وتر حساس ../بين فكي كماشة..!
تقف موريتانيا خائبة بين تيارين يسدان الطريق أمام رغبة اللحاق بركب الأمم؛ تيار أدبي يحتمي من ضعفه في أدب حقب الماضي الذي سبق حراك النهضة في أوج عطائها التحرري من قيود الماضي وحسن بلائها الذي مهد في الواقع لتحول عميق وإيجابي في الحركة الأدبية العربية المشرقية والمغاربية.
وإذ كان شعر السلف، في تلك الحقبة التي سبقت عصر النهضة واستقلال البلد، شعرا رصينا صنع لأهله هالة من المجد في كل الأمصار ـ الذي حملته إليها قوافل الحجيج مزدانا بعلم “مالكي” متقن توطن حافظة العقول والقلوب قبل طيات الكتب لندرة الكاغد أيامها، الأمر الفريد الذي كان يبهر الآخرين ويفرض إعجابهم واحترامهم – فإن الاكتفاء بالتلويح بـ”منتج” هؤلاء الأجداد “الأدبي” تارة، وعرضه تباهيا تارة أخرى، وقد تجاوزوه الحراك الأدبي العربي و العالمي المتجدد باضطراد، هو ضرب بديهي من الاعتراف بالعجز عن إنتاج أدب خاص يعبر عن واقع الحال و يجاري مسار الحداثة .
وأما التيار الثاني فـ”ديني الضيق” يقف حجر عثرة أمام استفادة البلد ومواطنيه من مزايا العصر وما تتيحه وسائل المعرفة الشاملة والعلم المبهر والتطور الهائل ورغد العيش بما وهب الله وسخر من الامكانات إلى ذلك وأعطى عباده من النعم.
وإذ لا يريد هذا التيار أن يرى بموضوعية أن الدين الحنيف صالح لكل زمان ومكان وأنه أول موجه، في محكم التنزيل ومتن السنة الغراء، إلى العلم والأخذ بنعمه وقد سخر للإنسان وأكثر من الحلال والمباح للامتناع عن الحرام، فإن هذا “التيار”، الذي يرفض الخروج من “عباءة” الأجداد الالمعيين ونتاج أنظامهم البديعة وعلمهم الغزير “المبهر” في زمنه، يضيق الخناق على الشعب المسلم كله، فلا يعينه على مصاحبة العصر بتحيين المادة الفقهية التي يترتب عليها اكتساب السلوك المطلوب حتما للتكيف مع متطلبات العصر وحيثيات البقاء فيه، وكذلك التوجه بمتاح التحول والعلوم و المعارف وضروري التأويل ومفروض الاجتهاد الى فضاء العطاء الإيجابي والبناء السوي وأخذا بالحداثة التي تَجُب، في كل مرة، ما قبلها شكلا ومضمونا..
ال لي سيدي هيبه