الوطن حق فوق كل الحقوق … والاحرار هم وحدهم أولى برده

نظراً لزمن اتسعت فيه دائرة الصراعات والخلافات السياسية والاجتماعية والفكرية بين أبناء مجتمعنا الواحد، حيث لم تخلو أي فترة كانت من ضراوتها وحدتها، لتتجاوز حدود الطبيعية إلى حملات مسعورة واسعة النطاق ، ضد مايسمى باللحمة الإجتماعية، والوطنية، فتعمقت خطاباتها المتطرفة المشبعة بالكراهية، لتطال أهدافا غاية في الخطورة ، وهنا كان لابد من استشعار المسألة بإخلاص وصدق، والبحث عن حلول موضوعية، للحد من تفاقمها وتداعياتها .

هذه التحديات الخطيرة التي أثارت جدلا واسعا في البلاد ،باتت آنذاك محور اهتمام الجميع ، غير أن النخبة الاعلامية الوطنية كانت استثنائية في الموضوع ، فبادروا إلى ايجاد طريقة فعالة وناجعة، تحمل في ثناياها معايير وطنية شماء
من شأنها الإسهام بشكل إيجابي وحقيقي ، في الحفاظ على المكتسبات الوطنية ، والترابط الاجتماعي من التفكك والانهيار .

أطلقت من أجل ذالك برامج إذاعية ناجحة و نظمت ندوات سياسية وحوارات متنوعة، شاركت فيها جميع الأطياف السياسية أغلبية ومعارضة، كخيار أساسي وافضل يضمن إرضاء الجميع ، ويفضي إلى ماهو مطلوب.

بدأت أولى فصول فكرة الحوار ، عبر منابر الإذاعة العمومية وامتدت لتتوسع وتستكمل مسيرتها العملية في دائرة الإعلام الخصوصي مع استحداث وليد الجديد تحت عنوان: قناة موريتانيا المستقلة (قمم) في سبيل ترسيخ مفهوم إعلام وطني كفؤ يمتلك القدرة على الإمساك بزمام الأمور وتوجيهها في المسار الصحيح .

استطاعت النخبة الإعلامية المؤسس المباشر لهذه القناة بفضل تعدد الينابيع الثقافية لاصحابها ،وثبات المبدأ والأسس التي تقوم عليها أن تخلق إعلاما وطنيا متوازناً يرضي الجميع ، ويراعي المستوى الثقافي والفكري للمواطن ايا كان، عبر ما تقدمه من مواضيع مختارة ومناسبة ،لمداركه وفهمه لتجدد نواحي الوعي والتحضر لديه رغم جو يطبعه الكثير من التباين في الآراء والتوجهات.

إذا كان هؤلاء الإعلاميون البارزون في حقل التجربة والتميز ،قد اثاروا الجدل في بعض الأوساط السياسية والإعلامية طويلاً ، فمرد ذالك يعود إلي الدوافع الذاتية لمنتقديهم لاأكثر، فلعل المتتبع للعمل الميداني لهؤلاء يجد أن لديهم موضوعية ومصداقية كبيرة يحتذى بها ، واثبتوا أن الجودة وإتقان العمل يرتبطان فقط بفن الصياغة والصناعة معا وليس العكس.

إن الوفاء للتاريخ والحقيقة والواقع يضع عمل هؤلاء في قمة تاريخ تطور الصحافة الموريتانية لدورهم المعطاء في نهضة الإذاعة الوطنية ولاغرو اليوم أن يكون الإعلام الحر هدفاً ساميا تباعاً لمنهجيتهم التي دأبوا عليها ، اما عكس حقائقهم وغاياتهم وتحريفها ،فهو أمر مشتمل على شىء من التمويه والتلاعب بالصورة .

ليست قناة موريتانيا المستقلة ( قمم) في وجودها اليوم إلا ترجمة فورية لتاريخ امتد لسنوات من العمل الإعلامي المختلف ودور أصحابها في تقوية وتعزيز ما يوحد هذه الأمة ويجمعها تحت سقف واحد ، دون أن يدخروا جهداً وبلغوا في ذالك شأوا بعيداً .

القناة الإعلامية الجديدة على حداثتها إذا ما قسناها بمقاييس الزمن التقليدية ومقارنة بمثيلاتها، فإنها جاءت لتبعث الحياة في أوصال وخلايا الإعلام الحر المتنوع ، مع تنامي قوة وسائل التواصل الاجتماعي بإيجابية واعدة وصادقة .

الوليدة المستحدثة فاقت التوقعات منذ بثها التجريبي فقد خاضت معركة إثبات الذات رويداً رويداً لتتصدر المشهد الإعلامي بكل أشكاله ،وكان لها الحظ الأوفر في نقل وقائع الانتخابات الرئاسية الأخيرة وبطريقة لافتة ، وواكبت نشاطات رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ، أولا بأول منتهجة حملة إعلامية واسعة ومنقطعة النظير ،فاستضافت عبر منبرها العملاق (عين الصحراء) علماء ومفكرين وسياسيين واقتصاديين بارزين من أبناء هذا الوطن على خلافهم واختلافهم ، وكانت نجماً متوهجا في فضاء التفوق والتميز يشار إليه بالبنان بلا منازع.

ومازال المنبر رغم بثه التجريبي ،يؤدي عمله ومهمته في خدمة الوطن والمواطن وتطوير أذواقه في كل ماهو جديد وجدير بالاهتمام ،و مازال هؤلاء الجهابذة الإعلاميون مستمرون بخطاباتهم السياسية الفكرية، يسعون وراء التميز زمانا ومكانا، فاقوالهم وأفعالهم هي أقرب إلى الفهم والإفهام بعيداً عن التعقيد واللبس والإيهام يتلقاها السامع بتلقائية تامة ويدرك كلماتها وتعابيرها بسهولة ووضوح، فاللوطن حق فوق كل الحقوق والأحرار هم وحدهم أولى برده ، حالفهم الحظ أم خالفهم ،وهذا في تقدري لايجنح ابدا عن الحقيقة.

بقلم خديجة إبراهيم

مقالات ذات صلة