التعليم: بين وجاهة الاستعدادات ورجاحة التطلعات…
وصلت الاستعدادات لافتتاح السنة الدراسية الجديدة إلى محطتها النهائية، حيث قامت السلطات العمومية بوضع لمساتها الأخيرة لاستقبال العام الدراسي الجديد في حلة بهية يطبعها الأمل والتفاؤل بغد مشرق لأبناء الأمة، خصوصا في ظل عهدة جديدة تتطلع إلى إصلاح التعليم باعتباره الدعامة الأساسية لأي تنمية وطنية شاملة يراد لها أن تشكل جسرا للتواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، فضلا عن تأمين العبور إلى فضاء المعرفة العلمية النابعة من الثوابت الوطنية، المتشبعة بالقيم الحضارية والثقافية الشنقيطية الأصيلة، الهادفة إلى توفير أسباب الإقلاع إلى مصاف الدول المتقدمة من خلال تطوير التعليم وتحسين جودته.
إن انطلاقة أي عام دراسي جديد، كما هو معتاد، تشكل سمة بارزة عند عموم المواطنين، لما تحمله من تطلعات فردية مجتمعية، ولما تقوم عليه من آمال متجددة تستهدف رفع التحديات المتعلقة بتربية الأبناء، مما يشد من وتيرة التنافس بين الأهالي، ويضاعف تكلفة الاستعدادات، ويعظم الأهداف والغايات، مع تدافع القطاعات التربوية المختلفة لسد النواقص وتوفير المستلزمات والوسائل والعناية بالبرامج التدريسية والتركيز على المتابعة، فضلا عن فتح أبواب جميع المؤسسات التربوية في مختلف أنحاء البلاد أمام التلاميذ والطلاب للتسجيل، وذلك لاستقبال السنة الدراسية الجديدة ( 2019-2020).
ولتسليط الضوء على هذا الموضوع الأساسي حاورت خلية الإنتاج بالوكالة الموريتانية للأنباء مديري التعليم الأساسي والثانوي، بالإضافة إلى المدير العام للمعهد التربوي الوطني، ومفتش التعليم الثانوي، منسق قطب نواكشوط، ورئيس الاتحادية الوطنية لرابطات آباء التلاميذ، ومديرة مدرسة تفرغ زينة الابتدائية، حول الاستعدادات المتعلقة بافتتاح السنة الدراسية الجديدة، وما يكتنفها من إجراءات ميدانية تساهم في رفع التحديات المتعلقة بنظام التعليم في بلادنا.
تهيئة الظروف لافتتاح ناجح
وفي هذا السياق، أكد الأستاذ سعدبوه ولد الشيخ محمد، المستشار المكلف بالاتصال بقطاع التعليم أن الدولة قامت بتشكيل لجنة وزارية برئاسة الوزير الأول، المهندس إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا، تضم عدة قطاعات حكومية، تتولى الإشراف المباشر على الاستعدادات المتعلقة بافتتاح السنة الدراسية الجديدة، حيث عقدت اجتماعا بمباني الوزارة الأولى، ووضعت فيه خطة متكاملة للتحضير للافتتاح، مضيفا أن هذه اللجنة تتابع الاستعدادات بشكل يومي، حيث يقوم كل قطاع من القطاعات المشكلة لها بمسؤولياته في هذا الاتجاه، وذلك لتهيئة الظروف المناسبة لافتتاح دراسي ناجح.
وأوضح أن وزارتي التعليم الأساسي والثانوي اعتمدتا على مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى إكمال كل التحضيرات الضرورية لنجاح افتتاح السنة الدراسية الجديدة، سواء ما يتعلق منها بالطاقم التدريسي من معلمين وأساتذة، أو طاقم تأطيري، أو ما يتعلق بالبنية التحتية المدرسية، وتهيئة المؤسسات التربوية لاستقبال التلاميذ، أو ما يتعلق أيضا بالتحسيس لإقناع الأسر وآباء التلاميذ بأهمية تسجيل الأبناء في الآجال المحددة قبل يوم الافتتاح الرسمي، الذي يصادف اليوم السابع من شهر أكتوبر الجاري.
