خطاب رئيس الجمهورية أمام منتدى البوابة العالمية في بروكسل

بروكسل 9 أكتوبر 2025

أشاد فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بالعلاقات الموريتانية الأوروبية العميقة والمتنوعة القائمة على مجموعة من القيم المشتركة، مؤكدا عزمه الراسخ على العمل من أجل تعزيز وتنويع هذه العلاقات.

وأضاف في خطاب ألقاه خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى الثاني للبوابة العالمية، التي انطلقت أعمالها صباح اليوم الخميس في العاصمة البلجيكية بروكسل، أن موريتانيا جعلت من تعزيز رأس المال البشري ومكافحة الفقر والتهميش وهشاشة الظروف، دعائم أساسية لاستراتيجيتها التنموية.

وهذا نص خطاب فخامة رئيس الجمهورية:

“سعادة السيدة رئيسة المفوضية الأوروبية؛

سعادة السيد رئيس الاتحاد الأفريقي؛

أصحاب المعالي والسعادة رؤساء الدول والحكومات؛

سيداتي سادتي؛

أود بداية أن أعرب عن عميق امتناني لسعادة السيدة أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، ومن خلالها للاتحاد الأوروبي كله، على الدعوة الكريمة التي أتاحت لي اليوم المشاركة معكم في هذه الدورة من منتدى البوابة العالمية، المكرس للربط العالمي في فترة التوترات الجيوسياسية والجيواقتصادية، وتحديد أولويات الاستثمار في هذا السياق.

كما أود أن أعرب عن تقديري للمستوى الجيد لعلاقات التعاون بين بلدي والاتحاد الأوروبي، فهي علاقات عميقة ومتنوعة وبناءة، تقوم على مجموعة من القيم المشتركة، وتميّز علاقاتنا الثنائية مع كل دولة من دول الاتحاد.

كما أنها تغطي اليوم العديد من المجالات ذات الأولوية مثل التنمية البشرية، والانتقال نحو اقتصاد أخضر وأزرق، والحوكمة، والاستقرار والأمن، وهي المجالات التي يقدم فيها الاتحاد الأوروبي لنا دعما مستمرا وقيما، فله منا كل الشكر.

أصحاب الفخامة؛

سيداتي سادتي؛

إن الضعف المتزايد لتعددية الأطراف، وصعود الإجراءات الحمائية، والصراعات المسلحة في أوكرانيا والشرق الأوسط، فضلاً عن تزايد بؤر التوتر وعدم الاستقرار والصراعات في مختلف أنحاء العالم، لا سيما في أفريقيا، يغمر عالمنا اليوم في أجواء من عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي، على حد سواء.

فكل يوم تظهر آليات الحوكمة العالمية (السياسية والاقتصادية والمالية) مزيدًا من تعقيدات الوضع.

وتتشكل التحالفات من جديد، بينما تزيد حاجة النظام الدولي في إعادة ضبط نفسه، بل وإعادة تعريف نفسه، نتيجة للأزمات الأمنية والاقتصادية والجيوسياسية.

هذا الوضع يزيد من حدة التحديات العالمية المتعلقة بالأمن، والاستقرار، وتغير المناخ، والفقر، وعجز الحوكمة وشمولية التنمية.

في مواجهة هذا الوضع المقلق، اختار الاتحاد الأوروبي أن يؤكد من جديد تمسكه بالقانون الدولي، والأهم من ذلك، تماشي أهدافه مع أهداف التنمية المستدامة وتعزيز التعاون متعدد الأطراف.

وتجسد مبادرة البوابة العالمية هذه، وبشكل رائع، الالتزام لصالح التعاون الدولي والتنمية المستدامة.

وتركز المبادرة على تعزيز الربط العالمي من خلال تطوير روابط ذكية ونظيفة وآمنة في مجالات الرقمنة، والطاقة، والنقل، والصحة، والتعليم، والبحث، وهذه الأهداف تلتقي تمامًا مع أولويات موريتانيا.

أصحاب السعادة؛

سيداتي سادتي؛

إن موريتانيا، الملتزمة بعزم ببناء تنمية مستدامة وشاملة، جعلت من تعزيز رأس المال البشري ومكافحة الفقر، والتهميش، وهشاشة الظروف، دعائم أساسية لاستراتيجيتها للتنمية الوطنية.

وهكذا أولت اهتمامًا خاصًا للخدمات العامة الأساسية (الصحة، التعليم، الماء، الكهرباء، الخدمات الرقمية)، وكذلك لتحسين الظروف المعيشة للفئات الأكثر احتياجًا، مع العمل في الوقت ذاته على ترسيخ سيادة القانون، والحريات الفردية والجماعية، والحوكمة الرشيدة.

فنحن نعمل على تسريع الانتقال نحو اقتصاد أخضر وأزرق، وتنويع اقتصادنا، وتطوير القطاع الرقمي، والبنى التحتية، والقطاعات الإنتاجية، وكذلك تحسين مناخ الأعمال وتحسين الأطر القانونية والضريبية لتشجيع الاستثمارات الوطنية والأجنبية في بيئة آمنة وموثوقة.

وأود هنا أن أشيد بدعم الاتحاد الأوروبي المستمر في كل هذه المجالات، لا سيما في مجال الرقمنة، مع بناء مركز للبيانات في نواكشوط وتركيب كابل بحري ثان للإنترنت عالي السرعة، مما سيمكن من تأمين وزيادة قدرة نقل البيانات.

وفي مجال البنى التحتية، فإن بناء خط ربط كهربائي ذي جهد عالٍ يربط نواكشوط بمدينة النعمة على مسافة أكثر من ألف كيلومتر (ويتم تمويل الجزء منه بين نواكشوط وكيفة من قبل الاتحاد الأوروبي، والبنك الأوروبي للاستثمار، والوكالة الفرنسية للتنمية) سيتم التوقيع عليه على هامش هذا المنتدى.

وينطبق الأمر نفسه على بناء جسر روصو، الذي يربط موريتانيا بالسنغال.

وفي مجال الطاقات المتجددة، تشكل مبادرة “نظام الهيدروجين الأخضر”، المدعومة من الاتحاد الأوروبي، والبنك الأوروبي للاستثمار، وكذلك ألمانيا وإسبانيا وفرنسا، نموذجًا يُحتذى به للشراكة البناءة.

أصحاب السعادة؛

سيداتي سادتي،

لقد أصبحت الحاجة اليوم ملحة أكثر من أي وقت مضى لبناء شراكات قوية، راسخة في قيم مشتركة، لمواجهة التحديات المتعددة وعدم اليقين نتيجة للأزمات الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة.

وعليه، وأنا أجدد شكري للاتحاد الأوروبي على دعمه القيم، فإنني أعيد تأكيد عزمي الراسخ على العمل من أجل تعزيز وتنويع علاقات التعاون التي تجمع بلدي بالاتحاد الأوروبي.

وأشكركم

مقالات ذات صلة