مدير مؤسسة شنقيط للإشهار يقول : ورشات الخط مضايقة … وكرونا أثرت على إنتاجها…

نواكشوط 08 يناير 20210( الهدهد .م .ص)

يعتبر الخط فن من ارقى الفنون القديمة والحديثة حيث لعب دورا محوريا في حفظ تراث المجتمعات ونشر العلوم والمعارف بينها .
وكانت بلاد شنقيط في سالف عهدها تهتم بالخط وتتكون عليه الأجيال في المحاظر خاصة خط الرقعة المنتشر على نطاق واسع في البلد وبالرجوع الى المخطوطات المتناثرة بعضها فوق بعض في مكتبات المدن القديمة يتضح , كم كان الشنقيطي رائدا في مجال الخط من خلال زركشة حواشي المؤلفات والطرر التي يتم نقلها بالخط في هذه المدينة أو تلك.
ومع ميلاد المدينة الحديثة انصب الاهتمام على تطوير فن الخط عن طريق تشكل ورشات يحترف أصحابها مهنة فن الخط حيث يبدأون هواة مساعدين لملاك ورشات ثم يصبحون بدوام الممارسة والتطبيق محترفين كما هو الحال بالنسبة للشاب محمد الأمين ولد جدو المالك لمؤسسة شنقيط للإشهار .
ولتسليط الضوء أكثر على فن الخط في شكله القديم والحديث أجرى موقع “الهدهد” معه المقابلة التالية:
سؤا : أهتم “الشناقطة” قديما بالخط أو ما يطلق عليه في ذلك الزمان “النقل”, حيث نجد في المكتبات العديد من المخطوطات بنقل “شناقطة”, فهل من توضيح حول المراحل التي مر بها ؟

