مأمورية الرئيس وتقويم نصف المسار…/ بقلم : د. محمد الراظي بن صدفن
نواكشوط 05 يونيو 2021 ( الهدهد . م .ص)
إن مفهوم تقويم نصف المسار من المنظور الإقتصادي يعني إحكام التخطيط الجيد و إحداث التغيرات المطلوبة من تنمية و تطوير المشاريع التنموية و زيادة فاعليتها.
وكما هو معلوم، فإن التخطيط لمتابعة أنشطة المشاريع له أهميته من حيث ضمان سير
الأنشطة في الإطار المحدد لها دون إنحراف من أجل تحقيق الأهداف المنشودة .
إن إتمام إجراء عملية المتابعة يتطلب وجود نظام جيد لجمع المعلومات و البيانات الصحيحة عن أنشطة المشاريع ووصولها في التوقيت
المناسب من أجل إتخاذ القرارات الصائبة
من مختلف المستويات الإدارية للمنظومة المسؤولة عن التنفيذ للمساعدة في حل
المشكلات التي تعترض مسار تنفيذ أنشطة تلك المشاريع بالسرعة و المعدلات المطلوبة.
اليوم بعد إنقضاء ما يقارب نصف مسار العهدة الإنتخابية لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني التي تفصلنا عنها أشهر قليلة ، فإنه من واجبنا كداعمين للرئيس و مشروعه المجتمعي ، أن نشيد بما تم تحقيقه من إنجازات و من تصحيح للأختلالات خلال هذه المرحلة الأولي من المسار و في نفس الوقت إبداء رأينا حول القضايا الحساسة التي ينبغي التركيز عليها
خلال المرحلة الثانية من هذا المسار.
– فعلي صعيد الإنجازات : فقد قطعت خطوات كبيرة و بذلت جهود معتبرة طالت جميع مناحي الحياة بدءً بإرساء مناخ التهدئة السياسية عبر التشاور البناء مع كل الطيف السياسي
حول مختلف القضايا التي تعيق تنمية البلاد بغية
إيجاد الحلول المناسبة لها. مرورًا بالتركيز علي ترسيخ اللحمة الإجتماعية من خلال إعطاء مزيد من العناية للفئات الهشة في الوسطين الحضري والريفي و إدراج ذلك ضمن أولويات تعهدات
الرئيس في المجال التنموي و الحرص علي إضفاء الشفافية في الحياة العمومية و تمثيل كل الفئات الإجتماعية في دوائر صنع القرار السياسي
و هو ما تم العمل به و أكتمل بصفة شمولية.
و في مجال الحكامة الجيدة، فقد أصبح من الواضح بالنسبة لجل الموريتانيين أن فصل السلطات خيار إستيراتيجي لا رجعة فيه بالنسبة للرئيس و أولوية تقتضيها قيام دولة العدل و الإنصاف و القانون التي أرسى سيادته دعائمها
منذ توليه دفة الحكم في البلاد .
وعلى الرغم من تفشي جائحة كورونا خلال السنة الأولى من المأمورية والتي ألقت بظلالها علي
المشهد عمومًا و أعاقت إلى حد كبير تنفيذ
العديد من البرامج الحكومية ، فقد تم إحراز نجاحات مهمة في إطار مراجعة
المنظومة التربوية الوطنية ووضع
الآليات المؤسسية لمباشرة اصلاح
نظامنا التعليمي وجعله يستجيب لتطلعات شعبنا . كما تم تحقيق نتائج مهمة في مجال التعليم العالي على مستوى الحكامة وتعزيز
قدرات القطاع و ترقية البحث العلمي وضمان الجودة.
كما تم التركيز كذلك في إطار الإنفاق الحكومي علي تخصيص الإمكانات الكفيلة بترقية
القطاع الزراعي و إعادة الإعتبار لتثمين الثروة الحيوانية عبر إستصلاح ألاف الهكتارات
ا من المزارع الجديدة و تشييد عشرات السدود و دعم المزارعين و تشجيع إقامة مصانع
خاصة بالمنتجات الحيوانية في إطار سياسة جديدة تهدف إلى تحسين الظروف الحياتية للمواطنين ومحاربة الفقر و زيادة الناتج الداخلي الخام..
كما منحت الأولوية في البرنامج الحكومي لدعم قدرات و جاهزية القطاع الصحي و الرفع من نوعية خدماته..
و لتحقيق هذا الهدف فقد أنشأت
الحكومة صندوقا خاصًا بالتصدي لجائحة كورونا و التخفيف من أثارها السلبية رصدت له عشرات
المليارات من الأو قية .
ويأتي برنامج التكفل بتأمين العلاج لفائدة
مائة ألف عائلة موريتانية من ذوي
الدخل المحدود الذي أعطي فخامة رئيس الجمهورية إشارة إنطلاقه مؤخرا ولأول من نوعه
لدعم الجهود المبذولة لترقية هذا
القطاع الحيوي.
كما شمل الإهتمام مجالات أخرى لا تقل أهمية مثل إطلاق برنامج لتشغيل الشباب و تقريب الخدمة العمومية من المواطنين و تفعيل مشاركة المرأة ففي الحياة السياسية والاقتصادية
و تحسين صورة البلاد الخارجية خصوصًا في محيطها العربي والإفريقي و. الدولي و تعزيز مشاركتها في المنظمات الإقليمية و الدولية بصفة فاعلة.
