رأي : نائب في الجمعية يحذر الرئيس من بطانة السوء
حذر النائب البرلماني محمد بوي ولد الشيخ محمد فاضل، الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني من بطانة السوء.
وقال في رسالة موجهة إلى الرئيس ولد الغزواني، حصلت صحيفة “ميادين” على نسخة منها:
الشيطنة : ربح المنافق ..خسارة الرئيس
سيدي الرئيس :
التجارب الوطنية الرئاسية كفيلة بإعطاء الدروس لمن يتقلدون المهمة ، والرئيس شخص لا يتصور في حقه إلا الحرص على المصلحة الوطنية بكل مقتضياتها أولا ، الأمر الذي لا يتعارض مع حرصه على مصلحته الشخصية بكل تفاصيلها ثانيًا ، أو على مصالح حاشيته بكل مخاطرها ثالثًا .. وتفاوت السادة الرؤساء بين بان للدولة متعفف ذي أخطاء ، أو خطاء متعفف ذي قوة ، وبين سلطوي متعفف في نفسه ، مفسد لحاشيته ، همه منهم سلطته ، وهمهم منه جمع المال ، أو فاسد مفسد ، همه السلطة والمال ، متخذٍ لحاشيته والمصالح العامة مطيةً لخدمة ذاته ، فجمع وأوعى ، ومرَّ رؤساء في فترات انتقالية ، لم يتح لهم الوقت فرصة لترك بصمة واضحة ، فكانت خصالهم الذاتية أبرز من الرئاسية ، وقد تَدَرَّكَت الصفة الرئاسية من الرئيس ” أب الأمة ” بكل فضائلها ، إلى الرئيس ” اپْرُمْ پُوتِيگْ ” بكل رذائلها ، مرورًا بينهما بصفات متفاوتة ..
ولقد تعاقب رؤساء سابقون على البلد ، فلم يشفع للمرحوم المختار ولد داداه جهده في تأسيس الدولة وبنائها ، فأودع السجن بكل قسوة ، ومات في الغربة بكل وحْشة ، ولم تراعى لمحمد خون ولد هيدالة عفته وقوته وإقامته لشرع الله ، فتعرض لأنواع الإهانة ، ولم ينفع معاوي ولد سيد احمد ولد الطائع تساهله وتبجيله لكبار القوم ، وتسييبه للمال العام ، فأخذ غدرا ومازال يعيش في المنفى ، كما لم يستفد محمد ولد عبد العزيز ( وأنتم أدرى ) من مبادراته ، فانقلبت عليه مرجعياته التي أنشأها ، فبقي يعد أمواله بلا متعة !
وسيثبت التاريخ في حق كل ممارس للمهمة نوعية حرصه ، وطريقة نهايته !
سيدي الرئيس :
إن لهذا الوطن خصوصية ألفها ساسته ، تحتاج الجهد لعلاجها ، فكل نخبنا السياسية تطبق قاعدة ” الْحَاظْرَة ابْصِيرَة ” وهي صفة غير حميدة ، خاصة إذا امتزجت بالقاعدة ” .. ومن حضر قسمنا معه وغبناه ” ؛ لذلك فهم يتنافسون في مدحكم وحكومتكم حفاظًا على مصالحهم ، كما كانوا يمدحون من كانوا قبلكم في المنصب ! ( وما تناقض المبادرات والمرجعية عنكم ببعيد ) فهم يتغاضون عن أخطائكم وحكومتكم ، ويفوتونها ويجملونها ، خوفا على مصالحهم ، فهل أنتم والوزراء قوم لا تخطئون ؟! ( وما قصة قانون حماية المستهلك إلا أحد الأمثلة على ذلك )
سيدي الرئيس :
أكثر من ذلك وأخطر عليكم ، إنهم يشيطنون لكم كل ناصح ومناصر بالحق وعلى الحق ، يصورونه لكم معارضًا وحاسدا وحاقدا ، غير أن فعلهم ليس بدعًا في تاريخهم النفاقي في الشيطنة السياسية : فلقد شيطنوا القوميين لهيدالة ، وأطلقوا سراحهم يوم الانقلاب عليه ، وشيطنوا الإسلاميين وفرسان التغيير لمعاوية ، وأطلقوا سراحهم بعد الإطاحة به ، وأطلقوا مبادرات المأمورية الثالثة لعزيز ، وتنكروا له بمبادرات المرجعية ( وأنتم أدرى ) ..!!
