رأي : القو س أسندت إلى باريها …/ عبد الله السيد
نواكشوط 16 يوليو 2020 ( الهدهد . م .ص)
- كلما ازداد الاعتزاز بالوطن تحطت حيل الوقيعة
حين اختارت موريتانيا، من بين 6 مرشحين وبأغلبية ساحقة في الشوط الأول، الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؛ بناء على برنامج انتخابي يلبي طموح المواطن ازداد الاعتزاز بالوطن، وتولدت آمال الإصلاح ومحاربة الفساد، ونشر العدالة؛ لأن القوس أسندت إلى باريها.
وازداد الناس أملا بتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية، يقودها المهندس إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا، وبإعادة تشكيل الهيئات العليا في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية برئاسة السيد سيدي محمد ولد الطالب أعمر.
تنفس الجميع نسيم الحرية، وتعزز أمل توحيد الجهود لبناء وطن؛ يحتاج كل طاقاته، ويسع كل كفاءاته بعد سلسلة اللقاءات التي انفتح بها رئيس الجمهورية على المعارضة، وبعد سماحه بعودة المعارضين الذين كانوا متابعين بمذكرات اعتقال دولية.
في هذا السياق ولدت في رحاب المؤسسة التشريعية لجنة برلمانية للتحقيق في بعض ملفات تسيير العشرية المنصرمة بأغلبية من نواب الحزب الحاكم وعضوية ثلاثة نواب من خارج الحزب الحاكم، اثنان منهم من أحزاب المعارضة.
ومن غير شك فإن ميلاد هذه اللجنة في حد ذاته فعل غير مسبوق في تاريخنا السياسي يستحق التثمين، والدعم لما يحمله من تباشير خضوع ماضينا للتمحيص والتدقيق، وهو يدل دلالة واضحة أن أعضاء الأغلبية لا يجدون غضاضة في إخضاع ماضي تسييرهم وتسيير أعضاء حزبهم للفحص.
بدأت اللجنة عملها وصرح الناطق باسمها في وسائل الإعلام بأن القانون أعطاها صلاحية استخدام السلطة العمومية لإحضار من دعته ولم يلب دعوتها، وكادت تعصف بتماسك الأغلبية حين ازدادت تصريحاتها بصورة أغضبت رئيس الجمعية الوطنية؛ فنصحها بالعمل بعيدا عن العنتريات؛ الأمر الذي استدعى الاعتذار له، وبلغ أوج أزمتها عندما دعت الرئيس السابق فرفض دعوتها.
بعد ذلك وصل دورها مع الدكتور إسلك أحمد إزيد بيه الذي لبى دعوتها، لكنه تفاجأ بأن موضوع الدعوة لا يعنيه، من قريب ولا من بعيد، وزاد شعوره بالظلم حين احتجت اللجنة له برسالة من سفير دولة أجنبية، قطعت موريتانيا علاقاتها بها، تتعلق بلقاء قال ذلك السفير إنه جمعه بالرئيس السابق في موضوعات لا تدخل في صميم عمل مدير الديوان، بناء على إفادة شخص آخر!
بالمنطق الرياضي رأى الدكتور أنه دعي لعدم قدرة اللجنة على إحضار من قالت وثيقة سفارة الدولة الأجنبية إنه اجتمع مع سفيرها (الرئيس السابق)، أو لعدم رغبتها في مزيد التواصل مع تلك الدولة التي وفرت هذه الوثيقة “النادرة” حتى تبعث لها بسعادة السفير، وهو على قيد الحياة، لتعرف منه ما دار بينه وبين الرئيس السابق بخصوص الجزيرة المذكورة.
وبالمنطق السياسي ربما خطر بباله أن السياق يريد أن يقول له: ها هي قطر التي قطعت موريتانيا العلاقات معها في فترة توليك وزارة الخارجية تدخلك ملف فساد العشرية، وها هو الحزب السياسي الذي كان بينك وبينه بعض الشد والجذب يتمكن من تلطيخ سمعتك، فلم تشفع لك عدم علاقتك بالموضوع من قريب ولا من بعيد، ولا أنك من رموز الأغلبية الذين ترأسوا الحزب الذي يمتلك أغلبية اللجنة البرلمانية، ولا كونك من حواريي فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، ومن الذين خدموا الوطن بأمانة وإخلاص.
هنا ارتفعت مرارة الظلم لدى الرجل، فهو لم تمكنه الوظيفة من امتلاك القصور في مختلف أحياء تفرغ زين، والسيارات الفخمة من كل نوع، وقطعان الماشية وغير ذلك من متاع الدنيا الذي يراه عند زملائه. وكان بذلك يدافع عن رأس مال من القيم المعنوية؛ حرص على بنائه خلال مسيرته الدراسية والوظيفية فرآه بهذه الوقيعة مهددا؛ لذلك سأل اللجنة بعد انتهاء مساءلتها له إن كانت تشعر أنها دنست عرضه بإقحامه في ملف لا علاقة له به.
في سياسة حيل الوقيعة التي اعتمدها سدنة الفساد في الأنظمة السابقة لإبعاد كل كفء نظيف، لا يشاركهم لذة التبختر على جثمان هذا الوطن الصبور ربما خطط البعض لأن تكون دعوة اللجنة للدكتور مزامنة لليوم الذي أشيع فيه دخول الرئيس السابق (موضوع وثيقة قطر) نواكشوط ليدفعه الشعور بالظلم إلى الاستقالة، فتربط تقاريرهم هذه بتلك كما حدث؛ فيكون في ذلك إبعاده من خدمة وطنه في فترة رئاسة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؛ لأنه لا يمكن التخلص منه عن طريق الاتهام بملفات المال العام.
هيهات هيهات لما يوعدون… لقد فاتهم أن فخامة الرئيس يعرف معادن الرجال، ويمتلك من الحكمة والتروي ما لم يعتادوه في سابق الرؤساء، وغاب عنهم أن للدكتور عقلا راضته خبرة واعية من تدريس الاحتمالات، وممارسة السياسة خدمة للوطن، وأن إعجابه بالرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وسابق علاقته به قادران على إحباط مكر السوء وتخطيط أصحاب حيل الوقيعة؛ ذلك أنه كلما ازداد الاعتزاز بالوطن تحطت على أديمه الميمون حيل الوقيعة، وبار نهج العاملين عليها.