وفي نفس السياق، فقد تم تثمين منظومتنا
القيمية و التأكيد على بعدها الحضاري و الإسلامي كعامل وحدوي لجميع مكونات شعبنا و ترقية تراثنا الثقافي الغني و المتنوع.
وقد حظي قطاع الوظيفة العمومية بنصيب وافر من الإهتمام و ذلك من خلال مراجعة السن الوظيفي و عصرنة الإدارة العمومية لتستجيب
لمتطلبات المرحلة و زيادة معتبرة لأول مرة في الراتب بالنسبة للمتقاعدين.
وفي مجال البنية التحتية ، فإن جائحة كوفيد-١٩ و تأثيراتها السلبية لم تمنع الحكومة من مواصلة الجهود في تشييد الطرق
و المنشآت العمومية و فك العزلة
عن مناطق عديدة داخل البلاد.
وفي هذا الإطار ، فإن إشراف رئيس
الجمهورية شخصيًا يوم الخميس الماضي الموافق ٣ يونيو ٢٠٢١ م علي و ضع الحجر الأساس لبناء جسرين كبيرين لتخفيف حركة السير و إنسيابيتها داخل العاصمة يؤكد مرة أخرى
إصرار القيادة الوطنية على المضي قدمًا لتحقيق
نتائج ملموسة و معتبرة في هذا القطاع الحيوي و الإستيراتيجي.
و بالرغم من أهمية هذه الإنجازات
بالنظر إلى سياق الظرفية الزمنية التي تمت
فيها ، فإنه لا تزال هناك تحديات جسيمة ينبغي التركيز عليها في قادم الأيام نجملها فيما يلي:
– توفير أكبر قدر ممكن من وظائف
الشغل على غرار مشروع التكفل بالضمان الصحي للأسر محدودية الدخل المشار إليه سلفا
و ذلك من أجل الحد من البطالة في اوساط
الشباب و خاصة حملة الشهادات منهم ،
– الإسراع بتشييد المراكز والمعاهد الفنية و المهنية التي تمكن من الولوج إلي سوق العمل و ضمان الإستفادة القصوي من عائدات الثروة النفطية و الغازية المرتقبة،
– تشييد مزيد من المنشآت و النقاط الصحية لكي تشمل التغطية الصحية كامل التراب الوطني و فرض نظام رقابة صارمة علي إستيراد الأدوية و الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه
التلاعب بالصحة العمومية ،
– إنجاز خريطة إستعجالية هيدرولوجية و تكثيف البحوث في هذا المجال من أجل حل مشاكل العطش الذي يعاني منه سكان بعض عواصم الولايات و الأرياف و الذي تشكل عائقا حقيقيا في وجه التنمية المحلية،
– زيادة القدرة الإستيعابية للتعليم العالي بواسطة إنشاء جامعات و معاهد و مدارس مهنية جديدة تمكن من إستيعاب الزيادة الكبيرة
في أعداد الحاصلين على شهادة الباكالوريا.
– تخصيص مزيد من الدعم للزراعات المروية و زراعة الأرز و الخضروات على وجه الخصوص و تفعيل شعبة البذور لتقوم بدورها المطلوب و زيادة المساحات المستصلحة بشكل معقلن و تسوية
مشكلة الماكينات الزراعية بإستيراد
العدد الكافي بالتعاون مع القطاع الخاص لتلبية حاجات المزارعين و إقامة ورشات للصيانة و التصليح تمكن من خدمة ما بعد إقتناء هذه
المعدات . وهي كلها أمور جوهرية
لتمكين البلاد من ضمان أمنها الغذائي الذي هو شرط لا غني عنه لتحقيق استقلالها
الإقتصادي و حرية قرارها السياسي.
ولتسريع وتيرة إنجاز هذه المشاريع
التي تدخل في المجمل ضمن برنامج ” تعهداتي” فإنه يتعين على الحكومة إنتقاء الكفاءات الفنية العالية التي تتمتع بالخبرة في مجالات تصور وإعداد و تنفيذ و متابعة المشاريع التنموية لكي يتمكن برنامج الإقلاع الاقتصادي الذي أطلقه
رئيس الجمهورية منذ السنة الماضية من تحقيق أهدافه.
والخلاصة أنه من أجل المضي قدمًا
في طريق الإصلاح والبناء فإنه من
الواجب ان تثضافر كل الجهود الخيرة من أبناء هذا الشعب و نخبه الفكرية و السياسية و الإقتصادية والإجتماعية و الحقوقية و أصحاب
الرأي فيه للوقوف وقفة رجل واحد
خلف رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني من أجل وضع قطيعة نهائية مع الفساد و الإستبداد و الغبن و التهميش و الإقصاء و الزبونية و عدم إحترام القانون و حقوق الأنسان.
فهل من مدكر ؟ حتي لا تضيع علينا هذه الفرصة الأخيرة ، كما ضاعت فرص عديدة من عمر دولتنا الفتية.