وأكد أن وزيري التعليم الأساسي وإصلاح التهذيب الوطني والتعليم الثانوي والتكوين التقني والمهني على التوالي السيد آدما بوكار سوكو، والسيد محمد ماء العينين ولد أييه، قد عقدا عدة لقاءات مع مختلف الفاعلين والشركاء المعنيين بالعملية التربوية، كما قاما خلال الأيام الماضية بإجراء زيارات ميدانية لمؤسسات تربوية قيد الإنشاء، وأخرى محل الترميم، فضلا عن تفقدهما للعديد من مدارس التعليم الابتدائي والثانوي في ولايات نواكشوط، ليطلعا على مدى تقدم الأشغال في هذه المؤسسات، مبرزا أنهما استفسرا عن مدى جاهزية هذه المؤسسات لاحتضان الحدث، ومدى قدرتها الاستيعابية، وما تتصف به من مواصفات فنية.
وأوضح أن وزيري التعليم الأساسي والثانوي أعطيا تعليماتهما للقائمين على هذه المنشآت التربوية بضرورة إكمالها في الآجال المحددة وفق دفتر الالتزامات ومعايير الجودة المتفق عليها، مبينا أن الوزارتين تعولان على دور الأسر في مساعدتهما في إنجاح الافتتاح الدراسي.
تقديم الدروس يوم الافتتاح
وأكد أن الهدف الأساسي عند وزيري التعليم الأساسي والثانوي ليس فقط إنجاح الافتتاح الدراسي، وإنما هو إنجاح السنة الدراسية الجديدة بأكملها، وإن كانت الغاية الأساسية والجوهرية هي أن يبدأ التدريس في أول يوم من أيام السنة الدراسية الجديدة، أي أن يتم الافتتاح اليوم الاثنين، مع تواجد طواقم التدريس في كافة الفصول الدراسية على المستوى الوطني، وحضور العدد الكافي من التلاميذ والطلاب لضمان انطلاقة الدروس بشكل طبيعي، مبرزا أنه تم التنسيق مع رابطة آباء التلاميذ للقيام بحملة تحسيسية في هذا الإطار، حيث قامت بإطلاق حملة وطنية خلال الأسبوع الماضي لتنظيف المؤسسات التربوية في عموم البلاد.
وفي إطار سد النقص الحاصل في الطاقم التدريسي من معلمين وأساتذة، بين المكلف بالإعلام أن الدولة قامت بإعلان بلاغ مشترك لاكتتاب’(5020) مدرسا، من بينهم(3000) معلم، و(2020) أستاذا، حيث بدأ طرح الملفات لهذه المسابقة ابتداء من يوم واحد أكتوبر إلى غاية يوم (11) من نفس الشهر، على أن يتم إيداع الملفات لدى الإدارات الجهوية في عموم ولايات الوطن، حيث سيقام الامتحان يوم(27) أكتوبر من خلال اختبار كتابي لانتقاء هؤلاء المدرسين، مما سيساهم في سد النقص الحاصل في المدرسين، فضلا عن المساهمة في إيجاد فرص شغل لحملة الشهادات.
وبخصوص الاستعدادات المتعلقة بالمناطق المتضررة من الفيضانات، فقد بين أن وزيري التعليم الأساسي والثانوي عقدا سلسلة من اللقاءات بالمديرين الجهويين على المستوى الوطني، تم خلالها تقديم تشخيص دقيق للحالة العامة لأوضاع التعليم على مستوى الوطن، وبناء على ذلك تم اتخاذ كافة التدابير اللازمة من أجل التغلب على تلك النواقص بقدر المستطاع، وتهيئة المدارس لتكون جاهزة لاستقبال التلاميذ يوم الافتتاح.
تسجيل التلاميذ الجدد تجاوز(60%)
وبدوره، أوضح مدير التعليم الأساسي محمد سيد الصلاي، أن وزارته اعتمدت خطة شاملة لإنجاح افتتاح السنة الدراسية الجديدة، تمثلت أساسا في إعطاء توجيهات مباشرة للمديرين الجهويين للتهذيب الوطني بضرورة التحضير الجيد للافتتاح، وكذلك إصدار تعليمات موجهة للولاة تبين الإجراءات التي ينبغي القيام بها، خصوصا فيما يتعلق بجاهزية المؤسسات المدرسية، وحضور هيئات التدريس والتأطير، والقيام بحملات تحسيسية لحمل الوكلاء على جلب التلاميذ إلى المدارس في الوقت المطلوب، وفتح باب التسجيل لاستقبال التلاميذ مع التعاون والتنسيق مع الرابطات الوطنية لآباء التلاميذ من أجل القيام بحملات تحسيس في صفوف الوكلاء للمساهمة في تنظيف الوسط المدرسي، بالإضافة إلى إرسال المعدات التربوية الضرورية، مثل الطباشير والطلاء لجميع المدارس، مع إصدار مذكرة التحويلات قبل الافتتاح من أجل تمكين الخريجين المحولين الجدد من الوصول إلى أماكنهم في الوقت المناسب.
