وتر حاس …/ بين الوعظ النظري .. والأتعاظ الوهمي..!

نواكشوط ، 02 اكتوبر 2019 ( الههدهد .م .ص)
كالسيل الجارف، تصل الكثير منا على مدار الساعة من الأصدقاء وممن لا يعرفزنهم، تسجيلات صوتية وأخرى مصورة، محملة جميعها بمادة وعظ غزيرة فيستبشرون بها خيرا لمجتمعهم التائه حيث أن الوعظ هو النُّصْح وَالتَّذْكِير بِمَا يُقَوِّمُ الْأَخْلاقَ وَالأَعْمَالَ. ولكن فرحتنا بمحتوى هذا الدفق ينغصه في داخلي ما أشاهده على أرض الواقع من مستهجن الفعل الذي يناقضه.
فالتسجيلات التي تحث من خلال الوعظ القرآني والإرشاد النبوي إلى الأخلاق الحميدة المقترنة بالإيمان بالله ومحبة رسوله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام واتباع ما جاء به لا تجد صدى، على نطاق يكاد يكون شاملا، عند مجتمعنا في واقع التعامل والعلاقات البينية سواء على مستوى الخلية الأولى التي هي الأسرة أو دائرة المجتمع الأوسع إلى غاية الدائرة الإنسانية في رحاب الدولة الجامعة.
إن عاطفة “الأخوة” الضعيفة مداسة بأقدام العلاقات الزوجية الخشنة الفتاكة التي تطبعها فوضى لا شببيه لها في أي بلد من الدنيا؛ أخوة في الدم أوجبتها النزوات ولكن الكل فيها يفر من الآخر، يبغضه ويحرمه العطف والميراث إن وجد، ويحسده إن من الله عليه بمال أو علم أو خلق أو جاه، متذعرا ظلما وجهلا بعدم اشتراك الولدين.
و”الزواج” في أغلب حالته لهو ولعب ومتعة عابرة حيث المرأة، التي كرم الله بأن جعلها الأم والأخت والذرية، لا تساوي أكثر من فترة “عطائها الجسدي” لترمى من بعد عظما بدون لحم، فترى النساء عندنا أكثر شرائح المجتمع استغلالا ثم حرمانا وتشريدا فشقاء وإهانة رغم الصمت المطبق حول هذا الوضع الذي يفقأ العيون مع ذلك.
وأما الأمانة فكلمة لا تتجاوز الحناجر و”بديع” موزون الكلام و”حيز” المجاملات، و”الثقة” صفة معدومة بين الجميع ولا أحد يقر، وإذ هي أيضا محل تنظير وذكر تمهيدي عند كل معاملة.
لكل ما تقدم وأكثر فإن :
– خيانة الموظف والسؤول لتعهداتهما بالأمانة والاستقامة ورعاية وحماية مصالح بلدهم ومواطنيه تدعى “رجولة”،
– ونهبهما المال العام وتفاخرهما بالفساد يدعى “بطولة”،
– وتحريفهما الحق يدعى ذكاء ومهارة في السياسة،
– والإبقاء على القوالب الماضية خيار دائم،
وترى المساجد في غالبيها “ساحات”:
– عراك قبلي صامت على مرارته،
– وجدل “طرائقي” حاد لا ينقطع حول مواضيع تقليدية لا تتبدل؛
إنها صراعات تجري روتينية في غفلة من متطلبات المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد وعن معالجة ما يحصل فيها من التحولات الخطيرة التي يشهدها المجتمع.
فهل نظل نستمع إلى تسجيلات الوعظ القادم من البعيد حيث نضج وآتى أكله ولا نتعظ بمحتواها فنطبق مراميها في سلوكنا؟
أم أن الأمور ستظل عندنا بوجه وقناع؟

بقلم :الولي سيدي هيبه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً