وتر حساس …/ عندما يصبح الادب سلعة مبتذلة..!
نواكشوط 22 سبتمبر 2019 ( الهدهد .م .ص)
معالي الوزير الأول،
لا شك أنكم تدركون أن الثقافات تشكل بالفعل عاملا مهما في نهضة الأمم ورسم الحضارات، فمنها تنطلق ووفقها تصنف وتدرس، والمجتمعات تعرف بثقافاتها، فهي تشكل هويتها وانتمائها، والديانات باختلافها تركز تركيزا مطلقا على الثقافات وعلى رأسها الإسلام الحنيف.
صحيح أن البعض من المفكرين ذهب إلى أن رقِيَّ الأمم يتوقف على ما يُسمى بالعلوم الثابتة كالرياضيات، أو الطبيعيات، وما تفرع منهما، وهو كلام صحيح من حيث المآل؛ ولكن المرحلة الأولى في طريق نجاح الأمم هي للأدب، دون غيره، لأنه ثبت أن الأدب هو “ثقاف النفس، وصقال الهمَّة، ومثار كوامن العزائم، والمشتمل على نواحي الحياة الروحية كلِّها من حيث أن النفس لا تتوق إلى المعالي إلا بالأدب ذلك المِهْمازُ الأعظم الذي يبعث النفس على الخَبِّ في مَيْدان المجد، ومتى أوجد الأدب هذا الشوق إلى المجد نشدت الأنفس ضوالَّه المتعددة، أينما وجدَتْها”.
ولا يمكن للأدب بهذا السمو أن يخذل انتظام دورة صقل النفوس من منحطات الفعل الذي يصب في الطمع المادي المنحط :
– من خلال تظاهرات مرتجلة وخالية من أية إيحاءات للإبداع والتجديد،
– بكل الطباع التي تلبس عباءة الأدب الثمينة لتدنسها في أوحال الهبوط إلى قاع مستنقعات النفاق،
– وتسخير الكلمة الموزونة والمنثور ولكبوات المنحطين ممن عجزت عن رفعهم الدراهمُ.
ولما ينحسر الأدب في قوالب مصطنعة تخضع للغرائز وتتنكر للمقاصد السامية فذاك الدليل أنه حاد عن جادة الصواب وترك الأمة للضياع.
وإن المتتبع لحالة الأدب في بلاد الناقضات الكبرى ومهد الادعائيين بلا حصانة لا بد أن يرى جليا، من وراء زيف المظاهر:
– ارتجالية موسمية غير موفقة لساذج أنشطة،
– ومفتقر مهرجانات،
– وباهت تظاهرات،
بقدر ما تحاول كلها التغطية على مستوى الانحطاط، بقدر ما تسعى إلى انتفاعية لا يقيدها مبدأ أو تؤطرها قيم.
فلا بد معالي الوزير الأول، في إطار برنامجكم الحكومي الطموح، من إعادة النظر في الشأن الثقافي عموما ومنه على وجه الخصوص الجزء المتعلق بالأدب في دائرة الواسعة، فإن التي يعانيه من ضعف يلقي بظلاله الثقيلة على مجمل الحراك الثقافي المتعثر والمغيب للبلد عن المسارح الثقافية والإبداعية القارية والعربية والعالمية.
بقلم : الولي سيدي هيبه