التنمية الشاملة في ظل السلام المستديم مطلب إفريقي بإمتياز …/ بقلم د. محمد الراظي بن صدفن

تعرف الأمم المتحدة التنمية المستدامة من حيث المفهوم الاصطلاح الاقتصادي والاجتماعي بأنها هي التنمية التي تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والبيئية إلى جانب الأبعاد الاقتصادية لحسن استغلال الموارد المتاحة لتلبية حاجيات الأفراد مع الاحتفاظ بحق الأجيال القادمة.
ومن أهم الأهداف التي تضمنتخا خارطة الطريق الأممية لتحقيق التنمية المستدامة تحسين الظروف المعيشية لكل فرد في المجتمع و تطوير وسائل الإنتاج وأساليبه. وعلاوة على ذلك فإن التنمية من حيث الرؤية الإستيراتيجية هي وسيلة لتلبية إحتياجات الحاضر و مراعاة المستقبل من خلال المحافظة علي التوازن بين النمو الاقتصادي و الاجتماعي . وهو ما يضمن للبشر حياة مديدة و صحية في بيئة يحظون فيها بوسائل المعرفة المطلوبة و
يتمتعون فيها بمستوي لا ئق من المعيشة.

و من أهم التحديات التي تواجهها القارة الإفريقية اليوم:
– إرتفاع معدل المديونية الذي انعكس سلبًا على معدل النمو و أنهك ميزانيات العديد من الدول الإفريقية التي تجاوزت
نسبة متوسط الدين فيها ناتجها المحلي الإجمالى، الشيء الذي يمنعها من الشروع
في تنفيذ خطط تنموية شاملة،
• غياب البنية التحتية الضرورية للتنمية وهو ما يعيق الإنطلاقة الفاعلة لتطوير القطاعات الصناعية.
• انخفاض مستوى التعليم و الضعف الواضح في امتلاك وسائل التكنولوجيا التي تساعد على الإنتاج.
• ⁠هجرة اليد العاملة الإفريقية و خاصة
الشباب مما ينذر بإفراغ القارة من قوتها الإنتاجية التي يمكن أن تسهم في تنمية الدول الصناعية.
ومع كل المعوقات التنموية السابقة الذكر تعاني القارة الإفريقية من تحد آخر يتمثل
في غياب الحكامة الرشيدة في مجال تسيير الشأن العام و ضعف التسيير وحسن التدبير للمشروعات التنموية في العديد من دول القارة مما تسبب في وجود حالة من عدم الاستقرار السياسي في بعض دول القارة، وأفسح المجال أمام تدخل بعض القوى الأجنبية في شأنها الداخلي، و هو ما يشكل
انتهاكا صارخًا للمواثيق الدولية و يهدد الآمن و السلم الدوليين .
وفي هذا السياق فقد جاء خطاب فخامة رئيس الجمهورية رئيس الإتحاد الإفريقي السيد محمد ولد الشيخ الغزواني أمام مجموعة بريكس، في دورتها السادسة عشرة بروسيا الإتحادية، ترجمة حقيقية لهموم القارة السمراء ، عندما طالب بضرورة إقامة تنمية مستدامة و ناجعة قائمة علي تضامن و تعاون دولي راسخ، لأن من وجهة نظره كل التحديات التنموية الإفريقية مردها ضعف مستوى التعاون المتعدد الأطراف
واختلالات منظومة الحكامة الدولية المالية و السياسية و النقص البين في
التضامن وتضافر الجهود إقليميًا و دوليًا.

وقد عزز رئيس الجمهورية خطابه بمقترحات ومطالب تصب كلها في مصلحة القارة تهدف كلها لإيجاد حلول ملائمة لمشكلة المديونية و إقامة البني التحتية الداعمة للنمو و نقل التكنولوجيا
و تعزيز المنظومات التعليمية و التقنيات
الجديدة بالنسبة لكامل الدول الإفريقية
حتي تتمكن هذه القارة الأقل نموًا من النفاذ إلي التمويلات الضرورية التي تناسب أولوياتها.
ودعا فخامة الرئيس مجتمع لبريكس إلى التفكير في إعادة صياغة العلاقات السياسية مع إفريقيا على أساس جديد يصحح ما يطبعها في الوقت الراهن من الحيف و الكيل بمكاييل متفاوتة و ما تحمله من تغافل عن القيم الإنسانية الجامعة و القرارات و المعاهدات الدولية، مما أدى إلى ما نشهده اليوم من مجازر وحشية في فلسطين و لبنان و من عنف مستشري يهدد أمن إفريقيا و إستقرارها ويعيق جهودها الإنمائية.
و بالرغم من أن كل هذه الأفكار البناءة
الواردة في خطاب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني تشكل مطلبًا إفريقيا بامتياز،
فإنها تطرح من جديد إشكالية السلم المستديم الذي يراعي سيادة القانون
و الندية في العلاقات الدولية .و هي جرأة
سياسية تحسب للرجل وتستحق الإشادة
و التثمين من لدن الجميع .

مقالات ذات صلة