التحديات التي تواجه الاعلاميات الموريتانيات في الوصول لمركز صنع القرار

 

مدريد- اسبانيا

 

مشاركتي في ملتقى اختتام مشروع التغييرات الجندرية في المؤسسات الإعلامية 9/5/2022/

في بلدي موريتانيا ، لا يختلف واقع المرأة الإعلامية عن نظيراتها في باقي الدول العربية ، حتى تلك التي وصلت إلى مرحلة متقدمة من الإنفتاح في الإعلام .
فالتحديات هي ذاتها التي تواجه الإعلاميات العربيات ، نتيجة لروابط الثقافة والحضارة وتشابه العادات والتقاليد في هذه المجتمعات ، التي نتح عنها نظرة نمطية تضع المرأة في زاوية محددة ومقيدة وهي دورها الحيوي كأم ومربية ، لا يتقبل غيابها عن المنزل لفترات طويلة لدواعي العمل، في محاولة لعزلها عن القيام بدورها التوجيهي والتوعوي ومشاركتها في التنمية.

آثار هذه النظرة السلبيةيضاف إليها معوقات أخرى وإن تنوعت باختلاف المناطق ودواعيها الأمنية والإقتصادية والسياسية تبقى في مجملها متشابهة في معظم المجتمعات العربية ، وتحمل طابع تمييز الرجل وهيمنته على المشهد الإعلامي .

فالثقافة الذكورية تمنحه غالبا نصيبا أكبر لدى الحديث عن المناصب الإدارية وأماكن صنع القرار في المؤسسات الإعلامية، مما يعزز سيطرة الصحفيين على المزايا والفرص، في الوقت الذي تقدم الصحفية نفس العمل وقد تتفوق فيه على زميلها الرجل .

كذلك لايزال وجود الإعلامية القيادي في أعلى هرم المؤسسات الإعلامية ضعيفا ويحتاج إلى توازن ، لأن هناك نماذج وتجارب نسائية رائدة تستحق الصدارةوتستحق الثقة ، لأنها كافحت وناضلت وقدمت تضحيات و تجارب جديرة بالتقدير والتثمين والإحترام .

أيضا هناك تحديات على مستوى المحتوى الإعلامي والمخرجات الإعلامية والمضامين التي تتناول قضايا وصورة المرأة، بسبب بعد الصحفية عن اتخاذ القرارات ورسم السياسات والخطط البرامجية لهذه المواضيع .
يقول أحد خبراء الإعلام العرب : النظرة النمطية للمرأة ( التنميط)، التهميش بالإضافة إلى إجازات الأمومة ، تحديات غير مهنية تواجه الصحفيات ، وبرغم إنها منفذ جيد للسياسات الإعلامية إلا أنها ليست راسمة لها “.

الإعلام بشكل عام لازال مقصرا في تناول قضايا المرأة في غير المناسبات التي تعنيها والمرتبطة بها ارتباطا مباشرا ، كما يعتبر فرض برامج معينة عليها كمواضيع للتناول ( الأسرة والأم والطفل ) تعتبر تكريسا لدور لم تعد المرأة الإعلامية بخبرتها وتجربتها تقف عنده .

إن انعدام الثقة بقدرتها على إدارة مختلف الملفات الإعلامية ، ندرة التكوين ،تعدد المشاق والعراقيل التي تواجه العاملات في الحقل على مختلف الأصعدة ، مع غياب الفرص الوظيفية والتأهيلية وغيرها من التحديات، واجهتها الإعلامية الموريتانية بروح التحدي والصمود، ورفع سقف الطموح والمطالب ، و عبر ولوج قوي للميدان مع اكتساب المهارات، وتنوع الأدوار، وقدمن من خلال ذلك تجارب ناجحة ومتميزة، وحصلن على مكاسب مهمة، عكست صورة إيجابية عن عملهن وأظهرت تميزا في إيصال الرسالة الإعلامية بعيدا عن القوالب الجامدة .

ومع تشكيل الدولة الموريتانية في العام 2020 للجنة إصلاح وتمهين الإعلام، قامت هذه اللجنة بالتشاور مع الهيئات الإعلامية في البلد ، من ضمنها الهيئات الإعلامية النسائية للعمل على سن قوانين ضابطة وناظمة للحقل الصحفي، وتم إشراك الإعلاميات في اللجان والورشات العاملة في هذا المجال .

وقد بدأت ثمار هذا الإصلاح تؤتي أكلها بخروج قوانين جديدة ، تمكن من دفع مسار إصلاح الإعلام وتطويره ، ومن المنتظر أن تنال فيه المراة الإعلامية مكانتها المناسبة .

إن مشروع التغيير في السياسات الجندرية للمؤسسات الإعلامية الذي شاركت فيه مع زميلاتي من الوطن العربي ، مكن من تعزيز وتحسين خبراتنا في السياسات والإستراتيجيات للمؤسسات الإعلامية وتمكيننا من العمل عبر التواصل المشترك بيننا وبين هذه الهيئات ، على إحداث الأثر الإيجابي فيها ، بالإضافة إلى مد جسور التواصل بيننا كإعلاميات عربيات لمواصلة تحقيق كل الأهداف المرجوة ومتابعة تنفيذ التوصيات التي ستشكل خارطة الطريق من أجل القضاء على هذه التحديات والعراقيل التي تواجه الإعلاميات في كل الدول العربية .

اتفرح أحمددوله المهدي
صحفية وإعلامية

مقالات ذات صلة