المثقفون العرب وفقدان البوصلة…/ التراد ولد سيدي
إننا نعيش أزمة كبيرة يشكل الخروج منها أهم المهمات وأولى الأولويات وإذا كان الله تبارك وتعالى بتوفيقه ولطفه يريد صلاح حالنا وتوجيهنا إلى ما يصلح .. مئالاتنا فإنه سيوفقنا لتصليح نظرتنا للأمور .. فمن نظرتنا للأمور تأتي معالجاتنا ومختلف أساليب تعاملنا مع معضلات واقعنا المأزوم بالتخلف وباحتلال أجزاء عزيزة من أوطاننا كفلسطين..ومن سيطرة أمريكية وصهيونية على مقدراتنا وعلى أنظمة استبدادية تحكمنا وظيفتها الأولى تمكينهم منا وعرقلة وعي الشعوب ومقاومتها
ففي هذا الواقع انعدمت الرؤية القومية والوطنية الصحيحة وحلت أشكال من الرؤى التي لاتميز صالحا من فاسد ولاعدوا من صديق فقد سادت نظريات ومنطلقات عملت الدوائر المعادية خمسين سنة لزرعها وترسيخها في عقولنا المتلاعب بها لخلق حقائق غير الحقائق وأعداء غير الأعداء .. لحرف البوصلة عن وجهتها الصحيحة ومنع التركيز على مقاومة قاعدة السيطرة الغربية إسرائيل بوصفها العدو الذي يتحقق بالتوجه ضده الإجماع… وبدلا من ذلك التوجه .. خلقوا لنا أعداء نستنفد فيهم طاقة العداء والرفض التي نختزنها في عقولنا المشحونة بذكريات النكبات والمآسي الناجمة عن صراعنا المرير ضد عدونا المغتصب للأرض والمشرد للبشر والذي يجب أن نستهدفه بما نملك من قوة وبدلا من التوجه ضد الأعداء الحقيقيين وجهنا عبر عملية تضليل لم يسبق لها مثيل نعرفه في التاريخ البشري ..لقد أسست أمريكا وإسرائيل وأذرع مخابراتهما وحلفاؤهم في المنطقة أجهزة دعاية تكونت من عشرات الجرائد وعشرات القنوات التلفزية وآلاف المواقع الإلكترونية وجندت جيوش من المثقفين والمتخصصين في ( لبروغندا ) وفي غسل الأدمغة وصنعوا عدوا غير إسرائيل ووضعوا له من المواصفات وأعطوه من الصفات حتى استأهل توجيه أنظار الجميع . لقد أصبحت إيران هي العدو الذي يستأهل كل الجهود لاستئصال شأفته وليس هناك إمكانية للالتفات لا يمينا ولا شمالا عن هذ العدو الجديد ! و لقد انخرط جيش من مثقفينا في المجهود الذي أنشئت من أجله عشرات الجرائد ومئات القنوات وآلاف المواقع الإليكترونية في الغرب وفي أقطار النفوذ الأمريكي لدينا.. لقد استخدم البترودولار الخليجي بتوجيه من أمريكا قوة تضليل إعلامي هائلة وساعد في ذلك القضاء على عدد من الأ نظمة الوطنية التي استفادت أنظمة المال من طاقات غير مشغلة كانت لهذه الأنظمة فكونت ماكنة دعائية هائلة.. لتحقيق حرف العقول وتضليل البصائر وشغل الفكر والأقلام بأعداء غير إسرائيل تارة بحجج قومية تتحدث عن أوصاف لإيران تجعلها هي الخطر على القومية العربية وتارة على تركيا بوصفها تشكل استعمارا جديدا للأمة وتارة باستخدام الطائفية والتحدث عن الاختلاف بين السنة والشيعة والتحدث عن الخطر الذي يهدد الإسلام من توسع التشيع.. كما لوكانت أمريكا وربيبتها يمثلون نهج السنة الغراء.