وأضاف: “المعلومات المتوفرة لدينا تؤكد أن التسجيل بالنسبة للتلاميذ الجدد وصل حدود(60) في المائة”، مبينا أن المباني المدرسية تنقسم إلى قسمين، قسم يتعلق بالوضعية العامة المزمنة، وبالنقص الحاصل في المدارس مع التأخر المسجل في بناء بعض المؤسسات، وقسم يتعلق بالوضعية الناتجة عن موسم الخريف، حيث تم الاتصال بالسلطات الإدارية لتشخيص الوضع ولفت انتباه الإدارات المركزية، حيث تم في هذا الصدد تشخيص الوضعية وتحديد الحاجات، وتم ترميم الحالات القابلة للترميم، وتوفير بدائل مؤقتة لاستقبال التلاميذ ريثما يتم بناء المدارس.
وأكد أنه فيما يتعلق بالوضعية المزمنة، فقد تم استحداث برنامج واسع لبناء(3500) حجرة مدرسية، كما هو مبين في برنامج فخامة رئيس الجمهورية، حيث سيتم الشروع فيها في الوقت المناسب، وبالتالي سيتم التغلب على النقص الحاصل في هذا المجال بصفة تدريجية.
وأوضح مدير التعليم الأساسي أن عدد المدارس العاملة الآن يتجاوز حدود(3120) مدرسة، تستقبل حدود(616) ألف تلميذ، ويتوقع أن يصل العدد مع السنة القادمة إلى حدود (630) ألف تلميذ، مضيفا أن مكونة الإصلاح هي مكونة أساسية من مهمة الوزارة، وسيتم الشروع فيها في الوقت المناسب، وذلك لتحسين نوعية الخدمة التي يقدمها القطاع من خلال عدة محاور أساسية، من بينها الاعتناء بتغطية الصفوف الأوائل، وتحفيز المدرسين الذين يخدمون في المناطق النائية، ومراجعة ملفات الأشخاص لبناء قاعدة صحيحة للتخطيط واتخاذ القرارات، مع نشر المرسوم الخاص بتنظيم وضبط غياب المدرسين.
توزيع الأساتذة على جميع المؤسسات
ومن جهته، أوضح عيسى ولد بيبات مدير التعليم الثانوي، أن وزارة التعليم الثانوي والتقني والتكوين المهني قامت باتخاذ جملة من الإجراءات لضمان افتتاح السنة الدراسية الجديدة في ظروف جيدة، مبينا أن عدد تلاميذ التعليم العمومي االثانوي بلغ (182)ألف تلميذ تقريبا، وأن عدد الأستاذة بلغ حوالي(4300) أستاذ، من بينهم (1200) أستاذ من طواقم التأطير ما بين مدير دروس ومراقب عام، وأن عدد المؤسسات بلغ هو الآخر حدود(342) مؤسسة، منها خمس إعداديات جديدة، اثنتان في كيدي ماغا، وواحدة في الحوض الشرقي، وواحدة في تكانت، والأخرى في مقاطعة السبخة في ولاية نواكشوط الغربية.
وأكد أن عدد الإعداديات بلغ هو الآخر حدود(241) إعدادية، بالإضافة إلى (12) ثانوية للامتياز منتشرة في مختلف ولايات الوطن.
وبخصوص التحضيرات، بين مدير التعليم الثانوي أن وزارته اتخذت عدة إجراءات من أجل ضمان انطلاقة فعالة، شملت تحديد وتشخيص البنية التربوية، وتحديد عدد الأقسام في كل مؤسسة تربوية في مختلف مناطق الوطن، ومن ثم تحديد الحاجة لكل مؤسسة، أي عدد الساعات المدرسة لكل مؤسسة وتحويلها إلى أساتذة، مع رفع الحاجة النهائية لكل مؤسسة حسب الولاية وحسب الشعبة.
