قصص وحكايات : ” مجنون كيفه” الذي ذاع صيته
نواكشوط 25 أكتوبر 2020( الهدهد.م .ص)
للمجانين حضور كبير في الحكايات والنوادر والقصص؛ إذ إن منهم من تَصْدُر عنه حكم ومواعظ وعبارات يحسده عليها العقلاء، كما كان منهم الظريف الذي يُضحك الناس رغم جنونه وصرعه ..
وإن لكل بلد من الأرض مجانينَ معروفين يمثلون لحظة ما من تاريخه، ومن مجانين كيفة المشاهير الذين ذاع صيتهم في أطرافها أحمد طالب ولد امبيريك رحمه الله..
كان أحمد طالب مجنونا سلسا كثير الهدوء قليل الكلام إلا مع نفسه التي دائما ما كان يناجيها وكأنه معها في عالم مختلف، بالإضافة إلى أنه كان يستخدم عن نفسه ضمير الغائب بدل المتكلم فتسمعه يقول: هو عطشان ادور يشرب ..هو موجوع.. وطبعا هو يعني نفسه..
كان رحمه الله يتخذ من السوق المركزي للمدينة إقامة دائمة له، يحرص غالبا على التجوال فيها من غير بأس ولا ضرر، تراه في أغلب الأوقات يحمل شيئا ما على كاهله حيث يحسبه الرائي مسافرا إلى مكان بعيد وفي الواقع هو منتقل من طرف السوق إلى طرفه الثاني..
كان رحمه الله طريفا وصاحب تارات مختلفة، لم يذكر عنه البطش ولا الاعتداء على الآخرين بل كان الجميع يأمنونه حتى الأطفال..
من طرائفه أنه كان يعترف بجنونه أحيانا وينكره أحايين أخرى ..
يذكر الجميع عنه قوله عن نفسه: بسم الله الرحمن الرحيم يذ من اجنون..
ولكنّ له ، أيضا ، قولا ذائعا يصادم هذه المقولة حيث ورد عنه قوله: “أثرن كاع لُكَنّ ما انكول الاسم الاعظم انجنو” ..على أساس أنه عاقل..
أذكر أنا كنا نمر به – ونحن صغار – قادمين من المحظرة مطلع هذه الألفية فنجده يستحم بماء القِرب في الشتاء القارس ويردد عبارة: ” ابرودك يا الله..”.
ولكن موقفه الأكثر طرافة هو قوله حين رأى الناس عند ملتقى الطرق يزدحمون ما بين رائح وغاد فهالته كثرة الأقدام وتزاحمها وما في ملتقى الطرق من سيارات وعربات تذهب في اتجاهات مختلفة فقال قولته التي كتب لها الخلود:” يا اهل كيفة امشو في اتجاه واحد هذا هو ال جننتون بيه..”
لم يدر أهل كيفة أن هذه المقولة صادقة وتحمل في طياتها الكثير من الحقائق ..
تمثل هذه الصورة المرفقة رمزا لأهل كيفة
رحم الله ذلك الرجل المجنون الذي يعتبر أشهر مجانين هذه المدينة واكثرهم طرافة..