الخيمة الدبلوماسية تتألق في مهرجان مدائن التراث
وادان 11 دجمبر 2021( الهدهد. م.ص)
في حدث هام ومتميز اليوم السبت 11 ديسمبر ، وضمن فعاليات اليوم الثاني من مهرجان مدائن التراث في مدينة وادان التاريخية ، نظمت وزارة الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج احتفالية خاصة بالسفراء الأجانب واعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد في موريتانيا وضيوف مهرجان وادان ، تمثلت في ” الخيمة الدبلوماسية ” ، التي ضربت أطنابها على مشارف قلعة وادان الأثرية في أحضان معالم التاريخ والأصالة وامجاد التراث .
فعاليات الخيمة الدبلوماسية افتتحها – في إطار حفل غداء فخم على شرف الضيوف – معالي وزير الخارجية السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد بحضور معالي وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان الناطق باسم الحكومة السيد المختار ولد داهي ، ووالي آدرار وعمدة وادان وعدد من كبار المسؤولين والشخصيات الثقافية والعلمية والأمينين العامين لوزارتي الخارجية والثقافة ، وسفراء الدول المعتمدين في بلادنا .
أبرز فقرات الخيمة الدبلوماسية كانت الخطاب القيم الذي القاه معالي وزير الخارجية إسماعيل ولد الشيخ أحمد والذي ركز فيه على الأبعاد العميقة المختلفة لهذا الحدث التاريخي في اكناف مدينة وادان الأثرية المصنفة تراثا عالميا للإنسانية ، والتي ظلت عبر القرون ذاكرة إنسانية مشتركة غنية جدا بالمبادلات الثقافية والاقتصادية في سياق حضارة المنارة والتجارة ، التي جسدها بلا حدود شعاع مدن القوافل وفي مقدمتها وادان ، جوهرة الصحراء التي جمعت بين حلاوة التمر وطلاوة العلم ، والتي عرفت باعلامها الكبار مثل الطالب أحمد ولد اطوير الجنة وغيره من جهابذة العلماء وسفراء المحظرة الشنقيطية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس .
وأضاف معالي وزير الخارجية إسماعيل ولد الشيخ أحمد أنه في هذا السياق بالذات تتنزل أهمية الدبلوماسية الثقافية والقوة الناعمة لأرض المنارة والرباط ، التي مافتئت في كل زمان ومكان سفارة مفتوحة لمنظومة كبرى من قيم التسامح و احترام الآخر التي شعت بها هذه الربوع في سبيل من الوسطية والاعتدال والسلام الذي هو السمة الحقيقية لهذا الإسلام الذي جاء به خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين.
وتأكيدا لهذه القيم السمحة ولسفارة بلاد شنقيط الثقافية ، نوه معالي وزير الخارجية بخطاب فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني الفريد من نوعه ، الذي القاه فخامته في افتتاح النسخة العاشرة من مهرجان مدائن التراث في مدينة وادان ، والذي جاء جامعا مانعا لرؤية فخامته المستنيرة في مفهوم دولة المواطنة وثقافة قيم التعايش المشترك والمساواة بين الجميع ، حيث لا فرق بين أبناء هذا البلد إلا بالإنتاج والعمل الصالح ، وهي رسالة صريحة في رفض كل خطابات القبلية والشرائحية الضيقة ، التي قد يظن البعض واهما انها قد تجترح له مكانة او تقربه زلفى إلى ما يريد على حساب المبادئ العظيمة التي تأسست عليها الجمهورية الإسلامية الموريتانية .
وفي اول تعليق على خطاب رئيس الجمهورية التاريخي في وادان ، اضاف معالي وزير الخارجية ان فخامة الرئيس قد أعطى أيضا في هذا الخطاب ملامح برنامجه الطموح في مجال العناية بالثقافة والتراث ، وزيادة إشعاع الدبلوماسية الثقافية لهذه المنارات الكبرى ، التي عرفنا بها القاصي قبل الداني وسارت بها ركبان الشناقطة في كل حدب وصوب رسل خير ومحبة وتواصل إيجابي مع الثقافات والحضارات في مجتمع موريتاني غني بتنوعه العرقي والاجتماعي والثقافي هنا وهناك .
وقال وزير الخارجية والتعاون إن التحديات التي تواجهها منطقة الساحل والصحراء بسبب ظاهرة العنف والتطرف ، إنما جاءت وليدة خلل ثقافي وفكري عميق في فهم رسالة الإسلام وقيم التسامح فيه ، موضحا ان موريتانيا تساهم بدور فعال في احتواء هذه الظاهرة الغريبة من خلال مقاربتها الفكرية والأمنية معا ، وهو ما جعل بلادنا ولله الحمد تسير اليوم نحو مزيد من الآفاق الواعدة في أجواء من الأمان والسكينة والاستقرار ، وهو ما يدل عليه الآن هذا الحضور المكثف لضيوف الخيمة الدبلوماسية بوادان ، حيث لا صوت يعلو على المآذن والسلام وكرم الضيافة والمعاملة بالتي هي أحسن في ظل تعهدات رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني .
وقد تنوعت فعاليات هذه الخيمة الدبلوماسية ، والتي تميزت كذلك بمحاضرة هامة للأستاذ والنائب البرلماني الدكتور الخليل النحوي حول ملامح من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقيم التسامح في الإسلام، نالت إعجاب الحضور بما قدمه فيها من أضواء كاشفة في هذا المجال ، خاصة عندما تحدث أيضا بالفرنسية فقرب الصورة اكثر بلغة موليير إلى اذهان الدبلوماسيين الاروبيين والغربيين، بالإضافة طبعا إلى حديثه الأخاذ باللسان العربي المبين .
ولم تكن روح موسيقى ازوان وأهازيج المديح النبوي ، لتغيب عن أجواء الخيمة الدبلوماسية، حيث تم تقديم عروض رائعة من موسيقى التراث الطربي الأصيل، مع فرقة سدوم ولد ايدة الشهيرة ، ولوحات أيضا من المديح النبوي بأصوات وإيقاعات حية، أدخلت البهجة والسرور على جميع الحضور .
وضمن فقرات الخيمة الدبلوماسية أيضا، تمت متابعة فقرات مسرحية فريدة من نوعها ، قدمتها فرقة المسرح الموريتاني، عن رحلة القوافل وعطاء الثقافة والتراث في مدينة وادان ، كما القى الشاعر والدبلوماسي في باريس سيدي ولد الأمجاد قصيدة جديدة بمناسبة الخيمة الدبلوماسية بعنوان: ( حداء بين نجد ووادان ) ، نالت إعجاب الجميع وخاصة الوزيرين إسماعيل ولد الشيخ أحمد والمختار ولد داهي ، قبل أن يلتقط الضيوف صورا تذكارية جماعية في الخيمة الدبلوماسية، على مشارف لوحة طبيعية جميلة لمدينة وادان .
وفي الأخير توجهت قافلة الخيمة الدبلوماسية لزيارة واكتشاف ، المعلم الجيلوجي والسياحي المعروف ،قرب وادان وهو قلب الريشات او عين الصحراء كما تطلق عليه وكالة ناسا الفضائية والتي صنفت هذا الموقع كأجمل واندر موقع من نوعه في العالم .