وزير الداخلية في رده على سؤال شفهي: ترحيل المهاجرين غير الشرعيين يتم وفق القانون وباحترام للكرامة الإنسانية
نواكشوط
عقدت الجمعية الوطنية، صباح اليوم الجمعة، برئاسة السيد أحمدو محمد محفوظ امباله، النائب الثاني لرئيس الجمعية، جلسة استماع لردود معالي وزير الداخلية وترقية اللامركزية والتنمية المحلية، السيد محمد أحمد محمد الأمين، على سؤال شفهي مشفوع بنقاش، وُجّه إليه من طرف النائبة كادياتا مالك جالو.
وذكرت النائبة، في سؤالها، أن “الحكومة شرعت في طرد أجانب من خارج حدود بلادنا، بدعوى أنهم في وضعية غير قانونية”، مشيرة إلى وجود شهادات عديدة بحدوث انتهاكات لحقوق مهاجرين من دول أفريقية شقيقة.
وتساءلت عن مبررات هذه الانتهاكات، وعن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لوضع حد لهذه الظاهرة.
كما تساءلت عمّا إذا كانت الحكومة تخشى أن يتعرض مواطنو بلادنا لمعاملة مماثلة في تلك البلدان.
وفي رده على السؤال، شكر معالي وزير الداخلية وترقية اللامركزية والتنمية المحلية، السيدة النائبة على توجيهها هذا السؤال، وإثارتها لهذا الموضوع، الذي يعد أحد القضايا ذات البعد الوطني والدولي، لما له من تداعيات أمنية وإنسانية واجتماعية.
وقال إنه ينبغي التفريق بين الأصناف الثلاثة التي توجد في بلادنا: اللاجئون والمهاجرون والمقيمون، مشيرا إلى أن الصنف الأول مواطنو بلدان تعيش ظروفا أمنية خاصة، وهم حسب التقديرات حوالي 300 ألف نسمة، كما يصنفون بدورهم إلى نوعين: لاجئون يحملون صفة لاجئ وهذه الفئة موجودة في مخيمات معينة، وأغلبية لا تحمل هذه الصفة من بينها عمال وطلاب ومنمون وتجار، يوجدون في ولايات الحوضين ولعصابه، حيث يتقاسمون مع المواطنين كافة الخدمات العمومية: الصحة، التعليم، ونقاط المياه، والمراعي، في المدن والأرياف يستضيفونهم بكل أريحية.
وبين أن الصنف الثاني هم المقيمون إقامة شرعية من مختلف الجنسيات، ويقدمون خدمات مهمة للاقتصاد الوطني، فهؤلاء مرحب بهم لأن بلدنا بلد انفتاح وترحيب بالآخر وضيافة يستفيد منها كل الجاليات هنا، وبحكم إقامتهم تلك ملزمون بالقانون واحترام ثقافة البلد.
أما الصنف الثالث، يضيف معالي الوزير، فهم المهاجرون غير الشرعيين الذين دخلوا البلد بطرق غير شرعية وإقامتهم بالطبع غير شرعية، وهذه الفئة هي التي يفترض أنها محل سؤال النائبة المحترمة، مشيرا إلى تحفظه على استخدمها لكلمة “طرد الأجانب”، التي ربما تحمل شحنة سلبية، وكان من الأفضل أن تستخدم بدلها “ترحيل المهاجرين الموجودين في وضعية غير قانونية”، وذلك لعدة اعتبارات منها؛ أن ترحيلهم جرى في ظروف تحفظ لهم كرامتهم الانسانية، حيث يتم إيواءهم في مراكز تتوفر على الخدمات الضرورية من معاش ومياه وكهرباء ومرافق خدمات صحية، وهذا ما تم التأكد منه من طرف البعثات الدبلوماسية لبلدانهم.
وأضاف أنه يتم التأكد يوميا أنهم استوفوا حقوقهم لدى مشغليهم، وسافروا بأغراضهم الخاصة، مبرزا أن عملية الترحيل مطابقة للاتفاقيات الدولية والمنظمات ذات الصلة، وأن وزراء ورؤساء جاليات بلدانهم الذين زاروهم في مراكز الإيواء، بالإضافة إلى زيارات قامت بها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، والمرصد الوطني لحقوق المرأة والفتاة، كلهم أدلوا بتصريحات إيجابية يمكن الرجوع إليها عند الاقتضاء.