جواب : بداية. لا يسعني إلا أن اشكر موقع “الهدهد” السباق لإنارة الرأي العام على اهتمامه بهذ الفن الجميل والذي لا يجد أي جهة تقدر دوره .
فالخط كمهنة أو ما يعرف بفن الحروف من الحرف المهنية المهمة ,حيث يمتص بطالة المئات من الشباب الموريتانيين ومع ذلك يساعد في حفظ وتوثيق التاريخ الوطني بالاضافة الى إعطاء لمسة جمالية للمدن من خلال اللوحات الاشهارية التي توضع على واجهات المؤسسات العمومية والمحلات التجارية وأرصفة الشوارع.
وقد مر فن الخط اساسا بثلاث مراحل :
اولا : الخط أو على الأصح الرسم على الصخور والنقش داخل الكهوف في العصور الحجرية ونظرا لسلسلة الجبال التي تشكل حزاما على بلاد شنقيط نجد ٱثارا ماتزال قائمة من النقش والرسوم على الصخور الحجرية وفي كهوف الجبال كما هو الحال في جبل “اقريجيت” القريب من مدينة تيشيت التاريخية وغيره.
وظهر مع تأسيس دولة المرابطون اهتمام متزايد بتحسين الخط للحاجة الملحة في نقل أمهات الكتب النادرة التي تصل البلد عبر القوافل.
ولعبت المحاظر دورا في تكوين الخطاطين أو على الأصح الناقلين الذين يتبعون قواعد الخط العربية الشائعة والمتداولة في البلاد العربية.
وظل الخط في تلك المرحلة مقتصرا على كتابة الرسائل والقرٱن الكريم في الألواح ونقل الكتب التي أصبحت يطلق عليها في العصر الحديث المخطوطات وبحاجة للصيانة وإن كانت حلقة مهمة من تاريخ وتراث البلد.
اما المرحلة الثالثة من مراحل الخط فقد بدأت مع تشكل الدولة. المدنية ,حيث ظهرت الحاجة في الخطاط المهني الذي ياستطاعته أن يلبي حاجات البلد التي أصبحت تتزايد بتزايد الوعي السياسي والتجاري وحتى بانشاء المؤسسات والادارات وتشييد الشوارع.
سؤال : ذكرتم انه مع ظهور الدولة الحديثة برزت حاجة في وجود خطاطين يمتلكون معارف بقواعد الخط ،متى بداتم شخصيا اقتحامه ،وهل تلقيتم تكوينا فيه؟
جواب : اقتحمت هواية الخط عندما انتهيت من الدراسة ولم اجد عملا فكان عندي صديقا يدعى عبد الله ولد امود رحمة الله عليه يملك ورشة للخط فالتحقت به متدربا وان كنت في الدراسة من احسن الطلاب خطأ لكن بدون معرفة للقواعد المنهجية له.
ومع دوام الممارسة والتطبيق والتوجيه الذي اتلقاه من حين الٱخر من استاذي بدأت خبرتي تتحسن شيئا فشيئا إلى أن أصبحت محترفا واملك ورشة للخط وهي من أكثر ورشات الخط علاقات في السوق والإدارات, حيث حولتها من ورشة الى مؤسسة شنقيط للإشهار .
سؤال: من المعلوم مسبقا أن ورشات الخط تنشط في المواسم السياسية فما هو تقييمكم للمرحلة الراهنة ؟
جواب : صحيح أن فترة المواسم السياسية التي يحتدم فيها الصراع بين السياسيين في الانتخابات تكون مناسبة لإثراء عمل ورشات الخط من خلال التفنن في تنميق خطوط اللافتات، لتكون أكثر جاذبية للجمهور.
وبحق كما قلتم تكون مناسبات المواسم السياسية فرصة لا تعوض لملاك ورشات الخط.
ولا شك أننا في الوقت الراهن نعيش ركودا بل في عجز عن تلبية حاجاتنا اليومية خاصة مع صعوبة تكاليف الإيجار من جهة ، والمنافسة الحادة بعد دخول رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات الذين يأخذون الأعمال عن طريق الموردين النافذين في القطاعات الحكومية أو الأحزاب السياسية، حيث يبحثون عن جهات خارجية لإنجاز أعمالهم على حساب الورشات الوطنية التي تدفع الضرائب وتوظف المواطن وتسدد الأيجار عن المحلات.
سؤال : أثرت جائحة كفيد19 اقتصاديا واجتماعيا على القطاعات العمومية والخصوصية فما ذا عن انعكاساتها على ورشات الخط ؟
جواب : لا جدال في أن وباء كورونا أثر كثيرا على ورشات الخط كما هو الحال بالنسبة للقطاعات الإنتاجية الأخرى ، لكن ورشات الخط أخذت حصة الأسد من تأثير هذه الاجائحة على الممتهنين لها ، فلم تعد هناك نشاطات سياسية ولا ورشات تكوينية الا في حالات استثنائية مع العلم أن عمل ورشات الخط عادة لا ينقطع وهو عمل مستمر .
والخطاط مضايقا من جهات عدة تحاول اقصاءه وتعمل على سدل الستار دونه لكن ارادة الخطاط ستظل تتحدى الجميع ولن تقبل الرضوخ والاستكانة لأنها تدافع عن حقها الشرعي في الحياة الكريمة . .
ولئن كانت الحكومة دفعت تعويضات للمؤسسات الخصوصية وبعض الجهات الأخرى فمن حقنا أن نطالب بدعمنا ومؤازرتنا حتى نتجاوز هذه المحنة .
وهنا لابد من أن نوجه رسالة عبر موقع ” الهدهد” لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني وإلى الوزير الاول بوصفه رئيس لجنة متابعة كورونا نطالبهما فيها بحمل قضيتنا في التعويض محمل الجد للتخفيف من الظروف الصعبة التي نرزح تحتها .
سؤال : هل لديكم أرقاما بعدد ورشات الخط في نواكشوط؟

جواب: نعم لقد قمنا باحصاء لعدد ورشات الخط في نواكشوط، حيث تم إحصاء 250 ورشة ناشطة في هذا المجال ، وعملنا على تنظيم أنفسنا في إطار رابطة للخطاطين لكن اصطدمنا بالقرار الاخير. المتعلق بالمجتمع المدني ،وما زلنا ننتظر الظروف الملائمة لخلق إطار مشرع نعمل تحت مظلته.
وقد بدأنا نجد المضايقة في عملنا من سلطة تنظيم الاشهار التي وجدتنا قائمين قبلها منذ عقود ،ضف الى ذلك الكثير من المضايقات الأخرى من جهات مختلفة.
ومهما يكن فإن ورشات الخط في وضع لا تحسد عليه ،ومع ذلك فهي تمتص بطالة الشباب من خلال  ما توفره من عمل لعدد.كبير من الشبات الذين  يعيلون أسرهم عن طريق دخلهم اليومي من هذه الورشات.

*اجرى المقابلة : الشريف بونا*

مقالات ذات صلة