حتى لا يسقط الإعلام في مستنقع الإساءة/ الولي سيدي هيبه
( الهدهد . م .ص ) هل يملك المترشحون غير الوعود المدرجة في برامجهم التي استسقوها من قناعاتهم الوطنية وتطلعات الشعب إلى العدالة والامن والرخاء ونمو البلد ووحدة ولحمة شعبه بكل مكوناته وشرائحه؟
وهل من الإنصاف، والحقيقة هذه، وبصرف النظر عن أية اعتبارات أخرى، التشكيك في نواياهم وهم لم يمسكوا بعد زمام الأمور؟
سؤالان ملحان تدعو إلى الإجابة عنهما “الحملة” الإعلامية غير المسبوقة على شخص المترشح محمد ولد الغزواني، وقد ضربت عرض الحائط بأخلاقيات المهنة الصحيفة الملتزمة وخرجت على قواعد الالتزام فيها، فصبت عليه حمما من الشتائم والإساءات الغير مبررة بأي وجه كان؛ حملة كلامية شعواء لبست دثار تحامل مفرط استخدمت خلاله مفردات قاموس مرير افتقر إلى مقومات الألفاظ السوية.
وهي الحملة التي كشفت أيضا ـ على العكس من المطلوب بها ـ عن اتباع نهج استهجنه الكثيرون، من الذين قرأوا هذه الكتابات الصادمة، فأبان عن عجز بين في الحصول على “نقاط” التقدم في معركة كسب الناخبين لغيره عن طريق المواجهة السامية التي تعتمد على تسويق الخطاب المتوازن والبرنامج الانتخابية ذات المحتوى المقنع والذي يستجيب لتطلعات وآمال الناخبين.
ولكن نشاز هذه الهفوة الإعلامية، انتشر بأقلام يشار إلى أصحابها بالبنان لما لها من حضور وازن في المجال الصحفي، في منعطف دقيق غلب عليها فيه الاصطفاف السياسي الحاد، فسخروا لهذا المحتوي الهجومي اللاذع “موقع العالم” الذي ينشر هذه المقالات والقصاصات بطعم السب ولغة الشتم ويديره الحسين ولد محنض المكلف بمهمة، و محمد محمود ولد بكار المستشار في حملة المرشح سيدي محمد ولد بوبكر، وقد كان من المفروض عليهما أن يفصلها بين الأداء السياسي، وحقهم فيه محفوظ، عن الأداء الصحفي المهني الذي يلزمهما باحترام بنود مسطرة المدونة الأخلاقية للمهنة والسلطة الرابعة.
وأما محتوي القصاصات وحمولة تلك المقالات التي سلكت منهج “الشطط اللفظي” فإنهما لم يرقيا إلى مستوى التحليل الذي أراد أن يكون حول شخصية المرشح محمد ولد الغزواني، فجاء قدحا وسبا وتهكما بأسلوب فج ينحت من لغة تقادم عهدها وتقلص محتضنها الثقافي واهتزت سياقاتها المجتمعية، لا تستند إلى منطق، وقد اعتمدت في دفقها المتعمد أسلوبا كتابيا غلب عليه غياب المبرر واعتماد رغبة الإساءة اللفظية.
وبديهي التذكير بأن هذه الهجمة “التحاملية” على شخص المترشح ولد الغزواني ـ وإذ هي لن تحقق على هذا النحو أية نتيجة في صناديق الاقتراع ـ فإنها لم تحمل كذلك ذلك للقراء عناصر تحليلية تبرز نقاط ضعف يمكن التأمل فيها فتثني الناخبين أو تجعل البعض من المترددين يتخذ على إثرها مواقف تصب بالنهاية في صالح أي من منافسيه. ولكن على العكس من ذلك فقد جرت الرياح بما لم تكن تشتهيه سفن هذه الهجمة العاتية، فزادت من تألق المرشح محمد ولد الغزواني وأعطت دفعا لحملته التي كان هو انطلق فيها منذ أول لحظة بخيار “الترفع” عن المهاترات والبعد عن النيل من منافسيه أو الطعن في وعودهم الكثيرة التي تضمنتها برامجهم الانتخابية على تباين خلفياتها الايديولوجية وتعدد طموحاتها السياسية.
وهو الترفع السياسي البليغ الذي أمر كل الناشطين السياسيين من حوله في الحملة باتباعه “نهجا”، كما أوصى مناصريه جميعا والإعلاميين منهم على وجه العصوص بالنأي عن التجريح والسب والاتهام الجزافي لخصومه، بل أمرهم بالتركيز على التعبئة حول الخطاب والبرنامج. وهما المنهج القويم والسلوك الحميد اللذان أعطيا أكلهما فزاداه على مر مجريات حملته شعبية، واتسعت دائرة المنصتين إلى محتوى برنامجه وما تضمنها من وعود واقعية وقابلة للتحقيق، ينتظر الشعب الموريتاني تجسيدها بفارغ الصبر في العهدة القادمة إن شاء الله.
فهلا يظل الإعلاميون في برج المراقب الأمين وحصن الديمقراطية المكين؟