وأضاف السيد عيسى ولد بيبات: “لقد قمنا بتوزيع الأساتذة على عموم التراب الوطني، وقمنا بإرسال لوائح الطلاب، وقمنا كذلك بتحويل الأساتذة الخريجين الجدد، أكثر من(200) أستاذ خريج لهذا العام، وذلك حسب معايير شفافة وواضحة”.
وبين أن وزارته أصدرت تعميما يقضي بحضور طاقم التأطير ابتداء من يوم (23) سبتمبر الماضي، وذلك من أجل تهيئة المؤسسات وتنظيفها لاستقبال الطلاب، معربا أن كل الطواقم جاهزة وحاضرة في الموعد، خصوصا أن الوزارة فتحت باب التسجيل يوم25 من الشهر المنصرم، وذلك بغية تسجيل أكبر قدر ممكن من الطلبة لكي تنطلق الدروس بشكل فعلي يوم الافتتاح على عموم التراب الوطني، ولا يقع أي تأخير في الدروس ولا في البرامج التدريسية.
وبين أن الوزارة أعطت تعليمات صارمة بضرورة تجهيز كافة المؤسسات التعليمية لاستقبال الحدث مع ديمومة نظافتها ومدها بالطاولات ومختلف الوسائل الكفيلة بإقامة الدراسة في ظروف متميزة، مع التأكد من جاهزية العلم الوطني كي تتمكن كل مؤسسة من رفعه صبيحة الافتتاح، وتزويد المؤسسات بالبرامج وكتيبات الأدلة لكي يتمكن الأساتذة من تحضير الدروس كما يجب، ومتابعة الحضور اليومي للمدرسين، عبر لائحة ترفعها الإدارات الجهوية أسبوعيا للإدارة المركزية بأسماء المتغيبين.
توزيع(800)ألف كتاب مدرسي
وبدوره، أوضح السيد الشيخ ولد أحمدو المدير العام للمعهد التربوي الوطني أن مؤسسته في إطار تحضيراتها المتعلقة بالسنة الدراسية الجديدة قامت بمراجعة البرامج التربوية، وأصدرت طبعة تجريبية، معربا أنهم الآن بصدد مراجعة الملاحظات الواردة بشأنها، سواء تعلق الأمر بالطريقة التربوية التي تعتمدها أو مضامينها العامة، وذلك من أجل وضع الطبعة النهائية لها.
وأكد أن مؤسسته طبعت لحد الساعة (800) ألف كتاب مدرسي، وتم توزيعها منذ أيام على (120) كشكا، منتشرة في عموم التراب الوطني لبيعها بسعر رمزي بحوالي (20) أوقية جديدة لكتاب التعليم الأساسي، و(30) أوقية جديدة للكتاب الإعدادي، حيث تتحمل الدولة نفقات الكتاب المدرسي وتكاليفه بشكل كامل، لأنه يشكل جزءا أساسيا من السيادة الوطنية.
وقال المدير العام للمعهد التربوي الوطني:”لقد تم توزيع هذه الكتب على مختلف مناطق البلاد، حيث أصبحت الآن كل الأماكن تحتوي على مخزون أساسي من الكتب، فضلا عن توزيع الطبعة التجريبية لهذا العام في انتظار صدور الملاحظات لإصدار الطبعة النهائية”، مؤكدا أن مراجعة البرامج التربوية وتنقيتها تعتبر مسألة في غاية الأهمية، حيث يعتمد فيها المعهد على الثوابت الوطنية والثوابت الدينية، مع مواكبة التقدم الحضاري، فالأقدام على الأرض والرؤوس شامخة، كما يقول.
وبخصوص الاستعدادات الجارية لمواكبة الافتتاح الدراسي، بين السيد الشيخ ولد أحمدو أن كل العناوين متوفرة اليوم، حيث يغطي المعهد (167)عنوانا، مؤكدا أن هذه العناوين تغطي(13)سنة من حياة التلميذ، من بينها ست سنوات ابتدائية، وأربع سنوات في الإعدادية، وثلاث سنوات في الثانوية، حيث يتطلب التلميذ في التعليم الأساسي خمسة كتب في السنة الأولى، وستة كتب في السنوات الأخرى، في حين يزداد عدد الكتب بالنسبة للتعليم الإعدادي بزيادة مادة اللغة الانكليزية والفيزياء والكيمياء، حيث يصل عددها إلى تسعة كتب، مع تزايد العدد بالنسبة للتعليم الثانوي، حيث تتشعب تخصصاته، وتعدد من رياضيات وعلوم وآداب عصرية وأصلية.
