قصيدة : في ذكرى رحيل الشهيد صدام حسين
قصيدة رائعة رثى بها شاعر القادسية عبد الرزاق عبد الواحد المجاهد الشهيد صدام حسين المجيد يقول فيها :
لستُ أرثيكَ.. لا يَجوزُ الرِّثاءُ
كيفَ يُرثى الجَلالُ والكِبرياءُ؟!
لستُ أرثيكَ يا كبيرَ المَعالي
هكذا وَقفةُ المَعالي تشاءُ!
هكذا تصعَدُ البطولةُ للهِ
وَفيها مِن مجدِهِ لألاءُ!
هكذا في مَدارِهِ يَستقرُّ ال
نجمُ.. ترتجُّ حَولهُ الأرجاءُ
وهوَ يَعلو.. تبقى المَحاجرُ غرقى
في سناهُ وَكلها أنداءُ!
لستُ أرثيك..كيفَ يُرثى جنوحُ ال
روح ِللخُلدِ وَهيَ ضَوءٌ وَماءُ
لا اختلاجٌ بها، وَلا كدَرٌ فيها
رَؤومٌ.. نقية ٌ.. عصماءُ
ضخمة ٌ..فرْط َ كبْرِها وَتقاها
يستوي المَوتُ عندَها والبقاءُ!
*
كنتُ أرنو إليكَ يومَ التجَلي
كنتَ شمسا ً تحيطها ظلماءُ
أسداً كنتَ طوَقته ُ قرود ٌ
وأميراً حفتْ بهِ دَهماءُ
وَهوَ كالفجرِ مُسفِرُ الوَجهِ، صَلتٌ
بينما الكلُّ أوجُه ٌ سوداءُ
هكذا وَقفة ُ المعالي تشاءُ
كيفَ أبكيكَ؟..لا يليقُ البكاءُ
أفتبْكى وأنتَ نجم ٌ تلالا؟
كيفَ يبكى إذا استقامَ الضياءُ؟!
1
أفتبْكى وأنت تشهَقُ رَمزا ً
حدَّ أنْ أشفقتْ عليكَ السماءُ
فرْطَ ما كنتَ تدفعُ الموتَ لل
أرضِ وَترقى.. يَفيضُ منكَ البَهاءُ؟!
لستُ أبكي عليكَ يا ألقَ الدُّنيا
أتبكى في مجدِها العلياءُ؟!
أنا أبكي العراق.. أبكي بلادي
كيفَ في لحظة ٍطواها الوَباءُ؟
كيفَ في لحظة ٍ يُطأطِئُ ذاكَ ال
مَجدُ هاماته ِ، وَيهوي الإباءُ؟!
بينَ يومٍ وَليلةٍ يا بلادي
يتداعى للأرضِ ذاكَ البناءُ؟!
بينَ يومٍ وَليلةٍ تتلاشى
فيكِ تلكَ الوجوهُ والأسماءُ؟
كلُّ ذاكَ التاريخ..بابلُ..آشورُ
أريدو.. وأور.. والوَركاءُ
كلها بينَ ليلةٍ وَضحاها
وَطئتْ فوقَ هامها الأعداءُ؟!
وَإذَنْ أيُّ حرمة ٍللذي يأتي؟..
وَماذا أبقى لدَينا الفناءُ؟
ذِمة ً؟؟.. أيُّ ذِمة ٍ يا بلادي
بقيتْ فيكِ لم تطأها الدِّماءُ؟
أيُّ نفس ٍما أُزهِقتْ؟..أيُّ عِرض ٍ
لم يلغ ْ في عفافه ِالأدنياءُ؟
أيُّ نكراءَ لم تمارَسْ إلى أنْ
نسيَ الناسُ أنها نكراءُ؟!
هكذا؟.. بعدَ كلِّ ذاكَ التعالي؟
بَعدَ عينيكَ..هكذا الناسُ ساءُوا؟!
2
أم هيَ الحكمة ُ العظيمَة ُ شاءَتْ
لبلادي أنْ يحتويها البلاءُ
ليرى أهلها إلى أيِّ ذلٍّ
بعدَ ذاكَ الزَّهوِ العظيم ِ أفاءُوا؟!
ليرَوا كيفَ لحمهم يتعاوَى
حوله ُ الأقرِباءُ والغرَباءُ
فإذا الأبعدون محْضَ أكفٍّ
والسكاكينُ كلها أقرِباءُ!
