افتتاحية …/ التحقيق في مسار الفساد إلى أين…؟
نواكشوط 26 اغسطس 2020 ( الهدهد .)
بدأت جدية محاربة الفساد تتضح خيوطها وتظهر تجلياتها عندما رفعت السلطة التنفيذية يدها عن التدخل في صلاحيات السلطتين التشريعية والقضائية حيث لم تتدخل في تقصي لجنة التحقيق البرلمانية وانتقائها للمرحلة الأولى من صفقات الفساد التي تحوم الشبهات حولها.
لقد استطاعت لجنة التحقيق البرلمانية المشكلة من قطبي الطيف السياسي “موالاة ومعارضة” في ظرف وجيز لا يتجاوز ستة أشهر من إعداد تقرير شكل صدمة لرأي العام الوطني بحجم الفساد الذي ابان عن أرقامه الخيالية في العشرية الأخيرة من نظام بدأ مشواره بحمل “شعار محاربة الفساد “, فضرب رقما قياسيا فيه.
فإذا كان خبراء الأقتصاد يجمعون على أن أكبر عائق في وجه تنمية الدول يرجع إلى الفساد الذي هو صرف المال العام في غير ما هو مبرمج ومخطط له في ميزانية الدولة المجباة سواء كانت عن طريق إتاوات وضرائب أو هبات وقروض ممنوحة للمساعدة في إنجاز مشاريع ،أو شراء معدات أو إعداد وتكوين مصادر بشرية لتسيير الشأن العام ، فإنما استشراءه في بلدنا هو الفساد بعينه…
ولئن كنا نسمع أن هناك هيئات تراقب تسيير المال العام وتقوم بتفتيش المسييرين له من حين الٱخر وتكتشف في أكثر الأحيان اختلالات تطلب من أصحابها دفع المبالغ المنهوبة من المال العام وتسوق بعضهم في أحايين أخرى إلى السجن لينالوا جزاءهم من غلهم للأمانة التي كلفوا بها لخدمة الشعب والبلد، فإن الأمر في هذه النازلة المنشورة أمام القضاء أعظم واضخم مما يمكن للمتابع تصوره .
فالمطلوب الٱن من قادة الرأي والمثقفين الأحزاب تكاتف جهود الجميع لإحقاق الحق وترك مسار التحقيق القضائي بمساعدة شرطة محاربة الجرائم الأقتصادية يسير على نفس الوتيرة التي سار عليها تحقيق اللجنة البرلمانية ، فلا مجال إطلاقا للتشويش على مسار يراد من خلاله استرجاع أموال طائلة نهبت عن طريق التحايل من شعب يحتاج معظمه إلى ما يسد به رمقه ويعالج به مريضه ويعلم به ابناؤه خاصة في سنة شهباء ..
ومهما يكن فإن المواطن الموريتاني ضحية نهم وجشع من تتوق نفوسهم إلى جمع المال بحلاله وحرامه يطرح سؤالا وينتظر جوابه من السلطة القضائية إلى أين يتجه التحقيق في مسار فساد العشرية الأخيرة..؟
بقلم : الشريف بونا