تأليف أكثر من (167)عنوانا سنويا
وأكد السيد الشيخ ولد أحمدو أن معهده يؤلف سنويا (167)عنوانا، بالإضافة إلى الأدلة والخرائط المدرسية والدعامات الأخرى التربوية اللازمة، مبينا أنه يعتمد على إجراءات رقابية تقنية تخول له متابعة الكتاب حالة نزوله في السوق السوداء من خلال وضع ترقيم خاص لهذه الكتب وفق وجهاتها حسب مختلف ولايات الوطن، مما يمكن من معرفة المكان الذي تسربت منه لهذه السوق.
وأكد المدير العام للمعهد التربوي الوطني أن الكتاب المدرسي يشكل العمود الفقري للاستراتيجية العامة للتعليم، مما جعله يحظى بالأولوية في البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية، مشيرا إلى أن حصول التلاميذ على الكتاب المدرسي يستدعي منهم تقديم شهادات مدرسية لصاحب الكشك، مصحوبين بنسخة من شهادة الميلاد حتى يتسنى له منحهم هذه الكتب بسعر رمزي، وذلك من أجل المحافظة على الكتاب ليصل إلى التلاميذ المستهدفين.
وأضاف: “هذه هي مساهمتنا في افتتاح السنة الدراسية، مع أننا نتطلع لتوزيع المزيد من الكتب، خصوصا أننا بصدد مراجعة البرامج، لأن الكتاب يتغير بعد نهاية كل السنة دراسية”.
مراجعة البرامج وإعداد الشهادات
وأوضح أن المعهد تم تـأسيسه سنة1967 تحت اسم المركز التربوي، ومن ثم تحول سنة1973إلى المعهد التربوي الوطني، وهو مكلف بعدة مهام، المهمة الأولى هي إنتاج الدعامات التربوية والمشاركة في مراجعة البرامج وتهيئة الدعامات وفقا للبرامج الصادرة عن وزارة التهذيب الوطني، والمهمة الثانية هي تقويم النظام التربوي بشكل عام، مبرزا أنه يضم عدة قطاعات من بينها قطاع الإنتاج التربوي، الذي يحتوي على أزيد من(120) مؤلفا من مختلف التخصصات، بمعدل ستة مؤلفين لكل مادة، مع الاستعانة ببعض المتقاعدين والأساتذة الميدانيين، خصوصا أن تأليف أي فصل من فصول هذه الكتب المدرسية لابد فيه من الاستعانة بأستاذ ميداني ليجربه، ويضع عليه ملاحظاته قبل اعتماده بشكل نهائي.
وبين أن مؤسسته تتوفر كذلك على قطاع للتقويم يهتم بالتكوين المستمر، ويقوم بتقويم البرامج والكتب، حيث تم في هذا الإطار القيام بعدة دورات تكوينية، فضلا عن وجود قطاع المطبعة المدرسية، التي تم تأسيسها هي الأخرى سنة 1987، وهي تعمل بشكل جيد، وتحتوي على العديد من العمال الفنيين، وهي المسؤولة عن إعداد كل ما يتعلق بوزارة التهذيب الوطني من دعامات تربوية، مثل الكتب وأوراق الامتحانات (4 ملايين ورقة للامتحانات)، مع إعداد الشهادات وتأمينها للمؤسسات التربوية، وإعداد الكشوف المدرسية، مبرزا أن مهام المطبعة هي مهام متشعبة ومتعددة.
وقال: “هذه هي القطاعات التابعة للمعهد، وتتلخص مهامها أساسا في الإنتاج والتقويم وطباعة مختلف الوسائل التعليمية، ونحن نتطلع إلى أن نطور المطبعة ونحسن خبرة المؤلفين من خلال الدورات التكوينية والتعاون مع الخبرات الدولية”، مبينا أن معهده يختار أحسن الطرائق التربوية بالتعاون مع المفتشية العامة للتعليم، حيث أن هناك طريقة الكفايات التي تم التخلي عنها بعد تجربتها عدة سنوات لصالح طريقة التعليم بالأهداف، في حين يحافظ التعليم الأساسي على طرقه القديمة.
تطوير المطبعة لتواكب التطلعات
وقال المدير العام للمعهد التربوي الوطني: “طاقة المطبعة لا تتجاوز(800) ألف كتاب سنويا من مختلف العناوين، وهي بحاجة ماسة للتطوير، ونحن بصدد تطويرها لأهميتها في تحسين وتطوير العملية التربوية الوطنية، إذ أن كل الدول لابد لها من مطبعة وطنية تهتم بأمور التعليم فيها، ونحن عاكفون على تطويرها، والدولة مهتمة بتطويرها لتواكب التطلعات”.
وأضاف “لاشك أنكم تدركون أن البرامج التربوية تهتم بالأساس ببناء مواطن الغد، فلابد من تصميم المواطن المنشود وفق برامج تنويرية توفق بين الأصالة والمعاصرة، من خلال البحث عن التطور والتشبث بالقيم والثوابت الوطنية، إذ أن أول سؤال يتبادر إلى أذهاننا هو كيف نبني مواطنا صالحا؟، خصوصا أن الاستثمار في المعرفة هو معرفة الاستثمار، وأن بناء الأمم لا يتم إلا بالعلم وحده، وبالتالي لابد أن نهتم بالتعليم ونعيد إليه مكانته”.
إرسال بعثات داخل البلاد
وبدوره، أوضح رئيس الاتحادية الوطنية لرابطات آباء التلاميذ السيد أحمد ولد أسغير أن اتحاديته قامت بإعداد برنامج طموح لتهيئة افتتاح السنة الدراسية الجديدة، ونظمت اجتماعات مع المسؤولين الجهويين والآباء انطلاقا من التعميم الذي أرسله قطاع التعليم بهذا الخصوص، حثت فيه الأهالي بضرورة التحاق التلاميذ بالفصول في اليوم الأول من الافتتاح والمشاركة الفاعلة في كافة الأنشطة المتعلقة بالافتتاح.
وقال إن الاتحادية تعمل منذ بعض الوقت على المساهمة الجادة والمشاركة الفعالة في كافة الأنشطة المتعلقة بقطاع التعليم الهادفة إلى افتتاح سنة دراسية ناجحة، مضيفا أنها أرسلت بعثات إلى الولايات لتهيئة الافتتاح والإشراف على فعاليات هذه الحملة في المدن والقرى والأرياف بالتعاون مع السلطات العمومية وممثليها في المقاطعات والبلديات.
متابعة الحالة المادية للمؤسسات
وبدوره، أكد السيد الناجي السعيد، مفتش تعليم ثانوي، مكلف بالقطب الجنوبي، أن دوره في التحضير لافتتاح السنة الدراسية الجديدة هو مواكبة حضور الطواقم ومتابعة تقدم التسجيل والوقوف على الحالة المادية للمؤسسات، مع تقديم دروس نموذجية ودروس تقوية، ورفع تقارير حول مستوى التغطية التربوية، فضلا عن القيام بـ(1100) مشاهدة سنويا، مع إجراء المقابلات الميدانية مع الطواقم التربوية.
وأضاف رئيس القطب الجنوبي أن نواكشوط تتوفر على(125) مفتش تعليم ثانوي، و(64) مؤسسة ثانوية، وأن جميع الوسائل معبأة من أجل إنجاح الافتتاح الدراسي الجديد.
الاستعداد لتقديم الدروس
وبدورها، أكدت السيدة زينب بنت محمد ناجي مديرة مدرسة تفرغ زينة الابتدائية أن التحضيرات لاستقبال العام الدراسي الجديد قد اكتملت، حيث تم تنظيف المدرسة، وتم تنظيم الطاولات في القاعات الدراسية، وتم تسجيل التلاميذ الملتحقين بالسنة الأولى، وتم إعداد لوائح التلاميذ حسب مستوياتهم، وتوزيع المعلمين على الفصول الدراسية مصحوبين بجداولهم اليومية المتعلقة بتقديم الدروس.
وأضافت أن المدرسة على كامل الاستعداد لتقديم الدروس في اليوم الأول من الافتتاح لصالح (445) تلميذا من طرف (14) معلما في اللغتين العربية والفرنسية.
