من قصص الانبياء : وفديناه بذبح عظيم….
نواكشوط 23 دجمبر 2019( الهدهد .م ص)
تعدُّ قصة نبي الله إسماعيل -عليه السلام- من القصص التي ورد ذكرها في القرآن الكريم في أكثر من آية، حيث جاءت هذه القصة كغيرها من قصص الأنبياء؛ لكي تُثبِّت فؤاد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام -رضوان الله عليهم- ولكي يتعلم الصحابة من قصص الأمم السابقة وتزديهم ثباتًا على دعوة الناس إلى الله تعالى عز وجل، وسيدنا إسماعيل هو ابن سيدنا إبراهيم -عليهما السلام- وزوجته هاجر المصرية،
وقد تأخّر سيدنا إبراهيم في إنجابه لابنه إسماعيل -عليه السلام-، حيث هذا كان سببًا في شعوره بالفرح الشديد عندما جاءه نبأ حمل السيدة هاجر بولد يرثه ويحافظ على نسله فيما بعد. وقد جاء أمر الله تعالى بأن يذهب سيدنا إبراهيم -عليه السلام- بابنه الرضيع وزوجته إلى مكة المكرمة وأن يتركهما هناك، وكان هذا الأمر صعبًا عليهما، وحزنت السيدة هاجر على بقائها وحدها هناك، فدعا لها زوجها -عليه السلام-، وأخبرها بأن هذا أمر الله تعالى، وأن الله لن يضيعهما الذي استجابا لأمره – عزّ وجل-،
وبعد أن رحل سيدنا إبراهيم -عليه السلام- عن زوجته وابنه وتركهما، أخذت تبحث عن مصدر للماء لتروي به عطشها وعطش ابنها، وبدأ تسعى بين جبلى الصفا والمروة سبعَ مراتٍ مذعورةً، تبحث عن مصدر للماء أو الغذاء، وهنا جاء الفرج من الله رب الأرض والسماوات، حيث بالماء يتدفق من تحت سيدنا إسماعيل -عليه السلام- وهو بئر زمزم الذي ظل معجزة خالدة إلى يوم الدين، وليصبح السعي بين الصفا والمروة سُنة لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- يقومون بها عند أدائهم الحج أو العمرة.
وبعد ذلك جاء ركبٌ من اليمن من قبيلة تُسمّى جرهما حيث كانت تقطع الصحراء باحثة عن مصدر للماء تعيش منه، فرأى أفراد هذه القبيلة الطيور تحوم في المنطقة التي يعيش فيها النبي إسماعيل -عليه السلام- وسيدتنا هاجر، فاستأذنوها بأن يقيموا معهما في ذات المنطقة فأذنت لهم بذلك، وهكذا آنسَ الله وحشتها وسط الصحراء القاحلة، وأنعمَ عليها بمصدر للماء الذي كان سببًا في أن تعيش مع ابنها في ظل قبيلة تحميهما وتراعاهما حتى يعود إليها زوجها سيدنا إبراهيم -عليه السلام- مرة أخرى.
وما إن عاد سيدنا إبراهيم -عليه السلام- إلى هاجر مرة أخرى حتى جاء الامتحان الصعب على سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل -عليهما السلام- وسيدتنا هاجر، حيث رأى نبي الله إبراهيم في منامه بأنه يذبح النبي إسماعيل، ورؤيا الأنبياء حقٌّ لابد من تنفيذها، فعلم سيدنا إبراهيم -عليه السلام- بأن هذا أمر الله تعالى له فأخبر ابنه وزوجته بذلك، وسلَّمَ أمره لله تعالى،
وجاءت اللحظة الفاصلة ليثبت ايمانه بالله وتلَّ سيدنا إبراهيم -عليه السلام- ابنه لجبينه حتى لا يرى وجه ابنه وهو يذبحه بنفسه، وعندما وضع سيدنا إبراهيم -عليه السلام- السكين ليذبح ولده جاء النداء من رب العالمين بأن هذه الرؤيا لم تكن إلا اختبارا له -عليه السلام- وفدا سيدنا اسماعيل بكبش عظيم، فذبحه سيدنا -عليه السلام- ليتخذ المسلمون بعد ذلك سُنة الذبح في عيد الأضحى اقتداءً بقصة النبي إسماعيل -عليه السلام-.