سيدي الرئيس :
الميزة الجديدة في الوضع السياسي الوطني هامة جدا ، وهي التناوب السلمي على السلطة ، وقد ظهرت أولى تجلياتها في إطلاق لجان التحقيق البرلمانية ، الأمر الذي يستدعي التأمل والانتباه لعدة نقاط :
الأولى : محدودية الفترة الرئاسية بعشر سنين على الأكثر ، ففي أفق سنة 2029 يتوقع التغيير إن شاء الله .
الثانية : التغير الجذري للعلاقات بعد التناوب على السلطة ، حتى بين أقرب المقربين .
الثالثة : تطور التحقيق في التسيير عن طريق اللجان البرلمانية ، التي يجهل ظروف نشأتها ، وعناصر تشكيلها ، ومرجعية انتمائها ، ونتائج أعمالها .
الرابع : قدرة السياسيين خاصة الشباب منهم ، على التأقلم والاستفادة من الأوضاع السياسية المماثلة ، وأهمية ذلك في صناعة مواقفهم التي تتجه نحو نمط سياسي موضوعي .
الخامس : أن تقديم التعديلات على القوانين ليس تخوينا للرئيس ، ولا معارضة لحكمه ، بل هو عمل برلماني صرف ، تحتاجه الجمعية الوطنية في ظل الغرفة الوحيدة ، اتباعا للمثل الشعبي ” الِّ اعْشَاكْ وَعْشَاهْ فَگْدَحْ إِلَا اتْهَ إِكُبُّ لَا اتْخَلِّيهْ”
السادس : أن فخامة رئيس الجمهورية ، ومعالي الوزير الأول ، والسادة أعضاء الحكومة يخطؤون كغيرهم من البشر ، ومهمة النواب هي تقويم أخطائهم في مجال التسيير والتشريع ، وقيامنا بذلك واجب شرعي وقانوني .
السابع : أن امتناع غالبية النواب عن القيام بواجب النصح ليس موالاة ولا حبًا ، بل حرصًا على حسن العلاقة مع مصادر السلطة ، جريًا على قاعدة ” الْمُكَلّفْ أَخَيرْ اخْلَاگُ مَنْ هَمُّ “
سيدي الرئيس :
في ظل الوضعية السياسية الوطنية المبنية على تاريخها الواضح ، وحاضرها الفاضح ، ومستقبلها الطامح ، تبقى الرئاسة فرصة لخدمة الوطن ، من طرف شخص أغلقت عليه الأبواب كسابقيه جبرا ، من طرف حاشية همها همُّ سابقيها في الحِجَابَة انتفاعا ، مع وجود سياسيين ، منهم غير المُرَوّضِ نفاقا ، ومنهم الهجين تملقا ، إلى جانب شعب مغلوب على أمره عجزا …
سيدي الرئيس :
سيلتف حولكم المنافقون بجميع وسائل الإرضاء والتعامي، وسيصلون إليكم بكل طرق الضغط والإلحاح ، وسيتبتلون بين أيديكم بأمتع أساليب التقرب ، وسترضون عنهم رغمًا عن حكمتكم وعقلكم .. لكنها سنة الحياة ، فحاولوا أن لا تُحْرَموا من الصادقين والأكفاء والخبرات الذين لا ينافقون ولا يتملقون ، وابحثوا عن مجهر تبتكروه لينفعكم في ذلك !
سيدي الرئيس :اقبلوا النصح لذاته ، والناصحين على مخالفتهم .. وانتبهوا من الشيطنة .. الشيطنة .. الشيطنة !!