المأمورية الجديدة لرئيس جامعة نواكشوط العصرية… ورهانات متابعة الإصلاح…

 

نواكشوط 13 يوليو 2020 ( الهدهد .م .ص)

يلعب التعليم العالي والبحث العلمي دورًا بارزًا في مجال التنمية الشاملة للمجتمع ، وذلك نظرًا للإسهامات الكبيرة التي قام بها في تغيير واقع العديد من الشعوب نحو الأفضل.

وفي هذا السياق، فقد بات من المعروف أن حركة التطور المجتمعي مقرونة بالحركة العلمية فيها،  لذلك فإن الجامعة تعتبر منبرًا للعلم والمعرفة والفكر ، وهي في الوقت ذاته تشكل الأساس الذي من خلاله يتم بناء نهضة المجتمع وتطوره حاضرًا ومستقبلًا.
وتأتي المأمورية الجديدة لرئيس جامعة نواكشوط العصرية بعد مضي خمس سنوات من إطلاق الوزارة الوصية علي قطاع التعليم العالي والبحث العلمي وتقنيات الإعلام والاتصال لحزمة من الإصلاحات الهيكلية المهمة شملت مجالات متعددة مثل الإطار المؤسسي والقانوني، والعرض التكويني ومساراته، والحوكمة والقيادة، والمراقبة والتقييم، والبحث العلمي وضمان الجودة، والشراكة مع المحيط الإقتصادي والإجتماعي، والحياة الجامعية، والتكنولوجيا الرقمية، والتعاون الدولي، والتفاعل الثقافي والتبادل الطلابي،…وغير ذلك من الإجراءات الضرورية للنهوض بالتعليم الجامعي بصفة عامة .
ومن أجل مواصلة هذه الإصلاحات وتصحيح النواقص الملحوظة خلال المأمورية السابقة، فإن رئيس الجامعة الجديد مطالب بالتركيز على  مايلي:
– متابعة عملية تأسيس ضمان الجودة ونظام الإعتماد على  مستوي مختلف الكليات والمعاهد التابعة للجامعة.

ونقترح في هذا المجال، إنشاء مصالح أو بنيات مكلفة بهذه المهمة على مستوي المؤسسات، تعمل على تطوير الهندسة البيداغوجية ومقرونية الشهادات وتعديل عروض التكوين عند الحاجة ،
– رسم خطط تنفيذية لغرض تنمية مهارات الموظفين الأكاديميين من خلال تعميم التكوين المستمر وتحسين الخبرات،
– تحسين مستوي تدريبات القيادات الإدارية بالجامعة،
– ترقية البحث العلمي من خلال زيادة الإنفاق عليه وإيجاد مزيد من التنسيق بين مكونات مدارس الدكتوراه ومختبرات البحث على مستوي الكليات وهو مايمكن من خلق مدرسة فكرية ذات تقاليد علمية يمكن للبحث العلمي أن يستند عليها في معالجته لمشاكل البلاد ،
-القيام بالتنسيق اللازم مع الوكالة الوطنية لترقية البحث العلمي بغية تحديد برنامج أولويات من أجل إنطلاقة حقيقية لتوجيه البحث العلمي الجامعي في خدمة التنمية الإقتصادية و الإجتماعية للبلد،
– تبني سياسة الإقتصاد المعرفي من خلال تفعيل دور الكليات والمعاهد في نشر ثقافة المعرفة في المجتمع عبر تطوير النشر ( الأطاريح، المجلات الدوريات والبحوث المتخصصة…الخ)،
– تعزيز الشراكة بين الجامعة ومختلف القوي الفاعلة في المحيط الإقتصادي والإجتماعي مثل: ( الإتحاد الوطني  لأرباب العمل الموريتانيين،غرفة  التجارية الصناعة والزراعة الموريتانية، المؤسسات الصناعية الكبري في البلد وسائر الهيئات والشركات الخدمية المشغلة…)،
– تطوير التكوين المهني بواسطة زيادة الشعب المهنية وإنشاء قاعدة بيانات حول الكفاءات المهنية في القطاع الخاص التي يمكن أن تتدخل في إطار تكوينات طلاب هذه الشعب وإيجاد الشراكات اللازمة لدعم تربصات التكوين بالنسبة للطلاب،
– تثمين شهادات الماستر والدكتوراه على مستوي سوق التشغيل وذلك بالتركيز على الكيف وليس الكم  وعدم التساهل مع أعتماد قبول الطلبة في سلك الدراسات العليا إلا على أساس التميز،
– إعتماد سياسة جديدة لمتابعة دمج الخريجين على مستوي سوق العمل تمكن من إختبار نجاعة وفاعلية مخرجات التعليم الجامعي وتسهم في تصحيح وتوجيه مسارات التكوين من أجل مطابقتها مع متطلبات تنمية البلد.

وفي هذا الإطار، فإننا نوصي بإنشاء المرصد الجامعي لمتابعة دمج الخريجين كبنية قائمة بذاتها على مستوي إدارة الجامعة،
– تطوير وتفعيل عمليات الشراكة مع الجامعات الإفريقية والعربية والدولية وذلك بهدف تطوير التفاعل الثقافي وزيادة التبادل الطلابي وأعضاء هيئة التدريس والوصول إلى إقامة مشاريع مشتركة في مجال البحث العلمي،
– توظيف أفضل لتكنولوجيا المعلومات من أجل تحقيق تحسن مطرد في أداء الموارد البشرية،
– تطبيق سياسة إتصال محكمة وفعالة مع الجميع وتقوية الثقة بين إدارة الجامعة وهيئات التدريس والطلاب والعمال ومع جميع الشركاء الخارجيين الوطنيين والدوليين،
– تطوير الحوكمة الرشيدة عبر إرساء مفهوم الجامعة المبادرة وذلك بإتخاذ ما يلزم من خطوات لتحسين النجاعة الداخلية والخارجية ومواصلة التسيير المحكم للموارد و خلق قطب خاص بالخبرة والاستشارات الجامعية يمكن من تعبئة موارد إضافية لدعم الميزانية العامة للجامعة،
– إشاعة ثقافة التقييم لتشمل جميع أطراف العملية التربوية بدءا بالطلاب والمدرسين مرورا بطواقم الإشراف التربوي والإداري وانتهاءا بقيادة المنظومة التربوية الجامعية.
والخلاصة إنه من أجل مواكبة التطور الحاصل اليوم في العالم الذي أنتقل من الإقتصاد الصناعي حيث التركيز علي المنتجات إلي عالم المعرفة الذي يعتمد علي الخدمات والخبرة ، فإنه يكون لزاما علينا إحداث التغيير المطلوب في مجال تعليمنا الجامعي ليستجيب لمتطلبات البلد التنموية وهو ما ركز عليه رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في برنامج ” تعهداتي” .
كما أن الرهان على مواصلة الإصلاحات في منظومتنا التربوية الجامعية يبقي هدفًا لاغني عنه لإيصال المجتمع إلى الحالة التي يرى فيها نفسه الأداة التي تذكي روح المواطنة وتعزز عرى التماسك الإجتماعي وتحقق الوحدة الوطنية الشاملة التي نسعي اليها جميعًا.

بقلم : د. محمد الراظي ولد صدفن استاذ بجامعة نواكشوط العصرية.

مقالات ذات صلة