الترجمة التاسعة : شذرات من حياة بعض علماء موريتانيا…/ د. أحمدو ولد آكاه

 

 

الشيخ سيدي أحمد بن  عمار بن الناه البوصادي
نسبه: الشيخ سيدي أحمد بن عمار بن الناه بن اعلي الكبير بن بوحايم البوصادي .
حياته: تجدر الإشارة إلى أنه المؤسس الفعلي للطريقة الغظفية ويطلق عليه “الشيخ الكبير” أو”شيخ الغظف” كما يلقب أيضا: “بو غفاره” .
عينه “الإخوان” الغظف بعد وفاة شيخه في الطريقة الشيخ “المختار بن الطالب اعمر بن نوح البوصادي”، فصار وجها بارزا من أوجه الطريقة الغظفية، ومعه بدأت تتكون بشكل منظم وموحد.
وقد اكتسب أتباعا في ولايتي “تكانت” و”آدرار” من قبائل شتى من “إديشلي” و “أولاد غيلان” و”سماسيد أوجفت” و”إدولحاج” القاطنين في “مشظوف”، وقد خلفه ابنه: محمد محمود “الخلف”.
زهده وتصوفه: اشتهر صاحب الترجمة بالزهد في الدنيا، وقد أورد “المختار ولد حامد” نماذج من ذلك فقال: “كان الشيخ “سيدي أحمد ذا أحوال حتى يغلب عليه ويغمى عليه، ولا يؤديه ذلك إلى خلاف السنة، وكان زاهدا في الدنيا معرضا عنها، وقد أخذ عنه الكثيرون، واعتقدوا فيه، وأكثروا من الهدية إليه في آخر عمره، وقد قال قبل وفاته بعشرين سنة: قبحك الله يا دنيا أما ما دام الرجل يرغب فيك ويطلبك وهو في استقبال حياته فتهربين عنه، وأما إذا أعرض عنك وولى عمره فتقبلين عليه.
وكان إذا وجد مالا صرفه في وجوه البر من حينه، فكانت أم ولده تقول له: ما بالك لم تأتنا بشيء من هذا المال، فقال: إنما تريدين أن أكون مثل الجعل ـ أكرمك الله – يأتي بالنجاسة إلى جحره.
وجاءته امرأة بقلادة حلي فألقتها إليه وراقبته؛ لتعلم ما يفعل بها فأخذ عودا ودحرجها كما تدحرج النجاسة إلى حفرة فردمها فيها.
وأغير على إبله فلم يعبأ بذلك، وأرسل إليه الناهبون أن يأتي إبله ـ وقد كثرت وتناسلت ـ فقال للرسول: أما مادامت عندنا منة من الله فلم نطردها، وأما إذا ذهبت فلا نتبعها حتى تأتينا بنفسها وتركها .
كل هذه القصص تدل على مدى زهده، بحيث يشبه الدنيا بالنجاسة -أكرمك الله- كما لا يبالي بالمال فسيان عنده أوجده أم فقده؟ فالدنيا بالنسبة إليه لا تساوي شيئا ولا ارتباط له بها إطلاقا حسب ما ورد في هذه القصص القريبة، وهذا بعد صوفي معروف، يجنح أهله إلى الابتعاد عن الملذات الدنيوية كلها وعن كل ما من شأنه أن يشغل عن معرفة الخالق.
وننبه إلى أن هذا الشيخ توفي بآدرار جنوب غربي “أوجفت” في بلد “التيشاي” قريبا من “احسي اللب” عند مرتفع “فروكا” .

مقالات ذات صلة