كتب ولد بلال : موريتاني .. وافتخر…!
نواكشوط 29 فراير 2020 ( الهدهد .م .ص)
لقد اعتدنا على سماع بعض الصفات والنعوت التحقيرية التي تلصق ظلما ببلدنا وشعبنا العظيم من قبيل أننا دولة “دخن”، فاشلة، فاسدة، عنصرية، زائلة لا محالة، آئلة إلى التفكك والاندثار، إلى غير ذلك من عبارات التشكيك و الازدراء.. اعتدنا على سماع هذا النوع من القصف والجلد، ولم نعتد نقاش هذه المواضيع بعلمية وجدية، وتركنا الباب مفتوحا لانتشار اليأس والإحباط والنفور والازدراء..
وفي وجه ذلك، وددت أن أسجل هنا اعتزازي بالدولة الموريتانية، وإيماني بقوتها ووحدة شعبها وأراضيها وقدرتها على النمو والبقاء.. ويشرفني انتمائي لها وأفتخر به..
إن التشكيك في قابلية وجود دولة على هذه الأرض لم يبدأ من اليوم، وكذا الرهان على إمكانية إنشائها واستمرارها مع تعدد الثقافات واللغات والأعراق والشرائح والفئات، إلخ… وفي هذا المضمار، أذكر 1967، كان البلد يعيش مخلفات أحداث 66 الأليمة، وكنت تلميذا في القسم النهائي المحضر للبكلوريا في ثانوية انواكشوط. وفي يوم من الأيام، جاء السيد “البير” (Albert) مسؤول التعاون الفرنسي في سفارة فرنسا لدى بلانا، جاء لزيارة زوجته وهي أستاذة لمادة التاريخ والجغرافيا في الثانوية. واغتنم الفرصة ودعا بعض التلاميذ من مختلف الأتنيات والتوجهات لتناول العشاء في بيته داخل حصن السفارة. وهناك، سدّ عليهم الأبواب والنوافذ وفتح معهم نقاشا ساخنا حول اللغات والهوية وأحداث 66.. وامتلأت القاعة بالخصومات والغي والصراخ.. فالتفت إلى الحضور، وقال: ما دامت الحالة هذه اليوم، فإن موريتانيا زائلة لا محالة بعد عقد أو عقدين… لو كان “السيد ألبير” (Albert) معنا اليوم لقلت له: سيدي، نحن الآن في العقد الخامس بعد وعدك ذاك، وكادت السينغال أن تنشطر بسبب كازماصة، وكادت مالي أن تنقسم إلي دولتين بسبب ازواد، وكادت ساحل العاج ان تنقسم إلى شمال وجنوب، وزال جدار برلين، وتقهقر الاتحاد السوفياني، واختفت دول كثيرة… العالم يغلي..وموريتانيا موجودة! ترأست بعدك الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية ومنطقة “الساحل G5” وهيئات إقليمية ودولية أخرى.. هذا من فضل الله وكرمه.. ولها برلمان ومجالس جهوية ومحلية ومؤسسات دستورية .. وحققت حلم التناوب السلمي على السلطة الذي طالما راود الدول االعربية والإفريقية “العتيقة”.. نحمد الله على ذلك كله ونشكره ونسأله المزيد.
صحيح أن لموريتانيا مشاكل مستعصية، ولها نواقص ونقاط ضعف كبيرة. صحيح أنها تعاني في التعليم والصحة والشغل والسكن، وتحتاج إلى عدالة أسلم ومساواة أعمق وإدارة أقرب ومحاربة أقوى للفوارق والظلم والغبن؛ هذا كله صحيح، ولكن موريتانيا مع ذلك قوية بإرادة شعبها وقادرة على تجاوز كل
المطبات والعراقيل، بحمد الله.
لا تيأسوا من بلدكم ولا تنالوا منه ولا تنفروا ولا تتخذوه سخريا.. وإلاّ.. فأي بلد غيره ترجون؟ ما من بلد في العالم إلاّ
وله مشاكله ومشاغله وعوائقه ومآزقه،، العالم كله تعس.. وإن بدرجات متفاوتة!
“بلادي وإن جارت علي عزيزة @ وأهلي وإن ضنوا علي كرام”.