عبد الباري عطوان يكتب : ماهي الرسالة الصادمة التي حملتها صواريخ المقاومة

عبد الباري عطوان
بالأمس وصلت سبعة من صواريخ المُقاومة إلى القدس المحتلّة في السّاعة السادسة مساءً بالدّقيقة والثّانية، مِثل ساعة “بيغ بين” الشّهيرة، وربّما أدَق، تضامنًا مع انتفاضة القدس الشبابيّة، واليوم الثلاثاء ضربت 137 صاروخًا مدينتيّ عسقلان وأسدود المُحتلّتين شِمال قِطاع غزّة، ودمّرت عدّة عمارات، وأسفرت عن مقتل مُستوطنين، وإصابة العشَرات ودفعت بمِليونيّ إسرائيلي إلى الملاجئ رُعبًا وهلعًا، في تغييرٍ غير مسبوق في قواعد الاشتِباك.
ما نُريد قوله، وتوضيحًا لما تقدّم، إنّ فصائل المُقاومة، وكتائب القسّام على وجه الخُصوص التي وعدت وصدقت، باتت تتبنّى خطّة قتاليّة عملياتيّة جديدة عُنوانها الرّئيسي استِخدام صواريخ “السجّيل” المُزوّدة برؤوسٍ مُتفجّرة، ذات قُدرة تدميريّة عالية جدًّا، وبكثافةٍ ضخمة، ومُزوّدة بأجهزة تضليل مُتطوّرة، قادرة على تجاوز القبب الحديديّة والوصول إلى أهدافها بدقّةٍ مُتناهية، جنبًا إلى جنبٍ مع صواريخ “سرايا القدس” وكتائب “أبو علي مصطفى” والقائمة تطول حب
هذا الصّمود الرائع والمُشرّف لأهلنا المُرابطين في بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس، ليس دِفاعًا عن بضعة بيوت في حيّ الشيخ جراح، أو لإعادة فتح ساحة بيت العامود، أو حتى اقتِحام المسجد الأقصى، وإنّما هي “المُفجّر” لاحتِقانٍ مُتضخّم ومُتراكم في حربِ صراع هُويّات، هُويّة يهوديّة صهيونيّة عُنصريّة مُحتلّة مُتغطرسة، وهُويّة عربيّة إسلاميّة عُنوانها الحِفاظ على إرثٍ تاريخيّ يمتدّ لآلاف السّنين، ومُقدّسات يجب أن تعود لسيادة أصحابها كريمةً مُصانة.
عندما يتدفّق 70 ألفًا للصّلاة في المسجد الأقصى ومُحيطه الطّاهر، في تحدٍّ بُطوليّ للاحتِلال، فهذا التحدّي هو الدّفاع عن الهُويّة، والتّأكيد على فشل كُل أحلام اليقظة حول توحيد المدينة المقدّسة، وإسقاط الهُويّة العربيّة والإسلاميّة عنها بشكلٍ نهائيّ، بقرارٍ من ترامب وكوشنر، وتواطؤ من قبل بعض المُستَسلمين العرب، فهؤلاء لا يَعرِفون التّاريخ، ولا يَعرِفون جينات المُقاومة والبأس والكرامة والصّبر الاستِراتيجي طويل النّفس لأهل الرّباط.

مقالات ذات صلة