البيان المشترك المتوج لزيارة رئيس الحكومة الإسبانية ورئيسة المفوضية الأوروبية لبلادنا
أكد فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، أن تأثير الحالة الأمنية الإقليمية لا تختص بها المنطقة الإقليمية فقط، بل تشمل آثاره ما هو أبعد من ذلك.
واقتناعا منه بأن بناء السلام والاستقرار عمل جماعي في جوهره، شدد فخامة رئيس الجمهورية على ضرورة مواصلة التعبئة الدولية لصالح الأمن والتنمية في منطقة الساحل.
من جانبهما أكد رئيس الحكومة الإسبانية، السيد بيدرو سانشيز، ورئيسة المفوضية الأوروبية، سعادة السيدة أورسولا فون دير لاين، عمق وتنوع علاقات التعاون الوطيدة بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي، من جهة، وموريتانيا ومملكة إسبانيا من جهة أخرى.
جاء ذلك في بيان ختامي مشترك توج الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الإسبانية ورئيسة المفوضية الأوروبية لبلادنا اليوم الخميس.
وفيما يلي نص البيان:
“أدت السيدة أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية والسيد بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية زيارة مشتركة للجمهورية الإسلامية الموريتانية يوم 8 فبراير، اجتمعا خلالها بفخامة السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
وخلال الاجتماع، أجرى القادة الثلاثة مباحثات معمقة، ركزت من جهة، على العلاقات الاستراتيجية التي تربط موريتانيا بالاتحاد الأوروبي، ومن جهة أخرى، على العلاقات الثنائية الودية والوطيدة بين مملكة إسبانيا والجمهورية الإسلامية الموريتانية.
وشدد القادة الثلاثة على عمق وتنوع هذه العلاقات التي تغطي مجالات مختلفة، سياسية واقتصادية وتجارية وثقافية وتعاون أمني.
وإدراكا منهم لحجم وأهمية هذه العلاقات، فقد شددوا بصفة خاصة على المبادئ الأساسية التي ينبغي أن تُوجه تعاونهم، من قبيل التشاور البناء والاحترام المتبادل وروح الثقة والشفافية والسعي الدائم للفعالية واحترام الالتزامات.
من جهة أخرى، أكدوا كذلك على تمسكهم بالقيم الشاملة التي يتشاركونها من قبيل احترام الحقوق الإنسانية والسلام والأخوة.
كما أعربوا، علاوة على ذلك، عن ارتياحهم لتعميق الشراكة بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي والتي يغذيها تلاقي المصالح وتقاسم القيم المشتركة والإيمان بالديمقراطية.
وفي هذا السياق، نوه الزعيمان الأوروبيان بدور موريتانيا كداعم للاستقرار في محيط إقليمي يواجه تحديات أمنية جسيمة.
وفي هذا الصدد، التزم الزعيمان الأوروبيان بتعزيز موريتانيا بالدعم اللازم لترسيخ دورها المركزي والإيجابي في شبه المنطقة وقدرتها على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية المتعددة بفعالية في إطار من التنمية الشاملة والمستدامة.
ورحب القادة الثلاثة بالمرحلة الجديدة التي وصلها بناء علاقات قوية ومتنوعة ومفيدة للطرفين.
وتهدف هذه الديناميكية الجديدة إلى تكثيف التبادلات في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وخاصة في مجال الطاقات المتجددة، في وقت يتجه فيه العالم نحو اقتصاد معدوم الأثر الكربوني بهدف إيجاد حلول بيئية نظيفة.
ورحب القادة الثلاثة، في هذا الصدد، بمبادرة “فريق أوروبا” الموقعة في أكتوبر الماضي في بروكسل، والتي يعول عليها في أن تصبح أساسا للتعاون المثمر في مجال الهيدروجين الأخضر بين الاتحاد الأوروبي وموريتانيا.
وتمشيا مع روح هذا التوجه، ستزور بعثة من الشركات الأوروبية موريتانيا في مارس المقبل لاستكشاف فرص الاستثمار استكمالا للطاولة المستديرة حول الهيدروجين الأخضر، التي عقدت في 08 فبراير، في انواكشوط.
ونظرا للحاجة الملحة في إقامة بنية تحتية طرقية جديدة بين نواكشوط ونواذيبو من أجل تطوير فعال لقطاع الهيدروجين الأخضر، شددت الرئيسة فون دير لاين، على الاهتمام القوي لدى الاتحاد الأوروبي بدعم هذا المشروع في إطار مبادرة “البوابة العالمية”.
كما يتم دعم الجهود الهامة التي تبذلها الحكومة الموريتانية لإنتاج الكهرباء اللازمة لتنميتها الاجتماعية والاقتصادية في إطار التعاون مع الاتحاد الأوروبي، ولا سيما من خلال برامج الكهربة الريفية.
بالإضافة إلى ذلك، يدرس الاتحاد الأوروبي إمكانية تقديم الدعم المالي لبناء خط جهد عالي بين انواكشوط والنعمة ليشكل رابطا مهما في منصة شبكة الكهرباء الإقليمية.