وأكد معالي وزير الداخلية في رده على السؤال، أن ما قامت به الحكومة لا يتعلق بما أسمته النائبة المحترمة “طردا”، وما أوردته كلها عبارات في غير موضعها لما تحمله من شحنة سلبية ومن معان جانبت الصواب.
كما أكد أن ما قامت به الحكومة هو تنفيذ لإجراءات قانونية اعتيادية سليمة لضبط وضعية الأجانب داخل التراب الوطني، والأمر يتعلق بكل الأجانب الموجودين في وضعية غير قانونية، وكلها إجراءات تتماشى مع السيادة الوطنية والالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان.
وأوضح أن الاجراءات التي اتخذت مؤخرا بحق بعض الأجانب الموجودين في وضعية غير قانونية لم تأت بين عشية وضحاها، وإنما وفق استراتيجية متكاملة لمكافحة الهجرة غير الشرعية في سياق تراكمي، مضيفا أن الحكومة بادرت في الفترة ما بين يوليو 2022 وفبراير 2023 إلى إطلاق عملية واسعة لتسوية أوضاع الأجانب على التراب الوطني، وهي عملية غير مسبوقة في المنطقة من حيث حجمها ونطاقها حيث تم خلالها تسوية وضعية أكثر من 136 ألف أجنبي وذلك بمنحهم إقامات مجانية صالحة لمدة عام قابلة للتجديد، وبدون شروط مسبقة.
وأضاف أن العمل التقييمي لتلك العملية أوضح أن عددا كبيرا من الأشخاص المعنيين بها لم يستجيبوا لها وذلك لأسباب مشبوهة، مشيرا إلى أن الإجراءات الأخيرة ليست إلا مرحلة من مراحل تسيير وضبط الأجانب على مستوى التراب الوطني ضمن مقاربة تحترم السيادة والكرامة الإنسانية.
وأكد أن لبلادنا، كغيرها من البلدان، الحق الكامل في تنظيم وضبط حركة الأجانب فوق أراضيها، وهو حق يكتسي أهمية متزايدة في ظل تزايد أعداد المهاجرين الذين يدخلون بطريقة غير نظامية نتيجة ظروف إقليمية ووطنية، حيث لوحظ مؤخرا تزايدا غير مسبوق في عدد الأجانب الموقوفين في وضعية غير قانونية سواء ممن دخلوا البلاد دون المرور بأحد المعابر الرسمية أو ممن لا يتوفرون على تأشيرات دخول أو بطاقات إقامة أو بطاقات لاجئ، كما كشفت التحريات كذلك عن شبكات دولية لتهريب المهاجرين تنشط على التراب الوطني ولها امتدادات في العديد من الدول المجاورة وغيرها.
وقال إنه تم خلال عام 2024 إحباط أكثر من 34 رحلة سرية انطلاقا من شواطئ نواكشوط، و35 من شواطئ نواذيبو، وتفكيك 68 شبكة تهريب من طرف الدرك الوطني و80 شبكة من طرف الشرطة الوطنية، كما تم خلال الفصل الأول من هذا العام (2025) تفكيك ما مجموعه 80 شبكة تهريب من بينها 18 مفككة من طرف مصالح الدرك الوطني، وتوقيف 80 متهما في نواكشوط، و39 في نواذيبو من عدة دول منها موريتانيا، مما يدل على أن الأمر تجاوز هجرة فردية إلى نشاط منظم عابر للحدود.
وأبرز أن الحكومة، بناء على الإجراءات التي اتخذت مؤخرا بحق الأجانب الموجودين في وضعية غير نظامية، حرصت على إحاطة العملية بجملة من التدابير والإجراءات التنظيمية لمعالجة هذه الوضعيات وفقاً للقوانين الوطنية والمعايير الدولية، من خلال تجهيز مراكز للإيواء، والتأمين والحماية، واحتفاظهم بممتلكاتهم الأساسية، وتمتعهم بحقوقهم الأساسية حتى يتم ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية
