عند ما تُدار الأمور بروية وبصيرة …./ د. شيخناحجبو

 

منذ أطلالته الأولى أمام الجمعية الوطنية كوزير اول ، لعرض السياسة العامة للحكومة، وما قدمه للنواب من شرح دقيق، مُشخصا حال الدولة والمجتمع، ومُرتبا وفق منهج واعد مراحل الإصلاح الكبرى، بدأه بإستدراك مُتأخرِ المُنجزِ الوعدْ لصاحب الفخامة في ابتداء حكمه، باسطا امام النواب المحاور الأساسية الكبرى للسياسة العامة للحكومة ، لم يكن صاحب المعالي المختار اجاي، بالرجل الذي يطلق الوعود ويفتح الآفاق، ويَعِد بما لا يستطيع تحقيقه، بل كان الرجل الذي يقدم الفعل مقرونا بالافصاح عنه بجدول زمني، لا تخطئه العين، يتكئ على رؤية استراتيجية محكمة الإعداد والترتيب، جعلت العرض مُبهرا حقا، ودليل إبهاره، ان القاعة البرلمانية اهتزت وربت، اهتزت بالتصفيق، وربت بالتأييد والدعم والاستعداد للمواكبة لإنجاز السياسة العامة المعروضة، ومن لحظته تلك، تبين ان الرجل يدخل بالغرفة وبالدولة والمجتمع مرحلة جديدة من كيفية بناء الدولة وتسيير شؤون المجتمع ، وعلى أي نحو يجب أن تدار أمورها وفق رؤية متبصرة، لا تنظر إلى الخلف إلا بمقدار أخذ العبرة للإستثمار الأقصى في تجنب الرخوِ والضعفِ و التباطؤ في إدارة أمور الدولة، كما قد حصل في العهود الماضية للدولة.
ولم يخرج صاحب المعالي من قاعة البرلمان، إلا وقد ضمِن سند وتضامن الغرفة معه لتنفيذ سياسته الواعدة، وهنا كانت البداية الصحيحة في كيفية إدارة شؤون الدولة والمجتمع، ونقصد النجاح في تعبئة ممثلي الشعب للمواكبة ودخولهم في معركة الإصلاح لمجتمع كان إلى عهد قريب تحريكه وبعث الأمل فيه، من الصعوبة بمكان، نتيجة الإحباط المتراكم واليأس المخيم عليه منذ مدة غير بعيدة، أحرى أن يأمل في الإصلاح الموعود، والرفاه المفقود،
وإحياء الأمل من جديد لينهض.
وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق إلا إذا أحس الناس واستانسوا صدق صاحبه، ومن آمارات ذلك، صدق الحديث مع الناس والفعل الخلاق و مصارحة المواطنين بحال الدولة وبالحاصل، وتعبئتهم ليكونوا جزءا من كيفية التدبير لبلوغ ما ترغب فيه النفوس ويتوق له الناس لتحسين حالهم الى الأفضل..
نجح صاحب المعالي حقا في تعبئة ممثلي الشعب، فانخرطوا معه في فلسفة الإصلاح، وأكمل الحلقة بالتعبئة الشعبية من خلال المنصات التي أنشأها ،منصة مجتمع الصحة ومنصة
مجتمع المدرسة ومنصة عين الرائدة ، ليضمن المشاركة الشعبية في تدبير شؤون الدولة والمجتمع، ويحقق ويبنى المنهج التشاركي، فيشارك المواطنون في تسيير شؤونهم، ويروا بأم أعينهم المنجز يتحقق بمشاركتهم الفعالة في التقويم، ورسم السياسات وتوجيهها، وقد نحج صاحب المعالي في اعتماد هذا المنهج التشاركي، وها هو المجتمع يعيش مرحلة من السياسة التشاركية في تسيير شؤون الدولة والمجتمع، لم يعهدها من قبل، بل كانت من الأمور الخارجة عن تفكيره أصلا ، ولم تكن تخطر على بال أحد منه، وبذلك دبت الحركة في المجتمع وانبعث الأمل وتعززت الثقة في الدولة وفي الحكومة وصار المواطنون جزءا من عملية البناء الوطني.
وتأتي عبقرية الرؤية ونفاذ البصيرة، عندما يتم تنظيم وإطلاق البعثات الوزارية القطاعية للنزول الى الميدان، لتفقد أحوال المواطنين وتدارس
أوضاعهم، ومعرفة حاجاتهم الأساسية من خلال الحديث المباشر معهم في أريافهم وقراهم وحواضرهم ومدنهم، ليتم وضع السياسات على معرفة وبصيرة من حال المواطنين، بعد ان كانت السياسات توضع على أساس التخمينات والتقارير غير الاستقصائية، فلا تلامس المطالب الحقيقة للمواطنين، فتنشط حركة الاحتجاج بشكل دائم نتيجة لعدم ملامسة السياسات لحاجاتهم، وخاصة المواطنين الأكثر احتياجا، والأقل خظا في سابق السياسات، عكس ماه هو حاصل الآن، حيث صارت السياسات عند وضها استجابة لحاجيات معاشة، يتم ترتيب الأولويات فيها لتنجز وفق منهج تدرجي محكم المراحل في مداه القريب والمتوسط والبعيد، تحشد له الوسائل وتعبأ له المصادر القادرة على التخطيط والتنفيذ، وتحشد له جميع القوى للمشاركة في إنجاحه، ابتداء من ممثلي الشعب والقوى التنظيمية ومنها الاحزاب السياسية، والنقابات والمجتمع المدني والوجهاء والفاعلون الجمعويون، مرورا بالمواطنين البسطاء، وانتهاء بأعضاء الحكومة.
إنها حقا معركة التنمية الشاملة، بمعني الكلمة، معركة الشعب ملتحما بجميع قواه مع الحكومة، الجميع انصهر في خندق واحد، هو خندق الإصلاح والبناء، لتحقيق التنمية المستدامة وتحقيق رفاه المواطنين.
إنها ببساطة دينامية مبدعة وخلاقة تتحقق تباعا، بفضل الروية والبصيرة التي تدار بها، وما ذاك إلا نتيجة لفهم عميق ودقيق لرؤية صاحب الفخامة محمد ولد الشيخ الغزواني “طموحي للوطن”،ُ يترجم على أرض الواقع، بعبقرية مبدعة في كيفية تحقيق ذلك الطموح من خلال منجز يشارك الجميع في تحقيقه، ومن البديهي أن ذلك ما كان ليتحقق لو لم تكن الأمور تدار على نحو من الروية والبصيرة المستندة على الترشيد والحكامة .
د شيخنا حجبو

مقالات ذات صلة