تنوع المستلزمات الدراسية
وفي سياق متصل، تتجه أنظار الموريتانيين هذه الأيام إلى العام الدراسي الجديد، لما يحمله من متطلبات ومستلزمات تستدعي من أصحاب الأسر مضاعفة النفقات لشراء احتياجات الأبناء الدراسية، مثل الحقيبة المدرسية وما تحتوي عليه من كتب ودفاتر وأقلام، فضلا عن شراء الملابس وغير ذلك من الأمور الضرورية، مما يجعل الإقبال في أشده على المحلات التجارية المتخصصة في بيع المستلزمات الدراسية، بالإضافة إلى المحلات المتخصصة في بيع ملابس الأطفال.
الرواج الكبير الذي يشهده السوق هذه الأيام لم يأت من فراغ، وإنما تعززه رغبة الأهالي في اقتناء كافة الاحتياجات الأساسية للدخول في عام دراسي جديد بشكل يتناسب مع حجم تطلعات الآباء والأمهات في رسم مستقبل أفضل للأبناء، حيث يزداد الضغط كلما تعددت المستلزمات وتقلصت الموارد المالية للأسرة.
عودة المدرسة الجمهورية
ويتطلع الموريتانيون إلى نظام تربوي يعتمد على قيم المدرسة الجمهورية، لما تحمله من معاني سامية، تستهدف تربية أجيال الغد على قيم المواطنة الصالحة، وعلى مبادئ أخلاقية تمجد الإنسان وتعترف بقيمته في المشاركة الفاعلة في بناء الأمة، من خلال تكوينه وتزويده بمختلف المعارف والمهارات الأساسية، فضلا عن تعريفه بالقيم الإسلامية والمجتمعية، وتربيته على أسس عصرية مدنية صلبة تمكنه من احترام ذاته، وتضمن له استقلاليته، بالإضافة إلى تدريسه بشكل يجعله قادرا على استيعاب كافة إشكالات العصر الحديث، لكي يساهم في تنمية بلاده، ويساعد في تحقيق تطلعات أمته في بناء دولة ديمقراطية قوية، ينعم فيها المواطن بالأمن والاستقرار والرفاهية.
هذه الرغبة الجماهيرية توازيها تطلعات عمومية بضرورة إصلاح التعليم، وهو ما أكده في أكثر من مرة الوزير الأول السيد إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا، خصوصا خلال استعراضه لبرنامج حكومته أمام الجمعية الوطنية، حيث قال:”ستسعى الحكومة إلى إقامة نظام تعليمي ناجع، قوامه مدرسة جمهورية تكرس مبادئ المساواة والإنصاف والتلاحم الاجتماعي، يتلقى فيها أطفالنا تعليما متجذرا في قيم ديننا الإسلامي الحنيف وثقافتنا العربية والإفريقية، تعليما منفتحا على متطلبات الحداثة، وقادرا على إكساب التلاميذ من المعارف والمهارات ما يضمن لهم النجاح في حياتهم الشخصية والمهنية”.
وأضاف: “سيتم الشروع في مسار تشاوري شامل، يستفيد من التجربة المتراكمة ومن مختلف تقارير تشخيص قطاع التعليم، على أن يفضي إلى صياغة قانون توجيهي يضع معالم المدرسة التي نحلم بها لأطفالنا ولأجيالنا المستقبلية”.
% 20من ميزانية للدولة للتعليم
وأوضح الوزير الأول أن الميزانية المخصصة للتعليم ستشهد ارتفاعا تدريجيا يوصلها إلى نسبة 20 % من الميزانية العامة للدولة قبل 2024، مشيرا إلى أن حكومته “ستركز على تأهيل المعلمين، وتحسين تكوينهم وكفاءتهم وظروف عملهم المعنوية والمادية، لضمان توفرهم بالأعداد الكافية في الفصول الدراسية، حيث ستتم إعادة هيكلة وتوسيع مدارس تكوين المعلمين، ومباشرة عملية تقييم للمدرسين، فضلا عن القيام بعمليات اكتتاب واسعة النطاق لتلبية حاجات القطاع”.
