وتر حساس.. عندما يغيب العدل بين المواطنين
إن جولة، بدليل الفضول العدلي، في شبابيك وإدارات قطاعات المياه والكهرباء وفي مصالح البلديات وغيرها من المشرفة على الامتحانات والتشغيل وتمويل المشاريع وتقسيم الإسعافات والصفقات والقطع الأرضية الزراعية والسكنية، وفي مفوضيات الشرطة والإدارات، تنبئ هذه الجولة إذن المتأمل والباحث عن كثرة مواطن الخلل في ميزان العدل والمساواة بين المواطنين وعن ضعف أو غياب حياد هذه الإدارات والمصالح والجهات.
وهي الجولة التي لا بد أن تذهله كذلك بما ستكشف له من الحقائق المرة التي تنتمي بممارستها الغاشمة إلى عصر ولى وعقلية فوضوية عصية على التحول والتغيير.
ولا شك أن أولى هذه الملاحظات تتمثل في الحضور القبلي البارز بالأسماء والقرابات في المصالح الخدمية والإدارات التسييرية والتخطيطية نتيجة ترأس إدارتها من قبل منتمين لهذه الكيانات حتى بات من المعلوم تسميتها بها ـ من باب الفكاهة التي تحمل جوهر الواقع – وقد اتخذوها حظائرهم الخلفية وفضاءاتهم المملوكة لهم يطبقون فيها “انتقاء الأقارب” بهدف نفعهم وتحصين المكانة بهم ظهيرا وقوة لفرض الحضور بالوزن العددي في نظام الدولة التسييري والسياسي من ناحية، ولضمان النصيب من كعكة الدولة التي لا يتوقف تقسيمها بينهم على حساب التنمية الضعيفة وعامة الشعب المهمش بكل تقسيماته القبلية و الشرائحية و الإثنية، من ناحية أخرى.
وأما الملاحظة الثانية، التي لا تقل إيلاما أو خطورة على مسار دولة القانون “المشتهاة” والذي لا خيار سواه مع ذلك لبقائها وحفظها من مزالق الظلم والإقصاء والتهميش وسوء التسيير والفساد، فتتمثل في الزبونية والوساطة والظلم الصارخ والإيثار المتعمد لبعض المستفيدين من الأقارب والمحظيين على حساب البسطاء والفقراء وكل الذين لا أقارب لهم في هذه المصالح ضربا بعرض الحائط للجدارة والكفاءة وللمصلحة العليا من خلال نسف مبدئ “الموظف المناسب في المكان المناسب”.
فهل يتبه الغيورون والمخلصون إلى هذا الوجه الخطير من الاستهتار بدولة المواطنة والقانون ويرفضون التفرج على هذا النمط الذي يأسر البلد في قمقم الماضي القبلي الطبقي الشرائحي ويرهنه للتخلف والضياع؟
بقلم : الولي سيدي هيبه