كما تمت الإشادة بدعم الاتحاد الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي وإسبانيا لقطاعات البنية التحتية الرقمية والصحة والصيد والزراعة.
ومن الممكن أن تدرس إسبانيا مع مؤسسات متعددة الأطراف إمكانية التمويل المشترك لمشاريع تنموية جديدة في موريتانيا. كما تلتزم إسبانيا بتسهيل التمويل للشركات الراغبة في الاستثمار في موريتانيا.
ولتعزيز التعاون بين موريتانيا ومملكة إسبانيا وإدراجه في أفق الأمد الطويل، فقد تم التوقيع على الاتفاقية الإطارية الجديدة للتعاون الثنائي بين البلدين.
وفيما يتعلق بمجال الأمن، قدم رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، تحليله للحالة الأمنية الإقليمية وآثارها، ليس على منطقة الساحل وإفريقيا بشكل أعم فحسب، بل على ما هو أبعد من ذلك، مع تأكيد فخامته على وجاهة المبادئ والأهداف التي عليها تأسست مجموعة دول الساحل الخمس.
واقتناعا منه بأن بناء السلام والاستقرار عمل جماعي في جوهره، شدد فخامة الرئيس على ضرورة مواصلة التعبئة الدولية لصالح الأمن والتنمية في منطقة الساحل.
وعبر القادة الثلاث عن نفس القلق إزاء تزايد عدم الاستقرار في المنطقة والذي يعرض للخطر كل جهد إنمائي. ورحب رئيس الحكومة الإسبانية ورئيسة المفوضية الأوروبية بالدور المحوري لموريتانيا في الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في منطقة الساحل.
كما قرر الزعيمان الأوروبيان تعزيز تعاونهما مع موريتانيا في مجالات السلام والأمن.
وهكذا أكدت الرئيسة فون دير لاين، دعم الاتحاد الأوروبي لقوات الدفاع والأمن الموريتانية، بتجهيز كتيبة موريتانية جديدة لمكافحة الإرهاب. وفي الوقت نفسه، أعربت عن استعدادها للمساهمة، في إطار الجهود المشتركة، في ضمان استمرار كلية الدفاع لمجموعة دول الساحل الخمس في القيام بأنشطتها.
ورحب القادة الأوروبيون بالجهود التي تبذلها موريتانيا لاستقبال اللاجئين، واعترفوا بالضغط الذي يشكله ذلك على الموارد والسكان المحليين؛ حيث تستضيف موريتانيا حاليا أكثر من 150,000 نازح مع حركة تدفق لا تتوفق. وأشار الطرفان أيضا إلى الحاجة الملحة لدعم من المجتمع الدولي، يناسب حجم التحديات الناشئة عن هذه الوضعية على مستوى رعاية اللاجئين ومساعدة المجتمعات المستضيفة.
كما أعلنت الرئيسة فون دير لاين، عن تعزيز الدعم للاجئين والمجتمعات المستضيفة لهم بما يلبي تطلعات الجانب الموريتاني.
ومن جانبه، أعلن رئيس الحكومة الإسبانية عن نيته مضاعفة المساعدات الإنسانية للاجئين في عام 2024.
كما أعرب القادة الثلاثة عن قلقهم إزاء زيادة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، وما ينجر عنها من معاناة وانتهاكات وخسائر في الأرواح. وتعهدوا بتعزيز تعاونهم من أجل تفكيك شبكات الاتجار بالبشر ومكافحة الهجرة غير النظامية مع ضمان حماية واحترام الحقوق الأساسية للمهاجرين وملتمسي اللجوء واللاجئين.
وفي هذا السياق، تعمل إسبانيا وموريتانيا بالفعل على برامج الهجرة الدائرية، حيث يتم تطوير برامج رائدة. كما شدد القادة الثلاثة على أهمية مساعدة قوات الأمن الموريتانية في مكافحتها لتهريب المهاجرين.
والتزمت رئيسة المفوضية بتعزيز هذا التعاون في إطار شراكة منظمة في مجال الهجرة بين الاتحاد الأوروبي وموريتانيا، لمساعدة موريتانيا على مواجهة التحديات في مجالات إدارة الهجرة والتهجير القسري وكذلك الأمن والتنمية. ويعتزم الاتحاد الأوروبي تعزيز دعمه المالي في هذا المجال، وكذلك الاستفادة من خبرة الوكالة الأوروبية فرونتكس.
وعلى هذا فإن المصالح المختصة في حكومة الجمهورية الإسلامية الموريتانية والمفوضية الأوروبية، مكلفة بمواصلة العمل الذي بدأ في ديسمبر 2023 لتعزيز الحوار، بهدف إقامة شراكة بخصوص الهجرة، تأخذ في الاعتبار أهداف كل طرف وما يتعين وضعه من تدابير.
حرر في نواكشوط بتاريخ 8 فبراير 2024″.