
للدكتور حماه الله ميابه على مداخلة اسحاق الكنتي حول الصوفية
.
علق الدكتور حماه الله ولد. ميابه على مداخلة الدكتور اسحاق المنتي هفي صالون الشيخ الولي ولد محمودن:
فقال ان مداخلة “الدكتور اسحاق ، مداخلة عميقة وثرية، كما هو ديدنه.
وبودي لو سمحتم مراجعتكم في استدلالكم على أن التصوف ليس هو الإحسان بدليل أن مصطلح التصوف لم يظهر إلا في القرن الثاني.
فحسب رأيي أن تاريخ الإسلام لا يحتجّ فيه بتأخر المصطلحات الدالة على مضامين قائمة، ف”أصول الفقه”، و”علم الكلام”، و”أهل السنة”، وغير ذلك من المصطلحات كلها ظهرت بعد عصر النبوة، لكن هذا لا يعني أن مضامينها مستحدثة؛ بل هي تنظيم لمعان شرعية موجودة أصلاً.
فالتصوف كمصطلح ظهر في القرن الثاني الهجري، لكن مضمونه إن كان الإخلاص، ومراقبة القلب، وتزكية النفس فأصيل في الإسلام وهو نفسه الإحسان، موجود في القرآن والسنة وسيرة الصحابة، فهو إذا تسمية جديدة لمعانٍ قديمة.
فنفي ربط التصوف بالإحسان لأنه مصطلح متأخر، يقتضي نفي ربط “علم الفقه” بأحكام الصلاة؛ لأن مصطلح “الفقه” تطور لاحقا.
إذا التصوف هو الاسم، والإحسان هو المسمى، صحيح أننا لو سألنا صحابيًّا: “هل أنت صوفي؟” لاستغرب السؤال، لكن لو سألناه: “هل تعبد الله كأنك تراه؟” لقال: “نعم، هذا واجب كل مسلم”.
فالمعنى الشرعي موجود، والتسمية جاءت لاحقا لتمييز أهل هذا المنهج، فظهور المصطلح لا يعني اختلاق المضمون، وظهور مصطلحات مثل “أهل السنة” أو “السلفية” في عصور متأخرة لا يعني أن مضمونها (اتباع الكتاب والسنة) مُحدَث!
– الصحابة والتابعون لم يسموا أنفسهم “صوفية”، لكن أفعالهم (كورع أبي بكر، وزهد عمر، وعبادة أبي الدرداء) هي عين ما سمى لاحقا بالزهد، ثم ب”التصوف”.
فالمصطلح وضع لوصف واقع قائم.
فإذا أنكارنا شرعية التصوف على أساس تأخر التسمية والتفريق بين الدلالة اللفظية والحقيقة الشرعية، أخطأنا منهجيا لأن الشرع لا يحتج عليه بالمصطلحات، بل بالنصوص والمقاصد، حسب فهمي القاصر.
فالتصوف – إذا ضبط بالكتاب والسنة – هو تحقيق لمقام الإحسان، بغض النظر عن توقيت ظهور اسمه، والقاعدة الفقهية تقول العبرة بالمقاصد لا بالألفاظ.”.
