وتر حساس/ ..انتكاس الثقافة/ الولي سيدي هيبه
“الثقافة” في موريتانيا كالماء في وصفه، بلا لون ولا طعم ولا رائحة… لا في جوهره الذي هو الحياة، بينما فتفوح منها في بلاد “التناقضات الكبرى” رائحة الفناء.
ومن حولها في وصلتي الحزام المغاربي والغرب إفريقي، وعلى امتداد خرائط دوله الأربع يضيئ الإشعاعُ الثقافي و الفكري جميع أركان الثقافة ويغطي بنهم واضطراد كل أبعادها؛ معارض للكتب في كل الاهتمامات العلمية و الأدبية والفنية و السياسية، يعمر نصف رفوفها الكتاب والمؤلف و المنتج المحليين، ومن حولها في النصف الثاني تجارب العالم و إبداعاته، و مهرجانات السينما و المسرح واستوديوهات الإنتاج و حركة نقدية نشيطة، دافعة ومؤثرة.
وفي بلادي التناقضات يظل الادعاء يكبر في صخبه المعتاد على الشبكة العنكبوتية، ويتشدق بالألمعية والتميز والابداع، لكنه تميز كاذب وابداع ساذج مرتجل في إنشائه، يفضحه هزال المضمون، لا يلفت انتباه أحد ولا يصدقه قارئ أو سامع إن همه، ولا يراه فضولي عزم وأمه.
وأما أفراد غالبية النخبة المصابة بالشلل النصفي فيلهثون كالجراء وراء أثداء السراب السياسي بقيعة الهوان، يحسبونه ماء من حوله حرث الدنيا.
إنه واقع بلد ثقافي مترد يتقاسمه الادعاء والزيف والإحباط والنفاق والكسل واللامبالاة، والأيام تسير في حركة الزمن السرمدية حبلى بالتأخر عن الركب الذي يخطو حثيثا إلى محطات العولمة المتقدمة والمحصنة من ملوثات العقل والضمير.