الترجمة الخامسة : شذرات من حياة بعض اعلام موريتانيا…/ د. أحمدو ولد آكاه
نواكشوط 13فبراير 2021 ( الهدهد .م. ص)
سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي
نسبه: هو سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم بن الإمام عبد الرحمن بن الإمام ابن محمد بن أحمد بن إسحاق بن يعقوب… ينتهي نسبه إلى الحسن بن علي ـ رضي الله عنهماـ.
مولده ونشأته: ولد “سيدي عبد الله” سنة 1152هـ، وتركه والده وهو ابن خمس سنين فنشأ في أحضان أمه وخاله “أحمد بن عبد الله” نشأة علمية، وفي دراسته الابتدائية الأولى سمع من “الطالب عبد الرحمن امباب” وابن عمه “عمران الحاج محمد” .
دراسته وشيوخه:
مكث “سيدي عبد الله” أربعين سنة يرتاد لطلب العلم، ولم يشبع منه آخذا عن من وجد عنده زيادة .
ارتحل “ابن الحاج إبراهيم” إلى محظرة “المختار بن بونه” بمنطقة “القبلة”، فدرس عليه النحو والبلاغة والعقيدة كما تفقه على يديه .
بعد أن حصل “سيدي عبد الله” ما في الصحراء من العلم رحل إلى مدينة فاس فأقام بها مدة غير يسيرة للنظر والتحرير وتلقى عن “البناني” محشي “عبد الباقي” ، كما تلقى “البناني” عنه، ثم واصل رحلته إلى الحج ولقي من يشار إليه من علماء “مصر” وذاكرهم وأفادهم واستفاد منهم، وأتحفه أمير مصر بفرس من عتاق الخيل المصرية المعروفة بالكحيلات، فسئل عنها فقال: جعلتها حَطَّابا بمعنى أنه اشترى بها ـ وهي وسيلة ارتحاله ـ شرح الحطاب على مختصر خليل.
وفي رحلته هذه إبان مقامه في مدينة “فاس” أرسل إليه السلطان “سيدي محمد بن عبد الله” فامتنع من الذهاب إليه، فأمر المخازنية بحمله إليه على الهيئة التي يجدونه عليها فوجدوه على فراشه يطالع، فأدخلوه عليه على تلك الهيئة، وكان السلطان عالما ويجل العلماء، فاختبره في العلم فأعجبه وعظمه وأعطاه خزانة كتب نفيسة جدا.
وكان محبا للكتب معظما لها… لا يجعل الكتاب على ساقه وهو متطهر فضلا عن غير ذلك.
وربما تكون هذه المكتبة سببا في التميز العلمي الذي حظي به “سيدي عبد الله” حتى صار من الأربعة الذين لم يبلغ أحد مبلغهم في القطر الشنقيطي إضافة إلى “محمد اليدالي” و”المجيدري بن حبيب الله اليعقوبي” و”ابن رازكه العلوي” .
تصوفه:
من الجدير بالذكر أن “ابن الحاج إبراهيم” تلقى تعاليم الشاذلية الناصرية أيام إقامته في المغرب عن الشيخ التاودي بن سودة.
وكان “سيدي عبد الله “من العلماء العاملين معمر الأوقات بالطاعات جامعا بين الشريعة والحقيقة سريع الانقياد والرجوع إلى الحق، قائما بامتثال الأمر واجتناب النهي متبعا لسنة نبينا، لا تدوم معه البدعة بل ينكرها ويقول: إذا ظهرت البدعة ولم يتكلم العالم استوجب غضب الله تعالى، فارا بدينه من الفتن معظما للأولياء والصالحين، أخذته الحمى يوما فأخذ الباديسية فوضعها عند رأسه وقال لها: إن استطعت أن تأتيني مع هؤلاء فتعالي… ومن فوائده أنه كان يقول: من نابه مرض فليزن الشفا للقاضي عياض بالماء ويشربه…” .
وكان “سيدي عبد الله” لا يلقن أذكار الشاذلية إلا لمن درس أحكام الشرع وتضلع فيها .
وقد أفرد لمناقبه ابنه “محمد محمود” كتابا سماه “الدر الخالد في معرفة الوالد”، وقد بالغ في كثرة مناقب والده وشيخه فأنشد في العجز عن تعدادها قول البوصيري:
فَلا تُعَــدُّ ولا تُحْصَى عَجائِبُهَا
ولا تُســامُ عَلَى الإِكْثارِ بِالسَّأَمِ
وكان إضافة إلى تصوفه مبرزا في مجال علم الحديث كما كان مجاهدا صادقا حيث شارك في رد هجوم البرتغاليين أيام إقامته بالمغرب.
تلامذته:
بلغ “ابن الحاج إبراهيم” درجة عالية من العلم أهلته لبث العلم وتأسيس محظرة علمية تخرج منها العديد من العلماء، وحضرة صوفية قصدها المريدون، ولعل أبرز تلامذته: “الطالب حنكوش”، و”عبد الله بن المرابط”، و”الطالب أحمد بن اطوير الجنه” الذي صحبه أكثر من عشرين سنة.
مؤلفاته وآثاره:
ترك “ابن الحاج إبراهيم” وراءه مؤلفات مهمة وشروحا عديدة، يمكن ذكر بعضها فيما يلي:
– مراقي السعود وشرحه، نشر البنود أصول الفقه .
– طلعة الأنوار وشرحها في مصطلح الحديث.
– نور الأقاح وشرحه فيض الفتاح في البلاغة.
– روضة النسرين في الصلاة على سيد المرسلين، وشرحها.
– طرد الضوال والهمل عن الكروع في حياض مسائل العمل.
– طيب المرعى في حقيقة الاسترعاء، فقه .
– نظم مكفرات الذنوب وشرحه.
– رشد الغافل ونصيحة الجاهل، وسنعرض له في الباب الثالث.
– نوازل في الفقه.
– تأليف في القراءات.
– صحيحة النقل في بكرية “محمد قلي” وعلوية “إدوعل” أنساب .
– رسالة الروض في أنساب أهل الحوض… يوجد في م.م.ب.ع. تحت رقم: 2755 .
– الجلادة المطروقة إلى تطليق الزوجة الملحوقة يوجد في م.م.ب.ع. تحت رقم: 2298 .
– تحرير المقالة في تحريم وَنْكَالَه.
وفاته:
توفي ـ رحمه الله تعالى ـ سنة 1233هـ ودفن بالقبة قرب “تجكجة” .
* يتواصل*