*
أيها الهائِلُ الذي كانَ سدَّاً
في وجوه ِالغزاة ِمِن حيثُ جاءُوا
كانَ محضُ اسمِهِ إذ ا ذَكرُوهُ
تتعرَّى مِن زَيْفها الأشياءُ!
وَيكادُ المُريبُ، لولا التوَقي
وَيكادُ المنيبُ، لولا الرَّجاءُ
كنتَ رَمزا ً لفارِسٍ عرَبيٍّ
حلمتْ عمرَها به ِ الأبناءُ
كلُّ بيتٍ مِن العروبةِ فيهِ
منكَ سترٌ وَشمعةٌ وَغطاءُ
فتلاقتْ عليهِ أبوابُ أهلي
لا وِقاءا ً.. فأينَ منها الوِقاءُ؟
أغلقوها عليكَ دَهرا ً ولمّا
فتحوها اقشعرَّ حتى الهواءُ
سالَ غابٌ مِن الدَّبى والثعابين ِ
لبغداد ضاقَ عنهُ الفضاءُ
لم تدَعْ شاخِصا ًعلى الأرض ِ إلا
لدَغته ُ، حتى الصوى الصَّمَّاءُ
ثمَّ هيضَتْ بنا مَلاسِعُها السودُ
بما هاجَ حقدَها الأُجراءُ
3
كلُّ دار ٍ في عقرِها الآنَ أفعى
كلُّ طفل ٍ في مهدِهِ عقرَباءُ
وانزَوى أهلنا كأنْ لم يرَوها
أهلنا طولَ عمرهم أبرياءُ!
هكذاهكذا المُروءاتُ تقضي
هكذا هكذا يكونُ الوَفاءُ
أنْ تعضَّ اليدَ التي دَفعَتْ عنكَ
ففي قطعها يَزولُ الحياءُ
وَغدا ًحين تلتقي أعينُ الناس ِ
فكفٌّ كأختِها بتراءُ!
لا.. وحاشا العراق..لستَ عراقا ً
لو تمادى عليكَ هذا الوَباءُ
لستَ أرضَ الثوّار لو ظلَّ فينا
فضْلُ عِرق ٍ لم تجر ِمنهُ الدِماءُ
أنهُ مَرَّ بالترابِ ولم يسمَعْ
وَقد ضجَّ في الترابِ النداءُ!
فسلامٌ عليكِ أرضَ الشهاداتِ
تتالى في أرضكِ الشهداءُ
وَسلامٌ عليكَ يا آخرَ الرّاياتِ
ما نالَ مِن سناكَ العفاءُ؟
لا، وحاشاكَ..أنتَ سيفٌ سيبقى
وَلهُ، وَهوَ في الخلودِ، مضاءُ
هيبة ٌوَهوَ مُغمدٌ، فإذا ما
سُلَّ يَجري مِن شفرَتيهِ الضياءُ!
هكذا أنتَ غائبا ً.. فإذا ما
قِيلَ ميْتاً، فلتخْجل ِالأحياءُ!
رُبَّ موتٍ عدْلَ الحياةِ جميعا ً
هكذا جدُّكَ الحسينُ يُراءُ!
4
لا ترَعْ سيدي، وَحاشاكَ، أنتَ ال
جبلُ ال لا تهزُّه ُ الأنواءُ
نحنُ نبقى بنيكَ.. مازالَ فينا
منكَ ذاكَ الشموخُ والكبرياءُ
لم يزَلْ في عراقنا منكَ زَهوٌ
تتقيهِ الزَّعازِعُ النكباءُ
فيهِ قومٌ لو أطبقَ الكونُ ليلا ً
أوقدُوا كوكبَ الدِّماءِ وَضاءُوا!
أنتَ أدرى بهم فهم مِنكَ عزمٌ
وإباءٌ، وَنخوَة ٌ شماءُ
وَدِماهُم..لو أطفئَتْ غرَّة ُ الشمس ِ
قناديلُ مالهنَّ انطِفاءُ
جرَيانَ النهرَين ِ تجري لتسقي
فلتسلْ زَهوَ أرضِها كربلاءُ!
*
لا تُرَعْ سيدي، وَنمْ هادئ البال ِ
قريرَ العيون ِ.. فالأنباءُ
سوفَ تأتيكَ ذاتَ يوم ٍ بأنَّ ال
أرضَ دارَتْ، وَضَجَّ فيها الضِّياء