَ يُعْطي لنَا رِواقَ الطُّيُوْبِ..
********************
فإذا ما تَـثاءَبَ الرَّمْلُ يَـنْزو
غَفَوَاتِ الرِّيْحِ الكَسِيْحِ السَّرُوْبِ
فالمَدَاءَاتُ بالمَدَاءَاتِ غَـرْثى
لا تفي اللحْنَ في وريدِ النُّـشُوبِ
والسِّبَاخُ المُظلَّلاتُ قِــفَارٌ
حَـلَّقَ الليلُ حَـوْلَها بالخُطُوْبِ
والتلالُ المُقَــفَّـرَةُ الظَّلِّ تَـنْأى
ثمَّ تَـنْأى.. إلى جَحيْـمِ لَعُوبِ
ولها في اليبابِ روحُ يَـبَابٍ
ولها حينَ الّلغْوِ صُوْتُ النُّضُوْبِ..
أثِـمَ النَّاسُ ضَاقَتِ الأرْضُ إثْماً
فدماءُ الصِّغارِ فـوْقَ الكُعُوبِ..
كلُّ يوْمٍ مَجَازِرٌ واحْتِلالٌ
ومزيدٌ منْ داهياتِ الحُروْبِ
وتَرَى الأرْضَ مذبحًا بيديْ غَازٍ
أكُوْلٍ لحقِّها وشَــــــرُوْبِ
ومجانيْـنَ يأكلوْنَ تُـرَاثاً
واغْتصابًا ونَهْبَ رِزْقِ الشُّعُوبِ
ويعيثونَ في البِلادِ فَسَادًا
ولهمْ عِــــزَّةٌ بإثــــمِ الكُروْبِ
كُـلُّنا إخوةٌ ليُوسُفَ.. نلهُو
بدمٍ جَارفِ القَمِيْصِ كذُوبِ
ومآسٍ على المدى تتوالى
ضدَّ روْح الحَيَاةِ عنْدَ الوُثُوبِ
فظِلالُ الأشْجَارِ قد جفَّـفتْها
كلُّ فأسٍ تغْـتالُ روْحَ السُّهوبِ
ورئاتُ الثلوجِ ذابَتْ دُمُوعًا
والمُحيطاتُ جيْفةٌ للرُّسُوبِ..
*********************
في “سُؤاليْنِ”.. كَـيْفَ، وا أسَفاهُ،
تُشْرقُ الشَّمْسُ فوْقَ كُلِّ العُيوبِ..
لم يعدْ في هذي الدنى فيْلسوفٌ
يَعِظُ النَّاسَ في زَمانٍ لغُوبِ…
إنَّ قلبَ الإنْسَانِ، والأصْلٌ صَخْرٌ،
صَارَ أقْسى، ويا لصَخْرِ القُـلُوبِ..
إنَّهَا دَمْعَةُ المُغَـنِّي.. إذَا مَا
خَبَّبَ المَاءَ في رمَادِ الثُّـقُـوْبِ
حنّنِ الشِّعْـرَ يَا رَفيْقي حَنِيْـفًا
مُؤمْناً واشْدُ: يا خليقة تُـوبي
واشْرَبي نَاقَةَ المَدَائِنِ شَمْسًا
وانْعَمي الريْح مَا لهَا منْ هُبُوْبِ..
إنَّ ظِلَّ اليَقْطينِ يَـمْـتَـدُّ صَحْوًا
في نِدَاءَاتِ كُـلِّ عَـبْدٍ مُنيْبِ
إنَّ قَـلبي يَخْضَرُّ فيها دُعَاءً
واثقًا باللهِ السَّمِيْعِ المُجِيْبِ
غُمَّـةُ اليَوْمِ تُصْبحُ الغَدَ ذِكْرَى
في أغَانِ اليَمَامِ والعَنْدَليْبِ
فاستظلوا مَدَائِنِ الشِّعْرِ بَوْحًا
تفتح الأرْضُ بالزَّمانِ الخَصِيْبِ.
نواكشوط في : 23 -03-2020 قصيدة الرائ