إن حرف فكر الكثير من القوميين والوطنيين عن حقائق الواقع سواء من حيث انعدام الحاكمية الصحيحة أو من حيث تحديد الأعداء الحقيقيين وكيف يمكن استخدام المحيط كعامل مساعد بدل جعله عدوا وعامل إعاقة شكل أكبر مشكلة أمام وعي الجماهير الذي يشكل شرطا لتوجهها نحو وجهة صحيحة..إن عدم الاتفاق مع إيران وتركيا في بعض الأمور ليس غريبا بل الغريب أن لا نختلف لان لأمور بيننا كثيرة بسبب الجوار والتشارك في الأراضي والمياه والتنافس في أمور كثيرة كل هذا شيء طبيعي لابد منه وكل ذلك يمكن حله بالحوار والنقاش وليس بالقتال والإفناء لأننا لن نبيدهم وليس من مصلحتنا ذلك. وهم مثلنا لابد من قبول التعايش والتعاون وهم فعلا أمامنا في العداء لعدونا الذي أصبح يراد لنا أن نتحالف معه للقضاء على جارنا وإننا مختلفون مع بعضنا مذهبيا لكنها قضية لم تكن سببا للاقتتال في الماضي كما تريد أمريكا وإسرائيل لنا اليوم أن يكون اختلافنا المذهبي سببا لحرب لاتنتهي بيننا.
لقد نسينا أن أمريكا هي التي دمرت العراق و أن الذي أعانها على تدمير العراق ليس إيران أوتركيا فالذي أعانها وبوضوح هم الأقطار العربية في المنطقة جميعهم . لقد شاركوا بكثير أو قليل في تدمير العراق واحتلاله وجميع ماحل به. وكون بعض من جاءت بهم أمريكا من المعارضة العراقية كانوا شيعة يعارضون النظام الذي كان قائما فهذا لايجعلهم إرانيين وقدجاء مثلهم من السنة كانوا يعارضون النظام وللذين ابتلاهم الله بضعف الذاكرة أو ضللوا نذكرهم بوزير خارجية نظام عارف .. وبموفق السامراءى الضابط الشهير وبالحزب الإسلامي المعروف أشخاصا وتوجها ومرجعية وأعضاء الحكم الهاشمي السابق… هؤلاء جميعهم كانوا سنة وكانوا مدعومين من أقطار تدعي السنية بل تدعي تمثيل السنة وكان دورها كما أوضحنا بارزا في دعم تدمير العراق واحتلاله وكلما جرى له بعد ذلك وإذا لم يكونوا أعني السنيين فعالين وكان مناصرو إيران أكثر فعالية فليس مبررا لنحمل إيران مسؤولية الجرائم الأمريكية وتكون هي التي دمرت العراق واحتلت العراق لأن هذا منتهى السخافة .. فأمريكا هي التي دمرت العراق وصفت قياداته وعلمائه واشتركت معها إسرائيل في تصفية علما ئه.. وأمريكا هي التي تركت في العراق آثار اشعاع اليرانيوم المنضب . التي ضربته به في أكثر من مكان وفي أكثر من مناسبة وأمريكا للتي صفت فرقة من الحرس الجمهوري الخاص في معركة المطار للذين نسوا.. بأسلحة أذابت الدبابات ومن فيها..وهل يمكن تعداد جرائم أمريكا وأمريكا هي التي حلت الجيش العراقي وحزب البعث .. وصفت جميع القيادات وهي التي مكنت إسرائيل في فلسطين واعظتهم التفوق وغطت جرائمهم باستخدام الأمم المتحدة والذي كان يواكب أمريكا في جرائمها حلفائهم الذين يشنون اليوم حملة التضليل وحرف البوصلة عن اتجاه العداء الذي يستأهل توجيه وتعبئة كل الطاقات.. إن عدم إدراك الواقع شكل مشكلة أمام انطلاق الجماهير نحو أهدافها في تحقيق نظم صالحة للأمن والتنمية وانتزاع الحق .. العربي.. في فلسطين وتكوين موقف ندي قوي مع الجميع بما فيه الدول الجارة التي لاميكن إلا أن تكون صديقة إذا وجد ت من تصادقه لأن مصلحتها مثل مصلحتنا في السلام والتعاون وليس في الحروب والصراعات…
وإن التفكير في إمكانية سيطرة تركيا أو إيران على الأمة العربية تفكيرا قاصرا فالأمة العربية لا يمكن إن يسيطر عليها إلا تحالف الغرب مع العملاء في الداخل أما جاراتنا من الدول الصديقة فأكثر حاجة للتعايش معنا والسلام ولن تفكر بغير ذلك إلا أذا كانت مضللة مثلما هو حالنا اليوم