الحلقة المفقودة في العلاقات الأمريكية العربية …/ اسماعيل ولد إياهي
نواكشوط ، 16 يناير 2020 ( الهدهد .م .ص)
لقد تابعت باهتمام بالغ جزء من حديث أجرته B B C العربي مع سمو الأمير تركي الفيصل حول عدد من القضايا منها ملابسات مقتل والده المرحوم الملك فيصل، ذلك الملك العربي العظيم.
ومما شد انتباهي أكثر لحديث الأمير الذي كان صريحا وقويا أن أخاه المرحوم سعود الفيصل، وزير خارجية المملكة العربية السعودية السابق كان قد صرح وهو في طريقه إلى واشنطن بأن أمريكا قدمت العراق على طبق من فضة لإيران نتيجة غزوها لهذا البلد مشيرا إلى وضع العراق حاليا كتداعيات لذلك الغزو ويبدو أن هذه الكلمات قد أغاظت إدارة بوش إلى درجة أن وزيرة الخارجية الأمريكية رايس قد هاتفت الأمير سعود تطلب منه سحب هذا التصريح فلم يستجب لذلك الطلب الذي كان فيما بعد موضوع نقاش في واشنطن مع المسؤولين الأمريكيين ولعل أهم ما دفعني للكتابة عن العلاقات العربية الأمريكية هو ما ذكره سمو الأمير تركي من أنه عندما كان سفيرا لبلاده لدى الولايات المتحدة نصحه بعض الأصدقاء بالخروج عن طوق واشنطن مما أدى به إلى زيارة 36 ولاية أمريكية خلال توليه ذلك المنصب للحديث مع الناس والمنظمات الأهلية إلخ.
ومما تفضل به سمو الأمير في هذا المقطع من حديثه هو ما ذكرني بما كنت قد فعلته أنا إبان إقامتي في الولايات المتحدة كسفير للجمهورية الإسلامية الموريتانية حيث كنت أقضي كثيرا من الوقت في لقاء النواب والشيوخ في الكونكرس وأحاور وأناقش وأدافع عن سياسة بلادي التي كانت علاقاتها في ذلك الوقت غير جيدة إطلاقا مع أمريكا خاصة بعد غزو العراق للكويت واحتلال الولايات المتحدة للعراق وما ألصق لموريتانيا من تهم قاسية روجت لها الصحافة الأمريكية وبعض الجهات التي لها مصلحة في تسويد صفحة علاقة بلادنا بأمريكا.
ثم إنني زرت العديد من الولايات الأمريكية ومن هذه الولايات ولاية آلاباما حيث تلقيت دعوة من عمدة مدينة (موبيل آلاباما) فقمت بزيارة المدينة وسلمني عمدتها هديتين كريمتين : إحداهما مفتاح المدينة وثانيهما شهادة ميلاد كمواطن فخري أو شرفي لهذه البلدية. كما أجريت الكثير من اللقاءات مع بعض المنظمات العربية والإسلامية، وألقيت محاضرة حول موضوع «موريتانيا : الإنسان والأرض» في مركز الحوار العربي الأمريكي الذي يديره صديقنا صبحي غندور.
وقد تمخض عن هذه الأنشطة المكثفة الدبلوماسية «الشاملة» أن تحسنت العلاقات مع أمريكا كثيرا وزارت انواكشوط بعثات ووفود عديدة.
إن الساحة السياسية الأمريكية لا يملك لها أحد سندا عقاريا طبعا ولا صكا أبيض عن كل ما يريده، كلا فهذه البلاد لها رأي عام قوي ومتنوع يحركه الإعلام والمنظمات الحقوقية والمصالح …
وهذا الركن من العلاقات مع واشنطن لم يجد من العرب العناية والكفاءة ما ينبغي. الأمر الذي حملنا على الحديث عنه في كتابنا (أحداث وخواطر) ص 9، 10، 11.
وهذا الأسلوب أو التوجيه هو ما أسميناه بالحلقة المفقودة في العلاقات العربية الأمريكية. فهل سيوجد من يبحث عنها في أمواج العولمة المتدافعة؟!
بمعنى أن السياسة العربية ومنها الموريتانية ينبغي لها أن تتوجه إلى الناخب الأمريكي مباشرة من خلال الإعلام والاتصال والاستثمار وخلق فرص التشغيل وإلى استدرار عواطف الناس دون إهمال الجانب الرسمي طبعا…
وهذا ما فعله البعض على حساب القضايا العربية للأسف.
الأستاذ/ إسماعيل ولد إياهي
سفير سابق