الحرب الروسية ومعضلة القوة…/ محمد سيف الدولة
تثير الحرب الروسية العديد من الشجون العربية، وتنكأ جراحنا التى لا تندمل، وتضعنا مرة أخرى امام نقاط ضعفنا وامراضنا المزمنة التى لا تشفى؛ وعلى رأسها معضلة الاختلال الهائل فى موازين القوى، وانتصار الاقوى ظالما كان أو مظلوما؛ معضلة لم نتمكن من حلها بعد فى عالمنا العربى وفى عديد من البلدان النامية:
1) من اول عصر الاستعمار الاوروبى فى القرنين التاسع عشر والعشرين الذى تساقطنا فيه جميعا كالفراشات أمام الجيوش البريطانية والفرنسية والايطالية، لنعيش تحت الاحتلال عقود طويلة لم نتخلص من آثارها بعد. 2) ثم ترتيبات ما بعد الحرب العالمية الأولى التى تم فيها تجزئتنا واقتسامنا بين المنتصرين كغنائم حرب. 3) ثم المشروع الصهيونى واغتصاب فلسطين أمام أعيننا، وتأسيس وبناء دولة (اسرائيل) بعد الحرب العالمية الثانية. 4) وهزيمة 1967 والانسحاب من الصراع والاعتراف (باسرائيل) رغم نصر 1973 والسقوط فى التبعية تحت سطوة القوة الامريكية: (منقدرش نحارب أمريكا) هكذا قالها السادات قبل ان تسكت المدافع فى حرب أكتوبر. 5) والحروب والاعتداءات والعربدة الاسرائيلية واحتلال مزيد من الاراضى التى لم تتوقف (1948-2022) 6) وحصار العراق لعشر سنوات قبل غزوه واحتلاله وتدميره. 7) وتقسيم السودان وفصل جنوبه. 8) والهيمنة الاقتصادية والاستعباد المالى من النظام الراسمالى العالمى ومؤسسات الاقراض الدولى. 9) وهزيمة ثورات الشعوب العربية الاخيرة اجهاضا او اختراقا او احتواءا. 10) وهى نفس المعضلة التى تنطبق على حالة الانكسار والانهزام الرهيب للشعوب امام قهر واستبداد انظمة الحكم. كل هذا وغيره، يعيد الى الاذهان السؤال الاهم الذى لم ننجح فى الاجابة عليه بعد فى عالمنا العربى وهو كيف يمكننا مواجهة مثل هذه الاختلالات الهائلة فى موازين القوى؟ · الانظمة العربية تم ترويضها فاختارت طريق الخضوع والاستسلام والعودة الى مستنقعات الاحتلال والتبعية، تحت ذرائع وشعارات براقة كالاعتدال والواقعية. · اما حركات المقاومة والمعارضة العربية التي ترفض الخضوع، فلم تنجح حتى الآن فى تقديم اجابات بديلة ومقنعة للرأى العام والشعوب العربية المغلوبة على امرها: · فثلاثة او اربعة اجيال عجزت حتى اليوم عن تحرير فلسطين رغم انها لم تتوقف يوما عن المقاومة. · ودول انتزعت استقلالها الوطنى لبضع سنوات بعد الحرب العالمية الثانية قبل ان يتم استدراجها او اجبارها الى مستنقع التبعية مرة اخرى · وشعوب لا تزال تناضل من اجل ذات الاهداف التى ثارت من اجلها عام 1919 وما بعدها؛ الاستقلال والديمقراطية! انها سطوة القوة وتحدياتها: 1) كيف نواجه (اسرائيل) وننتصر عليها ونحرر فلسطين رغم كل هذا التفوق العسكرى والدعم والحماية الامريكية والاوروبية. 2) وهل يمكننا الانتصار على دولة تمتلك السلاح النووى المحرم علينا؟ 3) كيف نخرج من التبعية ونطهر المنطقة من كل القوات الأجنبية ونغلق قواعدها العسكرية ونضرب مصالحها الاقتصادية؟ 4) كيف تستطيع الشعوب ان تنتزع حقوقها الاقتصادية والسياسية والانسانية فى مواجهة قوة الردع والبطش الهائلة التى تملكها انظمة الحكم؟ أظن أن هذا واحد من أهم الشجون العربية التى يثيرها مشهد الانكسار الأوكرانى المحتوم أمام جبروت القوة الروسية، وأى انكسار أمام أى قوة، وهو كيف يمكن مواجهة الاختلال الهائل فى موازين القوى وكسره والانتصار عليه؟ فعلتها شعوب أخرى، فما الذى ينقصنا؟ شبكة البصرة القاهرة فى 12 مارس 2022 |