تقويم الخريطة المدرسية
وبخصوص التعليم الخصوصي، فقد بين الوزير الأول أنه سيتم اتخاذ التدابير اللازمة للتثبت من قيامه بمهمته على أحسن وجه، وفي تكامل مع التعليم العمومي، مضيفا أن الحكومة ستباشر تقويم اختلالات الخريطة المدرسية لجعلها أكثر عقلانية، وتطوير أساليب القيادة المتبعة باعتماد سياسة لامركزية، تتوزع فيها المسؤولية على مختلف هيئات التسيير، فضلا عن تعزيز وتقريب قدرات التفتيش والمتابعة والتقييم، وتطوير آليات تسيير ومتابعة المسارات الوظيفية للمدرسين في المؤسسات التعليمية.
وقال المهندس إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا:”سيتم اتخاذ الإجراءات الضرورية لجعل التعليم الإلزامي يمتد إلى سن14، في إطار سياسة تستهدف محاربة التسرب المدرسي، ولاسيما تسرب البنات، وتسمح بإعداد أفضل لتلاميذ التعليم الثانوي لمواصلة التعليم العالي، وتفتح أمامهم أبواب ولوج الحياة النشطة”.
وأشار الوزير الأول إلى أن هذه العملية سيواكبها بناء أقسام داخلية في المدارس، وتوزيع المنح، وتوفير النقل المدرسي، مع التركيز على تدريس المواد العلمية بعناية خاصة، على أن تتم مراجعة نظام مدارس الامتياز من أجل تدقيق مهمتها، وتحديد الشروط الكفيلة بجعلها أكثر نجاعة وشمولية.
رفع قدرات التكوين المهني
التعليم الفني هو الآخر يحظى بمكانة كبيرة في سياسة الحكومة، حيث بين الوزير الأول أنه سيجعل منه عامل دمج مهني حقيقي يضمن تلبية حاجات الاقتصاد الوطني من اليد العاملة المؤهلة، وذلك عن طريق إنشاء شبكة واسعة من آليات التكوين المهني والتدريب على المهارات المؤهلة، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مما سيسمح بمضاعفة الطاقة الاستيعابية الحالية لهياكل التكوين المهني من خلال تمكين 40 ألف شاب موريتاني من متابعة تكوين مهني ذي جودة عالية.
تمويل البحوث العلمية
وعلى مستوى التعليم العالي، فقد أوضح الوزير الأول أن حكومته ستعمل على زيادة قدرة الاستيعاب في مدرسة البوليتكنيك والمعاهد التابعة لها، وعلى استحداث معاهد ومدارس موجهة لمهن المستقبل، كالتقنيات الجديدة والتسويق والتجارة والتسيير، بالإضافة إلى العمل على ترقية تعليم عال يواكب التطورات المتسارعة في العلوم والمعارف، ويساهم بشكل فعال في الاستجابة لمتطلبات التنمية المستدامة، من خلال تحسين النفاذ، وترقية جودة ونوعية التكوينات المقدمة، وتطوير أساليب الحكامة الإدارية والتربوية والأكاديمية، مع توجيه البحث العلمي إلى الإشكاليات ذات العلاقة بتنمية البلد، واتخاذ إجراءات تحفيزية لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في تمويل البحث العلمي، لاسيما البحث التطبيقي، فضلا عن تفعيل المجلس الأعلى للبحث والابتكار، وإنشاء صندوق لتمويل البحوث والابتكارات العلمية.
اعتماد الزي الموحد
وفي إطار الإجراءات الهادفة إلى ترسيخ مبادئ الوحدة الوطنية، فقد شدد الوزير الأول على أنه سيتم إقرار مجانية التعليم ما قبل المدرسي بالنسبة للفئات الضعيفة، وإنشاء مركز للتكوين والتدريب على مهن الطفولة الصغرى، واعتماد زي موحد لكل التلاميذ، وتنفيذ برنامج للقضاء التدريجي على المدرسة الأساسية الخصوصية ابتداء من سنة 2020-2021.
خلاصة القول إن الاستعدادات العامة والتدابير الخاصة التي اعتمدتها الدولة من أجل ضمان نجاح الافتتاح الدراسي لهذا العام ستشكل منعطفا حاسما في تاريخ مسارنا التربوي، خصوصا إذا ما تم تفعيل السياسة العامة للحكومة من خلال متابعة تجسيدها على أرض الواقع، مع أهمية رد الاعتبار للمعلم، وجعله يحظى بالمكانة اللائقة به في المجتمع، من خلال تحسين ظروفه المادية والمعنوية، وإشراكه بشكل فعلي في التخطيط لمختلف مراحل العملية والتربوية.